تبقى مذكرات الدراسة لا تغيب عن البال، يبقى حلوها ومرها عالقا في الأذهان، تبقى المواقف ملاصقة للعقول، أصوات الضحكات التي علت معا، آثار الدموع التي تناثرت على بعض، الضوضاء، فرحة عدم مجيء مدرس/ة المادة.
اليوم وعندما كنت أفتش في مذكراتي المدرسية، مررت على صفحة، لطالما موقفها لم يغب عن بالي.. فتاة في صفنا، الحزن غالب على عينيها، الخجل يغمر وجنتيها، كأنما الدموع تحب أن تسقط على خديها، فهي إحدى بنات وطني المهجرات، واللاتي ظُلمْنَ بسبب الواقع المرير (التشرد والتهجير).
اقترحتْ مدرسة الرياضيات اقتراحا، سبب فرحا لطالبات صفي، وهو: إن كل واحدة تدفع ما تستطيع من مبلغ مقابل إضافة درجتين أو أكثر، وذلك لحل جزء من المشكلة العويصة، وهي (مشكلة الكهرباء)، كل حسب استطاعتها وحالتها المادية، فتم ذلك ودفع المبلغ إلى الجهة المخصصة .
فقالت الأستاذة: خطر على بالي موقف لا أنساه مهما حدث، ففي إحدى سنوات تدريسي، قامت الطالبات بجلب أقلام إلى لوحة الصف، لكن كان هناك فتاة لم تفعل ذلك، بعد برهة من الزمن، جاءت لي وهي تحمل معها علبة أقلام كاملة، وقالت لي ببراءة، في تلك الفترة التي طلبتي منا فيها الأقلام، والدي لم يكن لديه عمل، لأننا من النازحين، تأثرت خلالها كثيرا؛ لكن القصة لم تكتمل، فقد قاطع حديث الأستاذة صوت بكاء يعلو من إحدى الطالبات، فقالت لها: أنا لم أقصد أن أجرح مشاعركم، أو أمسكم بسوء.
فقالت الطالبة: لا! لكن من ذكرتِها وذكرتِ قصتها تكون شقيقتي، إنها أختي يا أستاذة! عم الصمت المكان، لا نعلم حينها لمَ دموعنا نزلت من دون سابق إنذار، لكن حال بنات وطني يؤلم كثيرا، تقدمت المدرسة نحوها، احتضنتها بقوة، مسحت دموعها، لمست رأسها بيديها.
قلت في نفسي حينها: سنبقى نحن يدا واحدة، بوجه الألم، وقلوب متلاصقة ضد الحزن .
أما أنتِ يا ابنة وطني، لا تخشي شيئا وقولي لأختك، إن صغيرتك بأمان بينهم .
*صفحة من قصص الدراسة
اضافةتعليق
التعليقات