الكتاب: خطوات نحو النجاح
المؤلف: السيد جعفر الحسيني الشيرازي
الفئة: تنموي-ديني للناشئة
عدد الصفات: 104 صفحة
يعد هذا الكتاب من الكتب القيمة للناشئة التي تستقي الأفكار من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتضيف الطابع القصصي على محور الموضوع المطروح، يبدأ المؤلف بطرح السؤال الأكثر جدلاً وهو كيف نصنع الحياة الناجحة؟ ويقدم سلسلة من الحلول المستقاة من الدين الإسلامي الغزير بأساليب النجاح العملية لكل مفاصل حياتنا، فمن الأمور التي يحتاجها كل إنسان لعيش حياة كريمة ويصل إلى أعلى درجات الاستقرار والتقدم هي رضا الله والتقوى فهذا هو التوفيق بين الدنيا والآخرة ويحتاج إلى ثلاث عوامل رئيسية:
الأول: الإيمان مع الصبر وفي هذا العامل يذكر المؤلف جوانب من سيرة النبي يوسف (عليه السلام) فقد اتصف بالصبر في العديد من جوانب حياته.
الثاني: الأمانة، إن الله تعالى يوفق الإنسان الأمين في الدنيا قبل الآخرة، لأن طبيعة الحياة البشرية هي ظهور النبلاء رغم وجود فترة يتضرر فيها الانسان النبيل الأمين ويفتح له باب لخيانة الأمانة إلا أن نفسهُ تأبى ذلك، لكن النتيجة تكون لصالحهِ، قال تعالى (ولا نضيع أجر المحسنين).
الثالث: إن الايمان والأمانة وحدهما لا يكفيان، فإذا كان شخص ما أكثر الناس إيماناً وأمانة ويدخل في التجارة دون الالمام المعرفي بذلك فحتماً سيخسر أمواله لأن الايمان والأمانة شق والعلم شق آخر لذا يجب أن يجع الإنسان بين هذه العوامل الثلاث ليعيش حياة مستقرة وناجحة.
أقامت إحدى المجلات مسابقة ووضعت لها جائرة قيمة عنوانها (من هو المسؤول عن تخلف الأمة؟) فكانت الإجابات (القيادة، عامة الناس، الحكومات، وغيرها من الأجوبة العديدة لكن كانت الإجابة الفائزة هي الضمائر الاثنا عشر "هو، هي، هما، هم، هن، أنت، أنتما، أنتم، أنتن، أنا، نحن") وفي هذه الإجابة كان الكل مسؤول عن تخلف الأمة فالفرد الواحد قادر على تمثيل مستقبل أمة وفي هذا تجسيد لقول الرسول (صلى الله عليه وآله): "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".
ومن الأمور المهمة جداً التي أشار لها المؤلف في عدة أجزاء من الكتاب وهو التنظيم وأهميته ومذكور في فصل معنون بـ نظم الأمر ضالة الناجحين في الحقيقة هذا الفصل من أكثر الفصول الممتعة في القراءة فإذا أراد الأنسان أن يعيش حياة خالية من المشاكل وخالية من المعرقلات مرتاح البال يجب أن يعمل ويسير وفق خطة ويستثمر أكبر قدر ممكن من وقته فعليه بالنظم فذلك يُعد من أهم خطوات النجاح في الحياة التي تبعدنا عن المشاكل أيضاً، فقد جاء في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام): "أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم".
فلو قرأنا حياة الناجحين نجد أن أهم أسباب نجاحهم هو التخطيط والبرمجة لذا يقال في عالم اليوم إن أهم وزارة هي وزارة التخطيط، وأهم صفة في الأم هو التنظيم والتخطيط وأنجح الطلبة هو أفضلهم تخطيطاً وتنفيذا فهناك بعض الناس يقومون بأعمال كبيرة ومهمة جداً، ومع ذلك يملكون متسعاً من الوقت، ربما يُصرف في العبادة أو في أمور شخصية أخرى، وربما نلاحظ أحدهم ليس مشغولاً بأعمال تذكر، ومع ذلك ليست لديه فرصة للقيام ببعض أوليات حياته؛ لأنه لم ينظم وقته فإذا نظم الإنسان وقته في المجال الشخصي والأسري والاجتماعي أو في حلقة أوسع، فسوف يجد متسعاً أكبر ليقضيه في حاجات أخرى، وفرصاً للنجاح أكثر والوصول إلى النتائج المرجوة.
إن تدوين أهداف كل يوم في ورقة هي أفضل طريقة لإنهائها وتأديتها فالأشياء المكتوبة باليد أفضل من أساليب الكتابة الأخرى وهذا التنظيم للوقت ليس بالضرورة أن يختص بالعلماء الكبار، بل أي إنسان عادي بإمكانه تنظيم وقته، رجلاً كان أو امرأة، أو طالب في المدرسة أو غيره من أفراد المجتمع، حينئذ يتضح للجميع حجم الفائدة التي يجنونها من الوقت المتاح أمامهم.
في فصل آخر يذكر المؤلف بأن النجاح له علاقة بإمداد غيبي ، هناك معادلتان تحكمان حياة الإنسان المعادلة الظاهرية والمعادلة الغيبية وهناك أسباب ظاهرية وأخرى واقعية، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نسلك الأسباب الظاهرية في حياتنا، وأما الواقعية الغيبية فهي خارجة عن قدرتنا ومرتبطة بتفاصيل أخرى، فإن الغيب مهيمن على الشهود، بمعنى أن الأسباب الظاهرية بيد الإنسان، ولكن الأسباب الواقعية مهيمنة على الأسباب الظاهرية؛ لذا نلاحظ في كثير من الأحيان أن الإنسان يراعي الأسباب الظاهرية ولا يصل إلى نتيجة؛ لأن الأسباب الواقعية لم تتوفر له ومثال ذلك: طلب الرزق، فهنالك بعض الناس يعملون ويجهدون في طلب الرزق ليل نهار، ولكن مع ذلك نجدهم صفر اليدين، بينما نجد أناساً آخرين يعملون بجهد أقل ويربحون كثيراً؛ لأن الرزق بيد الله.
يذكر المؤلف أن رعاية الفكر والعمل على تكريس القناعات فإن المحرك الأساسي للحياة هو فكره وقناعته، فعملية التفكير والقناعة هي التي تحمل إنساناً ليقوم بزيارة هذا الإمـام المعصوم (عليهم السلام) أو ذاك المزار المقدس، وهي نفسها التي تحمل آخرين للذهاب إلى أماكن ربما تجلب له المعصية، فالقناعة هي فكر يدور في ذهن الإنسان ثم يستقر على حالة معينة؛ لذا نجد في الآيات الكريمة والروايات الشريفة والأحكام الشرعية تأكيداً على الفكر وما يتعلق به.
لأجل أن تكون للإنسان النية الحسنة والطيبة، وتحويلها إلى قناعات راسخة، وتطبيقها على الواقع الخارجي، عليه أن يتبع مجموعة من الخطوات منها:
أولاً: أن تكون نيته وفكره خالصين.
ثانياً: الاستفادة من الجلسات والأحاديث الجانبية الخاصة، فهناك كثير من الأمور لا يجهر بها الإنسان في المجالس العامة، بسبب مراعاته للشؤون الاجتماعية وتفادياً للحرج، لكنه في الجلسات الخاصة مع خلانه وأصدقائه ربما يجد الأجواء مناسبة، وفي هكذا جلسات خاصة عادة ما يؤثر ويتأثر الإنسان فيها.
وفي باب آخر ركز المؤلف على أهمية التفكير وتأثيره في العمل، إنه علينا جميعاً أن نصقل أفكارنا، وأن نبعد الأفكار السيئة التي تأتي ضمن الأفكار، فهي تضر الإنسان حتى وإن لم يطبقها على أرض الواقع، وإن كان لا يوجد ثمة عقاب عليها؛ لأن النية إذا لم تظهر بيد ولسان فليس عليها عقاب، ولابد للتأكيد على جانب التوفيقات الإلهية وإن الله عز وجل لا يقدر ولا يفعل شيئاً اعتباطاً، وإن كل ما يقده ويفعله لابد أن يكون لسبب وحكمة، ولا يمكن أن نقول: إن الله قدر الخير أو الشر لشخص من دون سبب، وترتبط هذه الحكمة والمصلحة أو السبب في كثير من الأحيان بفعل الإنسان.
إذا كان لديك ابن أو ابنه في عمر الثاني عشر حتى الثامن عشر من الجيد إهدائه هذا الكتاب فهو قيم جداً ومناسب لفكر وعقل هذا العمر ومناقشة ابنك حول الأفكار الموجودة في الكتاب من خلال القراءة المشتركة فهذا يساعده على صناعة عقل ناقد ومفكر.
اضافةتعليق
التعليقات