عصر الإمام الصادق (عليه السلام) عصر ليس باستطاعتنا بهذا البحث استعراض فصائل علم الطب بشرائحه كلها، ولكننا نشير إلى بعـض الملامح العامة والكشف والابتكار التي سبق إليها الإمام، متحدياً قصور أطباء عن إدراك الكثير من الظواهر الطبية المعمقة، فما اكتشـفه النهضة والقرن العشرين بأجهزته المتطـورة، ومختبراته التحليلية، وكشـوفاته الإشعاعية، توصل إليه الإمام بذائقته العلمية، وفطرته الخالصة.
ولا غرابة في ذلك، فللإمام الصادق، آراء في تكوين الإنسان وطب الأجسام، فلم يقتصر على طب الأرواح بكلامـه الحق، بل تصدی لطب الجسم وكانت مدرسته في الطب أول مدرسة تؤسس في الإسلام في شبه الجزيرة العربية، ولم يكن للعرب يومذاك عناية بالعلاج والوقاية، فمن اجتاز أمـراض الطفولة قل أن يمرض طـول حياته، نظراً لصلابة أجسامهم، وقوة احتمالهم لقساوة البيئة في البادية، فإن مرض في كبره، تركوه عند الآلهة حتى يشفى أو يموت.
والقواعد العامة لعلم الطب التي كانت تتداول وتدرس في مختلف القواعد متشابهة، غير أننا نرى في مدرسة الإمام جعفر الصادق ما لا نراه في مدرسة قبلها، مما يدل على أنه لهذه القواعد، والواضع لهذه النظريات والمدارس هي المستنبط وهنا ينبغي إلقاء الضـوء على قبس مـن تلك النظريات المهمة، باعتبارها نماذج تشير إلى السبق الطبي الذي اضطلع به الإمام قبل ثلاثة عشر قرناً، ومن قبل أن تستحدث دلالتها في الطب الحديث، وهذا ما نحاول إيجازه، وإلا فمفردات هذا الموضوع قد أفرده الكثيرون بمؤلفات قائمة في حد ذاتها، بيد أننا على سبيل الإفراز لأبرز مظاهر الموضوع في الفقرات الآتية.
اكتشاف المجهول
ونعني به سبق الإمام (عليه السلام) إلى اكتشاف الحقائـق الطبية، وتكوين الخلق البشري، وتشريح الأعضاء، وغوصه في علم الفسلجة، قبل هذا التطور الهائل المعاصر.
تؤكد الدراسات الأوربية أن الدكتور وليم هارفي (ت 1756م) هو المكتشـف للدورة الدموية الصغرى التي تضخ الدم من الجانب الأيمن للقلب إلى الرئتين، وإعادته إلى الجهة اليسرى من القلب لغرض توزيعه على بقية شرايين الجسم البشـري، هذا ما توصل إليه الدكتور وليم هارفي.
وهذا باب غماره أوسع من أن تشق، ولكننا نكتفي ببعض العلوم منها الطب الوقائي:
ويتخذ الطلـب الوقائي في إفاضـات الإمام الصادق لا مناحي جديـدة فـي تقـريـر الـوقـايـة مـن الأمـراض، أكـد صحتهـا الطب في العصر الحديث.
تذكر دراسـة أوربية معاصرة أن الفيروس المسبب لـفـقـدان المناعة (مرض الإيدز) يفقد قدرته على النمو والانتشـار في وجود الثوم، وذلك من خلال دراسة للفيروس في مزرعة من الأنسجة.
وقد وردت روايات عديدة عن الإمام الصادق في تناول الثوم. فعن أبي بصير، قال: سئل أبو عبد الله ﷺ عن أكل الثوم والبصل، فقال: لا بأس بأكله نيا وفي القدر.
والأطباء اليـوم يحثون عليـه لدوره في حفظ توازن ضغط الدم، ومكافحة تصلب الشرايين، وهو مادة مطهرة للفم والجهاز الهضمي من الجراثيم والطفيليات وكذلك في استحباب السواك، وتطهيره للأسنان، وإصلاحه اللثة، نموذج الأعراض. للوقاية من كثير من الأعراض.
كما ورد عنه (عليه السلام) أنه قال: (في السـواك عشـر خصـال: هو من السـنة، وهو مطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرحمن، ويبيض الأسنان، ويذهب بالحفر، ويشـد اللثة، ويشـهي الطعام، ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات، ويفرح الملائكة).
وقال أيضاً: (السواك يذهب بالدمعة، ويجلو البصر).
وفي موازنة الحاجة إلى تناول المـاء بقدر ودون إفراط، يقول الإمام: (لا يشرب أحدكم الماء حتى يشتهيه، فإذا اشتهاه فليقل منه).
وفي هـذا وقاية من فساد المعدة، وإربـاك عملية الهضـم، وترهل البطن، وازدياد نسبة السوائل في الجسم دون حاجة، وعدم الارتواء. وهناك إشـارة للكحل، وهو مما يتزين به إلى عهد قريب، وهو مما تداوله الناس في عصر الإمام، وقد اعتبـره أداة واقية عن ضعف البصر، وتساقط أشفار العينين، فقد روي عنه أنه قال: (الكحل يزيد في ضوء البصر، وينبت الأشفار).
وربما كان من الوقاية الاعتماد على المناعة في جسـم الإنسـان بدل أن تشافي الـمـرء دون دواء، وقد الدواء، واحتمال الداء فترة ما، عسـى ثبت طبياً أن في جسـم الإنسـان عدة معامل كيمياوية قد تصلح جملة من الأمراض دون حاجة إلى استعمال الدواء، وقد ورد عن الإمام الصادق أنه قال: (اجتنب الدواء بذلك الداء).
وبهذا ننهي الحديث عـن معالم الـطـب عند الإمـام الصادق وقد اختزلناها اختزالاً كبيراً، لأنها من الوفـرة في الكمية والمادة العلمية بحيث لا يتسع لها هـذا الموجـز من البيـان، ومـن أراد التوسع في الموضوع فعليه بالمطولات من المصنفات.
اضافةتعليق
التعليقات