أنتِ جوهرة وما أجملكِ من جوهرة.. لكن إذا قدَّرتي نفسك حق قدرها..!
هل امتلكتِ يوماً ما جوهرة ثمينة؟
كيف تعاملتِ معها؟
هل أخذتيها ورميتيها على الرف مثلاً؟ أو وضعتيها في الخزانة عند باقي أغراضك بدون أية غلاف؟ بالطبع لا.. لأنها غالية عندكِ إذ أنك أدركتِ قيمتها.. فتحافظين عليها أشد المحافظة كي لا تُخدَش أو يشوبها أية شائبة، قد تضعيها في صندوق صغير أو في غلاف محكم ليحميها من التلف،
نعم فكل شيء ثمين عندكِ تضعين له حماية .
وحتى المجوهرات والذهب وسائر الأمور الثمينة الطبيعية التي هي من صنع الله سبحانه، فإن أي شيء جعله الله ثميناً قد أخفاه في الطبيعة، وجعل الوصول إليه صعباً، إذ أننا لا نستطيع العثور على الألماس بسهولة وإنما يجب أن يحفروا ويحفروا ليصلوا إليه وليأتوا به.. أو أن نحصل على اللؤلؤ يجب عليهم أن يغوصوا في أعماق البحار ليستخرجوا لنا اللؤلؤ .
وليس بإمكاننا أيضاً أن نعثر على الذهب مثلاً بسهولة.. وهكذا، فهنا يأتي السؤال الأهم.. ألستِ أنتِ أغلى من الألماس والياقوت والذهب واللؤلؤ وغيرها من المجوهرات وسائر الأشياء الثمينة؟ ألستِ أنتِ التي ستكونين قدوة لأطفالكِ؟ ألستِ أنتِ التي منكِ سيتكون المجتمع؟
فأنتِ عزيزتي كالجوهرة ثمينة جداً ..
فإن لم يكن لديك حماية محكمة فإنك سوف تتلفين بسهولة ويضيع قدركِ، تأملي ولو لبرهة؛ عندما تتزينين وتتبرجين وتخرجين الى الملأ ماذا سيحدث؟ فقد تقولين لن يحدث شيء.. ومن سوف ينتبه اساساً، مجرد مساحيق تجميل بسيطة وهناك من تتزين وتتبرج اكثر مني،
قال تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (الأحزاب :33).
عزيزتي كل امرأة مسؤولة عن نفسها فلا يجب أن تقارنين نفسكِ بها، إذا ذهبت إحداهن مثلاً الى جبل عال ورمت بنفسها من اعلى الجبل، هل سوف تفعلين مثلها وترمين بنفسك من الأعلى؟ بالطبع لا..! إنه تصرف بعيد عن إنسانٍ عاقل..
فقد رأى أعداء الإسلام أن يتعاملوا مع الحجاب الشرعي بطريقة خبيثة؛ فراحوا يروجون صوراً متنوعة من الحجاب على أنها حل وسط ترضي المحجبة به ربـها – كما زعموا!!- وفي نفس الوقت تساير مجتمعها، وتحافظ على أناقتها، فمن ثَمّ أغرقت الأسواق بنماذج ممسوخةٍ من التبرج تحت اسم (الحجاب العصري) وأخرجت ظاهرة الحجاب الشرعي طائفة من المتبرجات اللائي هرولن نحو (الحل الوسط)؛ تخلصاً من الحرج الاجتماعي الضاغط، الذي سببه انتشار الحجاب الشرعي، وبمرور الوقت تفشت هذه الظاهرة، فحسب صويحباته أنهن خير البنات والزوجات.
لذا فيا صاحبة الحجاب العصري: حذراً أن تصدقي أن حجابك هو الشرعي الذي يرضي ربك، وإياك أن تنخدعي بمن يبارك عملك هذا، ويكتمكِ النصيحة ولا تغتري فتقولي: " إني أحسن حالاً من صويحبات التبرج الصارخ" فإنه لا أسوة في الشر، فعليك أن تقتدي بأخواتك الملتزمات بالحجاب الشرعي بشروطه .
وليس بحجاب ذاك الذي يكون لافتاً لأنظار الرجال بلون فاقع أو برق لامع أو خرز ساطع، أو أي شكل من أشكال لفت الانتباه، فكيف يجتمع الحجاب الذي هو للستر مع لافتات للانتباه والمكر؟! فإنك وإن أصبحت أجمل مما سبق فماذا تريدين من الناس أن ترى؟ فالبعض سوف ينظر إليكِ بشهوة ويطمع فيكِ بقلبه المريض والبعض بنظرة دنية .
فالمرأة في الإسلام جوهرة.. إن أدركت ذلك حق الإدراك.. وإن عرفت قيمة نفسها فحافظت عليها، إذاً كل امرأة إذا كانت محجبة بحجاب زينبي فستكون صيانتها أقوى وإلا ستصبح كالحلوى المكشوفة معرضة للملأ والتي يتجمع عليها الذباب ليشبع كل منهم حاجته منها.
فتتجمع عليكِ النظرات المنحطة.. فإنكِ إن لم تحمِ نفسكِ حق الحماية، فكيف تتوقعين أن يكون لكِ حماية وأنتِ لم تضعيها بالأصل لنفسك؟، فلا تتوقعي أنَّ شاباً مثقفاً وعالياً في الدين والأخلاق أن ينظر إليكِ أو يعتريه الإهتمام نحوكِ بعد كل هذا الإجرام الذي أجرمتيه في حقِ نفسك من حجاب متزلزل وتبرجٍ منحط.. بالطبع لا! فهو أشد البعد عن هكذا مناظر.. فلن ينظر إليكِ إلا تلك النفوس الضعيفة والمريضة والفاسدة من الشباب لأنكِ أنتِ التي اظهرتِ جمالكِ على الملأ ليرون ما عرضتِ لهم.. ناهيكِ عما يجول في أذهانهم عنكِ من أفكار مشينة..! فالفتاة المثقفة كلما زاد إيمانها وثقتها بنفسها حمت نفسها بشكل أكثر وأقوى، فلا تتأثر إطلاقاً بالإغراءات التي حولها .
وهناك قصة جميلة عن السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) فيظهر فيها عفة تلك المرأة الجليلة..
كانت جالسة عند ابيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ استاذن عليه ابن مكتوم - وكان رجلا أعمى قد فقد بصره - وقبل أن يدخل على النبي (ص)، قامت فاطمة الزهراء (ع) وغادرت الغرفة وعندما انصرف ابن مكتوم عادت السيدة فاطمة الزهراء (ع) لتدخل على أبيها مرة ثانية.. وهنا سألها النبي (ص) عن سبب خروجها من الغرفة مع العلم إن ابن مكتوم لا يبصر شيئا.
سألها النبي (ص) عن السبب - وهو يعلم ذلك - لكي تجيب بدورها على هذا السؤال ويكتب التاريخ هذا الحوار الإيماني ليبقى مثالاً رائعاً طوال الحياة..
فقالت (ع): إن كان لا يراني فإنني أراه، وهو يشم الريح - أي يشم رائحة المرأة_.
فأعجب النبي الأكرم (ص) بهذا الجواب - الذي يتفجر عفة وشرفاً - من ابنته الحكيمة، ولم يعاتبها على هذا الإلتزام الشديد بالحجاب، بل شجعها وأيدها وقال لها: أشهد أنكِ بضعة مني .
فقد جعل الله تعالى إلتزام الحجاب عنوان العفة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (الأحزاب : 59).
فيا جوهرتي الجميلة لا تهدري جمالكِ لذئاب الشارع، فجمالكِ مخلوق لرجلٍ واحد، فتبرجي له فقط.. والذي هو زوجكِ، فأنت له فقط.. لا للجميع..! فطوبى لمن أدركت قيمة نفسها حق الإدراك.. وعرفت أنها كالجوهرة الثمينة يجب أن تصان من أي عامل قد يتلفها أو ينزل من قيمتها .
فالحجاب الزينبي هو أفضل وأعظم حجاب إذ يتكون من عباءة سوداء فضفاضة لا يصف ما تحته ولا يظهره، لا بنطالاً ضيقاً ولا ما شابهه من ملابس ضيقة وعجباً لبعض أخواتنا كيف يعدونه حجاباً!
فالحجاب الزينبي مستوحى من حجاب السيدة زينب (عليها السلام) التي ورثت حجابها عن أمها العظيمة .
السيدة زينب الكبرى هي ثاني أعظم سيدة من سيدات أهل البيت المحمدي، فكل صفحة من صفحات حياتها المشرقة جديرة بالدراسة والتأمل.. فمن ناحية تعتبر القراءة في ملف حياتها نوعاً من أفضل أنواع العبادة وسبل التقرب الى الله سبحانه لأنها اطلاع على حياة سادات أولياء الله تعالى .
فهي وريثة والدتها في الطهر والعفاف والحشمة والحياء وسائر الفضائل التي اكتسبتها من والدتها التي فاقت بنات حواء شرفاً وفضلاً وعظمة..! إذ أن السيدة زينب الكبرى (ع) قد كانت قوية الشخصية وسيدة مواقف وصاحبة كلمة وزعيمة دور قيادي لنساء أهل البيت، بل للنساء المؤمنات جمعاء.
فقد استطاعت أن تجمع بين الحجاب والثقافة والعفة والتعليم، والدين والحضارة، والمنزل والمجتمع، والتي تفتقر مجتمعاتنا الى امرأة تجتمع فيها الصفات كالدين والثقافة في آنٍ واحد.. فيجب على المرأة المؤمنة أيضاً أن تكون مثقفة وواعية.. فالسيدة زينب الكبرى (ع) كانت في درجة عالية جداً جداً من العقل الوافر والحكمة والحنكة .
فهي كوكب مضيء يحلق في سماء المجد والخلود فيظل إسمها لامعاً الى جانب إسم أخيها الإمام الحسين (عليه السلام)، فهي خير قدوة للنساء المؤمنات، بل خير مقتدى لكل امرأة تبحث عن السعادة في الحياة، والفوز بجنة عرضها السماوات والأرض .
فقد حافظت على حجابها وتمسكت بهِ أشد التمسك رغم أصعب الظروف التي مرت بها وهي في رحم الأسر والسبي..! ولم ترضخ للعدو..! وعلى الرغم من صعوبة الأمر لم تستسلم (عليها السلام) إطلاقاً..! نعم هذه هي السيدة زينب..! فإننا نجدها مطوقة بهالات الشرف.. كل الشرف .
شرف لم تسبقها إليه أنثى سوى أمها فاطمة (عليها السلام) ولم يلحقها لاحق فهي حصيلة أبوين، كانت حياة كل واحد منهما مشرقة بالمزايا والمكرمات وتسبح كواكب الفضائل في فضائها .
أجل! إنها زينب.. وما أدراك من زينب !
فهي رمز الشرف والحياء، ونادرة من نوادر الكون، ومفخرة التاريخ، فالسيدة زينب الكبرى (ع) هي "السيدة الجوهرة" التي عرفت قدر نفسها حق الإدراك. لنتعلم من مولاتي زينب، من شخصيتها القوية في الحفاظ على حجابها والتي كان لها دور مهم وقيادي في النهضة الحسينية .
فالتي تكون من شيعة أَبيها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حقاً.. يتغير حجابها الى الحجاب الزينبي! وحتى إن كان حجابها مخالفاً مع محيطها والذين هم من حولها، فالأجر على قدر المشقة.. فالحجاب الزينبي برهان الحياء والإحتشام وأشرف إكليل لجمالك.
فالمهم أن تكوني جميلة في عين "الله" لا في عين خلقه.. فحافظي على جمالكِ يا جوهرتي ولا تضيعيه فيضيع قدركِ، ليرضى عنكِ خالقكِ ولترسمي الإبتسامة على ثغر صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حينما يطَّلع على صحيفة أعمالكِ .
فليقولوا عن حجابي لا و ربي لن أبالي
فليقولوا عن حجابي أنه يفني شبابي
و ليغالوا في عتابي إن للدين إنتسابي
لا و ربي لن أبالي همتي مثل الجبال
أي معنىً للجمال إن غدا سهل المنال..؟
اضافةتعليق
التعليقات