انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة رسوم الوشم بحلة جديدة ومن المتعارف أن عادة تلك النقوش تعود إلى الثقافات الريفية القديمة فكثيرا ما خطت الجدات بعض الزخارف على وجوههن أو أماكن مختلفة في أجسادهن باعتبارها زينة تجميلية.
(بشرى حياة) كان لها جولة استطلاعية حول هذه الزينة المصطنعة التي لا تخلو من المخاطرة..
ظاهرة قديمة
مريم زياد طالبة في جامعة كربلاء حدثتنا قائلة: الوشم ظاهرة تجميلية قديمة تعد من أقدم أنواع التجميل إذ يكون استخدامه بأدوات بسيطة وألوان خطوطها خضراء فقد كانت جدتي من المحبات لهكذا زينة.
وأضافت: ما زالت هذه الظاهرة مستمرة وأصبح التجميل به ليس محتكرا للنساء فحسب بل حتى الرجال، البعض يراه شيء تجميلي وأنا أراه العكس تماما.
فيما قالت ناهدة حنون ربة بيت: لا ضير بأن يستخدم نقش الوشم كالتاتو للضرورة التجميلية ولكن إن زاد عن حده يكون غير جميل وأيضا يدخل في دائرة الشرعية فهناك رسوم ونقوش تجذب النظر ولا داعي لها وبهذا تكون محرمة .
وتابعت: كما هناك تبعات له فقد يكون المركز المختص ليس لديه الكفاءة الطبية وبالتالي يتعرض الشخص إلى أمراض جلدية نتيجة الأدوات غير المعقمة أثناء عملية رسم الوشم.
ختمت حديثها: لذا على المهتمين بهذا الجانب توخي الحذر بإختيار مراكز مرخصة ولديها باع طويل في الجانب الطبي والصحي.
من جانب آخر قال المفوض علاء أبو الهيل: هناك إيجابيات وسلبيات لهذه الظاهرة ففي الموقف الديني هناك مرجعيات دينية تجيز الوشم بذاته ولا تحرمه، وهناك من يحرم الوشم مطلقاً، وينبغي على المرأة والرجل اختيار الموقف المناسب وفقا لتوجيهاتهم الدينية.
أما في الجانب الاجتماعي يمثل نوعاً من الزينة إلا أن تمادي البعض في الرسوم والأشكال المختلفة والألوان جعل من هذه الظاهرة موضع انتقاد ورفض من قبل المجتمع.
رؤية طبية
من الجانب الطبي حذرت دراسة حديثة بأن الندوب الناتجة عن الوشم يمكن أن تؤدي للإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان أو فقدان المناعة (الإيدز).
وذلك لأن الإبرة الخاصة بالوشم تصل للدم مباشرة، وهو ما قد يؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة، خاصة إذا ما تم إجراؤه في مكان يفتقر لشروط النظافة والرعاية الصحية، أو يستخدم ألوانا ملوثة قد تحتوي على مواد مسببة للأمراض.
كما إن عملية إزالة الوشم ليست سهلة على الإطلاق، إذ تتسم عملية الإزالة بالليزر وهي مكلفة ومجهدة للغاية، فضلا عن أنها قد تتسبب في الإصابة بالتهابات أو تكوّن قشور أو ندوب في موضع الوشم، أو تغير لون البشرة أو ظهور مواضع فاتحة عليها، مع العلم بأن الوشم لا يختفي دائما بشكل كامل.
أصل الوشم
يذكر أن صناعة الوشم انقرضت كليا في الفترات الماضية بعدما شهدت مستحضرات التجميل انتشارا كبير ورواجا بين النسوة.
وقد كان في السابق موجع وبدائي إذ تكون المادة المستخدمة الرماد الذي تخلفه النار والإبر وتسمى (الدك) بينما الآن يرسم الوشم بطريقة سهلة جدا.
ويتنوع الوشم عادة بعدة انواع منها التجميلي والذي يمكن رسمه على الشفاه والحواجب لعمل مكياج دائم، كما تستخدمه بعض النسوة لتغطية الندبات الحروق والكدمات أو البهاق.
مراكز التجميل
نغم غزوان مديرة مركز تجميل حدثتنا قائلة: في الماضي كان العمل يقتصر على العرائس وتغير لون الشعر وتنظيف الوجه وأغلب النساء المتزوجات فقط.
وأضافت: أما اليوم شهدت مراكز التجميل اقبالا واسعا لكل الفئات النسوية، في البداية كان العمل حصرا على رسم وشم (التاتو) للحاجب وهو عملية نزع شعر الحاجب ووضع لون بديل له، أما الآن توسع مجال رسم الوشم ليصل الى الرسم على أجسادهن متشبهات بممثلات ونجمات السينما.
آراء الزبائن
وقالت إحدى الزبونات رفضت ذكر اسمها: لا أرى ضرراً في رسم الوشم فأنا أحبه خصوصا إن كان بالمعقول بعيدا عن الرسومات وغيرها، فهو مواكب للموضة الشبابية.
كما هو حرية شخصية لا تتعارض مع الوضع الاجتماعي طالما أن المتضرر الوحيد هو أنا وليس من حق الآخرين منعي!
رؤية اجتماعية
في حين قالت الباحثة الاجتماعية نور الحسناوي: يعد الوشم زينة رائجة ومصطنعة لا تخلو من المخاطر الصحية، ولا أرى لها جمالية إلا إذا كانت من الممكن أن تخفي تشوهات جسدية معينة.
وقد انتشرت التسمية الانكليزية للوشم (تاتو) في الوقت الحاضر، وهو الرسم أو النقش على الجلد حيث كان الأمر سابقا يقتصر على أرباب السجون والمراهقين معتقدين بأنه نوع من رموز الرجولة.
أما اليوم أرى أن أغلب انسياق النساء والرجال خلف هذه التقليعات هو للهواة من أتباع الموضة.
وتابعت قائلة: كما للجانب الديني رأي بهذا الصدد وبحسب متابعتي لمكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني على مجموعة من الاستفتاءات بخصوص الحكم الشرعي للوشم، إن كان حرام أو لا وما هو الحكم للوشم الذي يرسم على الجسم بواسطة الإبر، كانت الإجابة (يجوز في نفسه) وعن رسم وشم صور الحيوانات فهو يجوز ولكن الوشم في حد ذاته ليس أمرا مستحسنا وهناك روايات في ذمه.
كما لا يجوز وشم صور الأئمة الأطهار، وأسمائهم المقدسة إذا عد هتكا، وبما يخص النساء لعمل الوشم الملون على الحاجبين المسمى (التاتو) فهو جائز في نفسه ولكن يتوجب ستره عن نظر الأجنبي إن عد زينة عرفا.
ختمت حديثها: هناك استفتاءات شرعية كثيرة بهذا الجانب للكثير من المراجع الدينية وبشكل أوسع وأدق تفصيلا لا يسع للمقام ذكرها لذا أكتفي بهذا القدر.
اضافةتعليق
التعليقات