تيمناً بأطفال الإمام الحسين (عليه السلام) وتزامناً مع زيارة الأربعين، نظّمت جمعية المودة والازدهار ورشة إلكترونية بعنوان «تأملات تربوية في طفولة عاشوراء»، قدّمتها الباحثة في نهج البلاغة والمتخصصة في علم النفس الأستاذة فاطمة مرتضى معاش، وذلك في تاريخ 27 محرم 1447هـ، الموافق 23/7/2025م.
هدفت الورشة إلى تسليط الضوء على الملامح الروحية والسلوكية لأطفال كربلاء، وكيف يمكن أن تشكّل هذه النماذج مصدراً عملياً لغرس القيم الحسينية في نفوس أبناءنا والجيل الجديد وخاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه التربية، لا سيما التأثيرات السلبية للعولمة ووسائل التواصل الحديثة.
افتتحت الأستاذة الورشة بقصة رمزية عن سقراط، لتُبرز من خلالها أهمية التعليم القيمي للأبناء مقابل السعي المفرط وراء جمع الثروات.
وطرحت الأستاذة معاش تساؤلا جوهريا: "هل الأولوية في حياة الأمهات اليوم هي تأمين الطعام والشراب واللباس فقط، أم يجب أن تكون لنا خطة تربوية حقيقية قائمة على رضا الله وأهل البيت (عليهم السلام)؟"
وتطرّقت الأستاذة إلى حادثة وقعت بين الإمام الصادق (عليه السلام) ومؤمن الطاق، حين سأله الإمام عن واقع الشيعة في البصرة، فأجابه بأنهم قلة، فوصاه الإمام قائلاً: «عَلَيْكَ بِالْأَحْدَاثِ فَإِنَّهُمْ أَسْرَعُ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ»[1] وأشارت الأستاذة إلى أنّ هذا التوجيه من الامام (عليه السلام) يؤكد ضرورة التركيز التربوي على مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة.
واقتبست الأستاذة معاش من زيارة الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام): «بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلَالَة»[2]، وأوضحت أنه (عليه السلام) ضحّى بنفسه وبأهله وبكل ما يملك من أجل إنقاذ الناس من الجهل والضلال، ونحن نعيش في أجواء محرم وصفر، فهي ورقة رابحة لدى الجميع بالأخص لدى الأمهات للاستفادة من هذه الهداية الممدودة لاخراج أطفالنا من الجهالة وأن نربيهم تربية صالحة.
وقالت إن هذه الورشة تختلف عن الطرح المعتاد من حيث التركيز على أطفال عاشوراء لا الكبار فقط، وأضافت أن سبب اختيارها لهذا العنوان هو تأثرها بكتاب بعنوان "أطفال عاشوراء"، الذي وثّق سير شهداء كربلاء الأطفال والناجين منهم.
تناولت الورشة شخصيات أطفال الطف، مشيرة إلى أن كثيراً من النساء في كربلاء حضرن بإرادتهن لمساندة السيدة زينب (عليها السلام)، وأنّ تربية هؤلاء النسوة لأطفالهن جعلت منهم ومن أطفالهن قدوة تتكرّم بزيارتهم الآلاف اليوم.
وسلطت الأستاذة في الورشة الضوء على أربع صفات مشتركة في شخصية أطفال كربلاء، مؤكدة على البحث والاستلهام منها لغرس هذه الصفات في أولادنا.
1-محورية الله في الحياة: يتجلّى في تربية تعتمد على جعل الله محور كل سلوك وتفكير. و یظهر النهج التربوي الإلهي في تربية الأبناء على صورتين رئيسيتين:
أ) اختيار المنهج التربوي المؤدّي إلى التمحور حول الله.
ب) تعلیم نمط الحیاة الإلهي (Lifestyle) للأبناء، وذكرت نماذج لأطفال عاشوراء عن ذلك.
2-المرونة النفسية: وهي القدرة على التكيف مع الضغوط والتحديات واستعادة التوازن النفسي بعد التجارب الصعبة وذكرت نماذج عن أطفال عاشوراء وطرق عملية لغرس هذه الصفة في الأطفال.
3- الایمان بالمعاد والرؤية الاخروية، جمع بين الاعتقاد النظري والاستعداد العملي للموت، وذكرت نماذج عن أطفال عاشوراء وطرق عملية لغرس هذه الصفة في الأطفال.
4- جعل الولایة لصاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف) محوراً أساسیاً للفكر والسلوك من خلال معرفته، طاعته، نصرته، والاستعداد للتضحية من أجله، وذكرت نماذج عن أطفال عاشوراء وطرق عملية لغرس هذه الصفة في الأطفال.
وتضمنت توضيح هذه الصفات أمثلة كثيرة وعملية لمساعدة الأمهات على غرس هذه الصفات في الأطفال.
وتضمنت الورشة مجموعة من مقاطع الفيديو لتوضيح فكرة المرونة النفسية وكيفية الايمان بالمعاد وأخيراً فيديو مؤثر جداً عن أهمية الخدمة الحسينية التي تُثمر المعرفة لدى الأطفال وكان له تأثير بالغ في نفوس المشاركات.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار تسعى لتطوير القدرات والامكانيات التربوية للأمهات بهدف التعامل مع الجيل الجديد بأفضل طريقة وتقديم المواضيع الدينية بشكل يتلائم مع الفئة العمرية للأطفال.
اضافةتعليق
التعليقات