انظر عاليا إلى سرب من طائر الزرزور وسوف ترى أنه برغم بقاء السرب فوقك لبضع دقائق فإن شكله يشهد تغيرا مستمرا، إن شكل السرب لابد أن يتغير، قد يستطيع السرب نفسه تجنب التحليق بعيدا، فقط إذا كانت طيوره في حركة دائبة لتغير مواقعها الفردية في السرب، قارن ذلك بالطيور المهاجرة مثل الأوز أو البجع، التي تتخذ شكل "V" تماما في حركتها الهوائية الدينامية ويظل الشكل متماسكا بشكل تقريبي خلال رحلتها الجوية والشيء الذي لا تستطيع الأوز أو البجع أن تفعله وقد اختارت هذا النمط غير المتغير هو البقاء عاليا على النحو الذي تفعله طيور الزرزور.
وفي حياتنا تجد أن البشر ينتظمون على هيئة سرب طيور الزرزور إلى حد كبير، هذا الفهم للحياة البشرية يتناقض مع ما قدمته معظم نظريات العلم الاجتماعي بما تتضمنه من معالجة الجنس البشري على نحو مناظر كثيرا لطيور الأوز والبجع ونحن نفضل هنا التشبيه العجيب لأنه يوحي بأن التغير كلي الحدوث وداخلي وأيضا ضروري للاستقرار وليس أحادي الخط ولا الاتجاه، وإن أنماط الحياة التنافسية تنحسر وتتدفق على الدوام إلا إن أيا منها لا يفوز دائما، وبعيدا عن التدافع مثل الاوز، في مسار جوي محدد مسبقا، فإن الحياة البشرية مثل سرب طيور الزرزور وتبقى كاملة سليمة مع تغير شكلها باستمرار.
التغير ظاهرة عامة بين البشر شأنهم شأن هذه الطيور، فعلى جماعة الأوز التي يتغير شكلها المحدد فقط في بعض الظروف الاضطراب البيئي على أثر اطلاق الصيادين الرصاص عليها، مثلا، فان التغير متأصل في سرب طيور الزرزور فإذا توقفت تلك الطيور عن الحركة قد يسقط السرب على الأرض وإذا كونوا أنفسهم على شكل ثابت قد لا يبقى السرب عاليا، إنهم يستطيعون بالطبع تنسيق أنفسهم في سلسلة معينة والطيران دائريا في حلقات إلا إن هذا يعني أن السرب سينتهي إلى مركز فارغ، على هيئة كعكة مفرغة، وأن بعض طيوره سوف تطير بعيدا، طول الوقت بينما تحاول الطيور الأخرى يائسة ألا تسقط، هكذا هو النظام القيادي عند الطيور، بإشارة أو رمز من القائد الأكبر تحلق كما يشاء لتحافظ على بقية الطيور، لو كانت هذه القيادة عند البشر هل سينجح كما نجح طائر الزرزور؟.
الرسول محمد.. قائد يصنع القادة
يوزِّع الرسول (ص) المسئوليات والمهام في ما بينهم، فيختار بعضهم للقيادة العامة، وبعضهم للصلاة بالناس، وبعضهم للدعوة، وبعضهم للقضاء، وبعضهم للحكم والسياسة، وبعضهم لحفظ أسرار الدولة وقد يكلف بعضا منهم لبعض تلك الأعمال أو كلها، هذه هي المدرسة النبوية التي تخرج منها القادة العظماء لتقود الأمة العربية.
فيما يقول (وﻟﻴﺎم. أ. كوﻫﻴﻦ) في كتابه (فن القيادة) إن "جوهر القيادة هو إثارة همم الأفراد، لتشجيعهم وبذل أقصى ما لديهم من جهد، لتحقيق الأهداف المطلوبة"، كما أن "القيادة الناجحة لا تعتمد على الإغراء المادي كالرواتب المرتفعة، ولا تعتمد على الظّروف الجيّدة في العمل، بل تعتمد على مدى تحفيز القائد للأفراد على العمل، لبذل أقصى ما لديهم من طاقات".
الحكيم (غاندي) في صراعه مع الاستعمار البريطاني تمتع بالحكمة والإنسانية والعقلانية المطلوبة، إضافة إلى باقي صفات القيادة الناجحة الأخرى لديه، يختلف الكتاب والباحثين حول طبيعة الصفات التي يتمتع بها القائد الناجح وهل يمكن صناعة القادة أم انهم يولدون بالفطرة؟.
في كلا الحالتين (الصناعة/الولادة) فإن للقيادة صفات مكتسبة وأخرى بالفطرة، ولكل منهما دور في تعزيز وترسيخ القيادة لدى الأفراد، ويمكن اعتبار منطقة الوسط بين الولادة والصناعة هي الفارق الحقيقي في جذب صفات (الولادة) و(الصناعة) وبالتالي تشكيل (القيادة الناجحة) في إدارة الأمور وتحقيق الأهداف المطلوبة.
تعرف القيادة على انها "القدرة على التأثير في الأفراد لجعلهم يرغبون في انجاز أهداف المجموعة".
صفات القائد الناجح
يضع (كوهين) عددا من المعايير التي يعتبرها الملامح أو الصفات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها القائد الناجح لكي يتبعه الآخرين للوصول إلى الإنجازات المراد تحقيقها ضمن إطار القيادة الناجحة.
اضافةتعليق
التعليقات