مازال العالم يعيش العنصرية فرغم الأحداث والكوارث العالمية مازالت العنصرية تسيطر على ضمائر الشعوب، وتفرق بين الكوارث وبين مصدرها وشعبها فأحداث لبنان الأخيرة والتغطية الاخبارية وارسال المساعدات الطبية، والتبرعات الدولية، بينما الشعب السوداني يغرق يوميا وأطلق صرخة دولية في انقاذ شعبه وحضارته.
وليست هذه المرة الأولى التي يستغيث فيها شعب السودان، حيث حذر وزير الصحة السوداني من ظهور أوبئة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، في حين أطلقت بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف نداءً عاجلا للمنظمات الدولية لإغاثة المتضررين من السيول والفيضانات.
وتعيش المناطق التي ضربتها السيول والفيضانات العارمة حالة عزلة وانعدام لمظاهر الحياة عقب مغادرة السكان لها بعد أن حاصرتها المياه من كل جانب وغرقت الأشجار والبنايات، وكانت السلطات السودانية أعلنت السبت حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بسبب الفيضانات القياسية التي خلّفت أكثر من 100 قتيل ودمّرت أو ألحقت أضرارًا بأكثر من 100 ألف منزل، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية السودانية (سونا).
ووفق بيان للخارجية السودانية اليوم الثلاثاء، عقد مندوب السودان الدائم بجنيف علي بن أبي طالب عبد الرحمن مساء أمس الاثنين لقاءات مع مسؤولي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، ومكتب تنسيق المساعدات الإنسانية "أوتشا" (OCHA) والصليب الأحمر السويسري.
وأعلن عبد الرحمن عن تصديق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على تقديم 460 ألف فرنك سويسري (نحو 500 ألف دولار)، كاستجابة عاجلة للكارثة الإنسانية في السودان.
وقال إن الصليب الأحمر السويسري قرر أيضا دعم الجهود الإنسانية لمواجهة كارثة الفيضانات بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر السوداني، وضربت أمطار غزيرة مساء الاثنين أحياء جنوب وشرق العاصمة السودانية الخرطوم، بالتزامن مع انقطاع للتيار الكهربائي واستمرار تدفق الفيضانات.
وذكرت وكالة الأناضول أن أمطارا غزيرة مصحوبة برياح عالية السرعة تضرب منذ مساء الاثنين أحياء جنوب وشرق الخرطوم.
وتعاني أحياء العاصمة المتمركزة على ضفاف الأنهر الثلاثة (النيل ورافديه) من فيضانات منذ نحو أسبوعين، لم تشهدها البلاد منذ قرن.
آثار السودان في خطر
من جهته، أعلن مدير الوحدة الأثرية الفرنسية في السودان مارك مايو لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين أن منطقة "البجراوية" الأثرية -التي كانت في ما مضى عاصمة للمملكة المروية- مهدّدة بالفيضان بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل إلى مستوى قياسي.
وقال عالم الآثار الفرنسي إن مفتّشي الآثار السودانية بنوا سدودا في المكان بواسطة أكياس معبّأة بالرمال، واستخدموا المضخات لسحب المياه ومنعها من إتلاف هذه التحفة الأثرية.
ومنطقة البجراوية الأثرية تضمّ المقبرة حيث أهرامات مروي الشهيرة والمدينة الملكية لهذه الإمبراطورية المركزية التي حكمت من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية، وكانت أراضيها تمتدّ في وادي النيل لمسافة 1500 كيلومتر من جنوب الخرطوم وصولا إلى الحدود المصرية.
وبحسب خبير الآثار فإنه "لم يسبق قط للفيضانات أن بلغت مدينة البجراوية الملكية التي تبعد 500 متر عن مجرى نهر النيل" وتقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من الخرطوم.
وأكّد مايو أن "الوضع حاليا تحت السيطرة"، لكنه حذر من أنه "إذا استمرّ ارتفاع منسوب النيل، فقد تصبح الإجراءات المتخذة غير كافية"، وأضاف أن مواقع أثرية أخرى مهدّدة بالفيضان على طول مجرى النيل.
وزار وزير الثقافة والإعلام فيصل صالح المدينة الملكية في البجراوية لبحث سبل حماية هذا الموقع المدرج منذ 2003 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
ووفقا لآخر بيان لوزارة المياه والري، فقد بلغ منسوب النيل 17.62 مترا، وهو مستوى لم يسجّل منذ بدأت عمليات تسجيل منسوب النهر قبل أكثر من 100 عام.
وأجبرت الحكومة على إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، كشف خبير في شؤون الموارد الطبيعية في إفريقيا ما يجب على الخرطوم فعله لتخفيف الأزمة الحالية، وتقليل فرص تكرار الآثار المدمرة للفيضانات مستقبلا.
وقال رئيس قسم الموارد الطبيعية في معهد البحوث والدراسات الإفريقية عباش شراقي لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الفيضانات أمر متكرر في السودان، لكن هذا العام تخطت الحد الطبيعي.
وأشار شراقي إلى وجود مؤشرات قبل أشهر بأن السودان سيتعرض لموجة فيضانات أشد من المعتاد، بعد سقوط أمطار غزيرة في المنطقة الاستوائية في مايو الماضي، ووصول منسوب المياه في بحيرة فيكتوريا لأعلى معدل في التاريخ.
إن منطقة البجراوية الأثرية التي تبعد 200 كيلومتر عن الخرطوم، كان عاصمة لإمبراطورية بسطت نفوذها على مساحات شاسعة من 350 قبل الميلاد حتى 350 ميلادي.
وقد بنت الحضارات السودانية القديمة عددا أكبر من الأهرامات من تلك التي بنيت في مصر، لكن عددا كبيرا منها غير مكتشف حتى الآن.
اضافةتعليق
التعليقات