حدثتني إحدى صديقاتي قائلة: استأجرتُ أنا ووالدتي ذات يوم سيارة أُجرة وأثناء الطريق الذي لايكاد يكون طويلاً تحدث السائق عن متطلبات الأبناء في هذه الأيام وأردف قائلًا بأن السياقة ليست هي مهنتهُ الأساسية وإنما عملهُ الأساسي هو معاون مدير في إحدى المدارس..
لم أرَ في الموضوع أيُ غرابة إلى الآن فمعظمنا يعاني من غلاء المعيشة ويضطر بأن يستعين بأكثر من عمل لسد الحاجة وحفظ ماء الوجه ..
ثم إسترسل قائلًا إنهُ يسعى لتقديم أفضل ما لديه لإبنته التي ماتزال على مقاعد الدراسة!
سكت لحظات ثم واصل حديثه: عندما أُوصِل إبنتي (طالبة السادس الإعدادي) إلى المدرسة تقول لأقرانِها بأن من أوصلها هو السائق ولا تعترف بي كوني أباها لأني رجل بسيط المظهر وأن أغلب آباء صديقاتِها هم من حملة الشهادات العليا (في نظرها) مثل طبيب والخ..
حقيقة إعترتني مشاعر الحزن والدهشة لسماعه!
هل فعلًا تعدينا مرحلة عدم القناعة بالماديات والشكل وغيرها لتطغى النرجسية إلى تحقير الوالدين؟ اللذان أوصى بهما الله؟
عندها استذكرتُ كلام الأمير علي (صلوات الله عليه) الذي نستلهم الكثير من وحيه ونستعين به في لجج الظلمات ليكون لنا حصانة ضد الشبهات حينما يقول عليه السلام: (القناعة مال لا ينفد) ..
برأيي أحد الأسباب التي آلت بالمجتمع إلى هذا المآل هو الإفراط في متابعة المؤثرين
(السلبيين) على مواقع التواصل الإجتماعي اللّذين يُظهرون فقط الجانب الإيجابي وساعات المرح من حياتهم ليكون التأثير على قاصري العقل هو عدم القناعة بالموجود والإنشغال بالمفقود والطموح بدون مراعاة الحدود سواء الشرعية أو العُرفية.
بناءً على هذه النتائج التي نشاهدها في المجتمع يجب أن يكون هناك رد فعل من أصحاب المسؤولية مثلًا تفعيل دور التربية في المدارس وليس فقط الإقتصار على التعليم، الحوار مع الشباب والاستماع إلى مشاكلهم النفسية وأخذها على محمل الجد، ترسيخ المبادئ الأخلاقية والعادات الحسنة وإعادة إحيائها، التركيز على الشابات بالأخص كون المرأة من العناصر المؤثرة في العائلة على النطاق الضيق وفي المجتمع بشكل أوسع فهي داعية بمظهرها من دون أن تتكلم.
قرأت يوما في مقالة: "فمن نعم الله تعالى على المرأة تميّزها عن الرجل بالحجاب فالشاب المسلم الملتزم قد يمشي في شوارع واشنطن أو باريس أو لندن من دون أن يعرف أحد هويته، بينما المرأة المسلمة حينما تظهر في المجتمع فهي من دون أن تتكلم تدعو إلى الله تعالى بحجابها، فهي مبلّغة للدين والإسلام والقيم الإلهية دون حديث، فحجابها منبر للطهر والعفاف".
اضافةتعليق
التعليقات