أعلام السواد بانت معالمها في كل الأرجاء حولنا، وحرارة البكاء على سيد الشُهداء بدأت تسري في قلوب المحبين، الكُل يردد قصائد الحزن ويضج باللوعة ويُناظر الثأر، هذا المصاب الجلل قديم العهد في التأريخ يعود علينا كل عام وكأنه يحدث الآن ..!
يأتيك من يسأل لما الجميع على أهبة الاستعداد للعزاء؟ ولما كل هذا الإشتياق للشعور بالحزن والظلم والحسرة؟ لماذا يكبر هذا العشق العجيب و ينتشر كأنه عدوى وثيقة يتوق لإستقبالها المرضى لكي يشفون !
تجيبه الضمائر الحُرة والجوارح الهشيمة بحرقة وفَورة: لأن المقتول ماثَل عزيز ذو مكانة لا يرتقي إليها أحد وذا حكاية لن تروى مثلها وصاحب أعظم رسالة إلهية خُطت بدماء القرابين الطاهرة والأرواح المطهرة، بطل واقعة أليمة بكى عليها من في الأرض والسماء، انتهت بالنصر الوثيق الذي بات وأصبح على مرأى ومسمع الخليقة عند كل ذكرى حتى هذه اللحظة..
من أجل الإنسان وحريته وكرامته، لأجل دحر الظلم وازهاق الباطل وتشريع الحق، صال وجال وضحى بعياله وأهل بيته وصحبه وجاد بنفسه وعضيده "العباس" وبكل نفيس لرفع راية الاسلام ونشر السلام في ربوع أرض عجت ولهجت وضاقت ذرعًا بالكفر والجور والاستبداد على أيادٍ قذرة من أصحاب السلطة والجبروت والعنصريين الغاصبين الماكرين لعنهم الله وتابعيهم جميعًا إلى أبد الآبدين..
إن هذه الثورة المُقدسة أوقدت شُعلة لا تنطفىء في طريق الأحرار، تنير الدرب لكل ضال لا يعرف مستقره ولا يُدرك أمره، إنها ثورة لخصت مايدور في هذه الحياة، أي لماذا يعيش الفرد وكيف يعيش ومع من يريد البقاء وعلى أي شاكلة يود الرحيل؟ ..
من عرف الحُسين شُغِف حبًا بذكره وصار له كالنبض للقلب يحيطه بالأمان الروحي ويجعله مستبشرًا بخواتم الأمور جميعها، إن الحُسين غاية لا يدركها إلا ذو حظ عظيم، فليس كل أثر يرشدك إلى الصواب، إنما من اتبع الحُسين نجا ومن تخلى عنه ضل وهوى..
وإن السعادة كل السعادة للذين يجددون الولاء كل عام ويعقدون العزيمة على رفع رايات العزاء وتقديم الخدمة لقاصدي الإمام الولي وملبي النداء، هنيئًا لكل أب وأُم البسوا صغارهم السواد وأعلنوا الحداد فاتحين كل السُبل للوصول والمواصلة، طالبين من الله الثبات على العهد وراجين أن يكونوا من الأنصار الطالبين بثأر الحُسين يوم الظهور، كلنا نادبين وكلنا راغبين بالعجل، العجل العجل يا صاحب الزمان، لك العزاء مولانا وحجتنا يا أبا صالح المهدي .
اضافةتعليق
التعليقات