إذا أردت أن تقوم برحلة إلى داخل جسمك، لتعرف منها ما يَحْدُث لقطعة الطعام التي تَبْتَلِعها، فإن هذا الكتاب، الذي بِيعَ منه أكثرُ من مِليُونَيّ نسخةٍ، بأربعين لغة مختلفةً، سيصحبك في تلك الرحلة، ويجعلك ترى ما يحدث كأنه رَأْيّ العَيْن.
كما أنه سَيُغيِّرُ نَظرَتَك تجاه جهازك الهضمي، وسيُعَرِّفَكَ على أهميّةِ ذلك الجهاز العَبْقريِّ، ويكشفَ لك وظائفَه، كلُّ ذلك، بأسلوبٍ علميٍّ قَصَصِيٍّ بسيطٍ، لا يَخْلُو من الدُّعابَةِ والطَّرافَةِ.
ناقش نادي أصدقاء الكتاب في اجتماعه الشهري كتاب أحدث ظاهرة في عالم الكتب للكاتبة الطبيية الالمانية "جوليا أندرز" التي تنهي أطروحتها في الطب عن الجهاز الهضمي في جامعة فرانكفورت، والتي نالت الجائزة الأولى لـ”ليالي العلوم في برلين”. وهذا الكتاب المُزَوَّد برسوم توضيحية، هو من ترجمة ابتسام بن خضراء.
يدور هذا الكتاب إذاً حول “أمعائنا”؛ وهو “كتاب مُسَلٍّ وغزير بالمعلومات عن العالم الغريب الذي تعمل أحشاؤنا فيه”. ما سرُّ نجاح هذا الكتاب الذي بيعت منه ملايين النُّسخ في أقل من سنة؟ وأهمية الأمعاء هي بأهمية الدماغ أو القلب لوجودنا، ولكننا لا نعرف عنها إلا القليل.
لذلك نرى جوليا أندرز تدافع، بطرافة، عن هذا العضو الذي غالباً ما نميل إلى إهماله، بعد اصطحابنا في جولة داخل الجهاز الهضمي، إذ تعرض المؤلِّفة نتائج آخر الدراسات التي أُجريت حول الدور الذي يلعبه ما تسميه “الدماغ الثاني” في راحتنا.
وتدعونا إلى تغيير عاداتنا الغذائية، واتباع بعض القواعد العلمية بغية الوصول إلى هضم صحي.
يتألف مضمون هذا الكتاب من ثلاثة أقسام: الأول يدور حول “شعور الأمعاء“؛ ومن عناوينه الفرعية: “كيف تجري عملية التّبرز ولماذا هذا سؤال مهم”؟؛ “بُنية الأمعاء”؛ و”بعض الحقائق حول الفضلات”. والثاني يتناول: “الجهاز العصبي للأمعاء”؛ ومن عناوينه الفرعية: “كيف تنقل أعضاؤنا الطعام”؛ و”الدماغ والأمعاء”.
والثالث يعالج: “عالم الميكروبات”؛ ومن عناوينه الفرعية: “أنا نظام بيئي”؛ و”الجهاز المناعي والبكتيريا”. وجاء في نص تقديم الكتاب: إن تأثير الأمعاء في صحتنا وعافيتنا هو واحد من المسارات الجديدة في البحوث في الطب الحديث! وتتابع الكاتبة: مع متابعتي الحصول على الشهادة الجامعية في الطب، أدركت كم هي مهملة ومحتقرة هذه المنطقة (منطقة الأمعاء) في عالم الطب! وهذا ما يدعو إلى الدهشة أكثر عندما تنظر إلى أهمية عضو مثل الأمعاء. فإليه يُنسب ثلثا النظام المناعي… وهو ينتج أكثر من عشرين هرموناً فريداً.
أفاجأ أحياناً من الطريقة التي يجتمع فيها العلماء خلف أبواب مغلقة لمناقشة نتائج أبحاثهم المهمة، من دون إعلام العامة عنها على الإطلاق.
لعل الاحتراز الأكاديمي مفضل عادة للمنشورات غير الكاملة، ولكن يمكن للخوف أن يدمر الفرص. أصبح من الشائع الآن عموماً في الدوائر العلمية أن من لديهم مشكلات هضمية يعانون عادة من اضطراب عصبي في الأمعاء، إذ ترسل أمعاؤهم إشارات إلى الجزء الذي يعالج المشاعر السلبية من الدماغ، رغم أنهم لم يفعلوا أي شيء سيء.
يشعر مثل هؤلاء المرضى بالقلق من دون معرفة السبب. فإذا عالجهم أطباؤهم كحالات عقلية غير سليمة، يمكن أن يكون لذلك نتيجة عكسية. وهذا مجرد مثال عن ضرورة نشر نتائج بعض الأبحاث بوجه أسرع.
وهذا هو هدفي من تأليف هذا الكتاب: أريد أن أجعل المعارف الجديدة متاحة للجمهور العريض، وأن أوصل المعلومات التي يدفنها العلماء في منشوراتهم الأكاديمية أو التي يناقشونها خلف أبواب مغلقة في اجتماعات علمية، فيما يحاول كثيرون من الأشخاص العاديين البحث عن الإجابات.
أنا أعلم أن هناك الكثير من المرضى الذين يعانون من مشكلات سيئة وهم محبطون من عالم الطب. لا يمكنني تقديم الأدوية الشافية، كما أن الحفاظ على أمعاء صحية ليس بمعجزة تشفي من كل الأمراض، ولكن ما يمكنني فعله هو عرض السبب لكون الأمعاء عضواً مبهراً بطريقة مسلية، وما هي الأبحاث المثيرة التي تنفذ في الوقت الحالي، وكيف يمكننا استخدام هذه المعرفة لتحسين حياتنا اليومية.
لقد منحتني دراستي الطبية وأبحاثي في الدكتوراه في “المعهد الطبي لعلم الأحياء الدقيقة” المهارات لأدقق ولأصنف المعلومات العلمية. كما ساعدتني خبرتي الشخصية في تطوير القدرة على توصيل هذه المعرفة إلى الناس.
وجدير بالذكر أن نادي أصدقاء الكتاب أسسته جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية هادفاً إلى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع ..
اضافةتعليق
التعليقات