قبل انطلاق الإشارة الخضراء ما زال ذلك الرجل واقفا يترقب إشارة المرور تحت مظلة الإنتظار بقي كمن يحمل جمرة في قبضة يده بسبب زحام المارين عبر الأرصفة من حوله إلا أنه بقي واثبا في مكانه برفقة مبدئه.
المبدأ هو القانون الذي تترتب عليه حياتنا والنواة الأولى لكل فكرة حيث ننطلق بها، هو الرتابة التي ترسم الطريق للجميع، فكيف لنا أن نصوغ حياتنا دون أن نمتلك مبدأ؟
نحن بحاجة إلى جهد كبير من الحكمة برفقة الحلم لنرسم الخارطة التي ستوجهنا في حقب هذه الحياة لنا ولأولادنا وأحفادنا، لا أن نسيـر برفقة أولئك الذين كسروا أنظمة الطرقات وعبروا إلى الجانب الآخر دون إنطلاق اشارة العبور التي تتيح لهم ذلك فنتجاوز حينها كل الأضواء الخضراء متبعين سلوك القطيع الذي ينتهجه الأشخاص حين يتصرفون بسلوك الفئة التي ينتمون إليها دون التفكير أو التخطيط لذا وقع ضحيتنا الرجل الذي ما زال ينتظر الضوء الأحمر.
ورغم التحديات التي تواجهنا في هذه الحياة وعقباتها إلا أننا نتجاوزها بسهولة بالغة لكن لا مفر من ذلك الإنهيار الأخلاقي الذي يغزو المجتمع برمته، حينما سنقرر أن نستنزف كل أفكارنا وجهودنا في مواصلة العيش دون إتخاذ قرار مسبق تحت مسمى المبدأ، والذي ينطلق منه الإختيار بين الصواب والخطأ لنحدد المصير المرتقب.
إذ يعد المبدأ علامة فارقة ففي ظل غيابه يصبح من الصعب التأقلم مع الحياة وتفقد الطبيعة البشرية توازنها.
فهو ما يميز الإنسان خاصة والمجتمعات عامة لإيمانهم به وفق تعاملاتهم من خلاله، وهو يحدد ملامح الشخص من كيان وأفكار وأهداف، لذا لا يمكننا أن نخوض جدلية العيش دون مبدأ فهو أساس القيم التي بها يبدأ الفرد تكوين ذاته بذاته.
وهنا تكمن أهميته فهو قلب الحياة النابض الذي يغذيها بالاستقامة ويجعلنا نتقبل الأشياء كيف ما كانت فمن خلاله يمكن للإنسان أن يصبح مبدعا في شتى مجالات حياته إذا تمسك بعقيدة ومبدأ معين فهو يرفع من شأنه والعكس إن كان اختياره غير صائبا.
كما يمكن أن تتغير المبادئ من شخص إلى آخر من حيث الأهداف إلا أن الاختيار والمضمون يكون موحد للفكرة.
فعلى سبيل المثال، هناك من يكون مبدأه مبني على محبة فعل الخير من خلال مساعدة الآخرين لكسب رضا الله (جل وعلا) وهناك من يسعى بنفس المبدأ ولكن لكسب الشهرة تحت ذريعة فاعل الخير وبهذا نجد أن المبدأ تجزأ رغم أن الهدف واحد على حسب مبتغى الشخص وما يترتب عليه من دخلاء للتأثير أو ما يلاقيه من مواقف تجعله يضطر لتغيير مبدأه.
وفي الختام لا يسعنا سوى أن نقول، علينا الحفاظ على ما تبقى من مبادئنا مهما بقينا ننتظر اشارة العبور فحتماً سينير الضوء الأخضر ليتسنى لنا العبور بخطى خفيفة واثقين بأننا سنصل في الوقت والإتجاه الصحيح.
اضافةتعليق
التعليقات