نشاهد في الآونة الأخيرة بأنه لم يعد من الغريب وصول المرأة الى مناصب قيادية في القطاعات العملية المختلفة، أن تجدها في أحد الايام مديرة أو مسؤول مباشر، وها هي اليوم وزيرة وسفيرة وربة عمل، ولكن بالرغم من أن المرأة استطاعت أن تثبت حضورها في مختلف الميادين التي كانت حكرا على الرجال فيما مضى، إلا أن هناك الكثير من الموظفين قد لا يفضلون أن يكون رئيسهم المباشر (امرأة).
ومن جهة أخرى يرى البعض أن المرأة القيادية بالطبع، تستطيع أكثر من الرجل أن تحتوي مجريات العمل، وتتفهم حاجات العاملين بطريقة أكثر سلاسة وفاعلية، فالمرأة بما تحتويه من عاطفة قد لا تكون موجودة بالرجل قادرة على تلمس الحاجات الانسانية للموظفين، بروية ودون تسرع.
هناك تبريرات غير متماسكة على الإطلاق في بعض المجتمعات حول عدم تعيين المرأة في مناصب قيادية في الدولة أو مناصب قيادية اجتماعية. بالطبع لا نريد هنا تكرار الحقيقة التي بين أيدينا، وهي أن المرأة استطاعت أن تجاري الرجل في أمور كثيرة، بما في ذلك تولي المناصب القيادية، وهناك تجارب عالمية أثبتت فيها المرأة بأنها ليست أقل خبرة أو قدرة على الإدارة في المناصب القيادية الكبيرة في أي مجال كان. فهذا الأمر برهنت عليه المرأة، ربما في جميع المجتمعات العالمية، وبخاصة تلك التي حققت تطوراً كبيراً في مجال التكنولوجيا والتقدم الاجتماعي والمهني.
أعذار مشتركة:
قالت دراسة لمركز «جيتوليو فارغاس» البرازيلي للدراسات الاجتماعية في مدينة ساو باولو، إنه عندما نقول «أعذار مشتركة» عالمياً فإن القصد هو المنافسة بين الجنسين أينما كانا، وكذلك موقف كل طرف من الطرف الآخر من حيث القدرة على الإنجاز مهما صعبت المهمات، كما أنه لا أحد يقبل التنازل والقول أنا لا أستطيع إنجاز هذا أو ذاك من قبيل الضعف. علماً بأن الاعتراف بشيء أنت غير قادر عليه يمثل نوعاً من الشجاعة، بحسب وصف الدراسة التي أضافت بأن الرجال أينما كانوا لا يريدون أن تحصل المرأة على مفاتيح النجاح بسهولة، ولذلك فإن السيطرة الذكورية على الأمور في مجتمعات كثيرة هو ليس في صالح المرأة على الإطلاق، حيث لا يتم تسليمها مهام مناصب قيادية كبيرة لها تأثير على القرار الذي يخشى الرجل أن يكون ضحيته.
الاختلافات من حيث الأعذار:
في العالم المتطور لا يبدي كل إنسان عن رغباته التي تنطوي على سيطرة على الجنس الآخر بسبب شدة القوانين الموجودة حول هذا الأمر. ولذلك فإن الدراسة أخذت آراء ما يقرب من خمسة آلاف رجل وامرأة في أوروبا والولايات المتحدة خلال فترة سنة كاملة. السؤال الرئيسي للرجل كان حول ما إذا كان يقبل أن تكون المرأة صاحبة القرار الذي يؤثر على حياته بشكل مباشر أو غير مباشر.
والسؤال للمرأة كان حول قبولها بالأعذار التي تحول دون توليها منصباً قيادياً. كانت الردود على الشكل التالي: نسبة 20 في المائة فقط من الرجال قالوا إنهم يقبلون التصرف بحسب قرارات امرأة في منصب قيادي، إلا أن 50% أجابوا بعدم القبول بالخضوع لقرارات نسائية، بينما امتنع 30% منهم عن الرد. أما النساء فإن نسبة 90% اعتبرن الأعذار غير منطقية.
ما هذه الأعذار وما هو رد المرأة عليها؟:
هناك أعذار غير منطقية، أو بالأحرى غير مقبولة في الامتناع عن تعيين المرأة في مناصب قيادية على المستوى الاجتماعي. فما هي أهم هذه الأعذار التي يقولون بأن الرجل هو الذي يختلقها، والرد النسائي البسيط عليها؟
أولاً، عذر يقول بأن المرأة لا تناسب بيئة اتخاذ القرارات:
صاحب هذه الحجة أو العذر هو دائماً الرجل، الذي يعتمد على مفاهيم قديمة أكل عليها الدهر وشرب، من حيث الحط من إمكانيات المرأة وقدرتها على اتخاذ القرارات. وهي قادرة على مواجهة أي بيئة تتطلب اتخاذ القرارات الصعبة.
الرد النسائي: اتخاذنا لقرار حمل جنين ليس أقل صعوبة أو أهمية من اتخاذ أي قرار مصيري في منصب قيادي في المجتمع. فنحن نتخذ قرار الحمل رغم علمنا بالمعاناة التي سنتحملها والمسؤولية المترتبة على ذلك.
ثانياً، المرأة تفتقر للخبرة العميقة في الشؤون القيادية
هذا أيضاً يعتبر من الأعذار غير المنطقية، لأن المرأة أثبتت بأنها تستطيع امتلاك الخبرة الكافية لاتخاذ قرارات تتعلق بشؤون القيادة في أي مجال من المجالات.
الرد النسائي: نرفض بشكل قاطع مثل هذا العذر أو الحجة، لأننا قادرات على اكتساب الخبرة العميقة في أي مجال من المجالات بما في ذلك مجال القيادة. فهل يستطيع الرجل التعامل مع مولود جديد بمفرده؟
ثالثاً، معظم النساء لا يستطعن تحمل الضغوط التي تفرضها المناصب القيادية
هذا برأي خبراء الدراسة، خطأ؛ لأن المرأة تتمتع بالصبر الذي يفوق كثيراً صبر الرجل، وكل ما تتطلبه الضغوط هو الصبر إلى أن تمر أزمة أو يمر وضع معين.
الرد النسائي: هذا العذر أو الحجة غير مقبولة وغير منطقية على الإطلاق؛ لأن المرأة هي من تستطيع تحمل الضغوط في أي بيئة من البيئات.
رابعاً، المرأة القيادية ستحيط نفسها بالعنصر النسائي في بيئة منصبها
المرأة التي تنال منصباً قيادياً ستحيط نفسها بالنساء وليس الرجال، وهو أمر ليس في صالح العمل بشكل عام، هذا بحسب رأي الرجل.
الرد النسائي: هذا الكلام ربما يكون فيه شيء من الصحة، والسبب هو أن المرأة تستطيع أن تتفاهم أكثر مع نساء مثلها من حيث العمل المهني وليس في كل شيء. ولكن طالما أن ذلك لا يؤثر سلباً على بيئة العمل فإن هذا العذر أو الحجة غير مقبولة.
خامساً، هي عرضة لتأثير تغيرات هرمونية قوية
وذلك بسبب التغيرات الهرمونية في حالتهن الأنثوية وقد يصل إلى حد خطير يمنعهن من ممارسة مهامهن.
الرد النسائي: هناك مبالغة حول هذا الأمر. المرأة تتعرض لبعض التغيرات الهرمونية التي تتسبب في تغيرات في المزاج فقط وليس من حيث الطاقة الفكرية. وهناك أيضاً حقيقة وهي أن المرأة تتعود على هذا الوضع مع مرور الوقت.
وعلى كل حال الإسلام كرّم المرأة، وأعلى قدرها، وكان لها دور في قيادة الدولة الإسلامية منذ فجر النبوة، فكانت زوجةُ الرسول عليه الصلاة والسلام خديجة بنت خويلد، خيرَ معين له في نشر الإسلام عندما بلّغ الرسالة، وكذلك السيدة الزهراء (عليها السلام) وغيرهن الكثير من النساء المسلمات، لكن أمر الولاية العامة هو أمر مخصوص بالرجل، وإن تغيرت مفاهيم العصر اليوم وصارت المرأة اليوم صاحبة أمر ونهي في مختلف قضايا المسلمين".
اضافةتعليق
التعليقات