الفكرة قد تعلو رصاصتها وتقع ضحية أزمان لاتعترف بها وهي مسودة النفس، فهنالك فكرة تلوذ بصاحبها وترتفع به وأخرى تسقط في حيزها دون أن تبني شيء فهي تحجب معناها عن صداها وترتطم في اللاشيء، ضآلة الفكر ضياع لأساسه، كفكرة تبني أهدافها ولا تقع إلا بسواها فمثلاً ليسوا كل المنتخبين المعنيين بتمكين ما يصبون إليه جديرون بذلك وليست كل الأماكن لأصحابها فالأقدار لا تفعل كل ما نصبو إليه، أو طفل يذهب إلى مدرسته ولا ينجز فكرته فلربما يؤدي واجب شكلي فحسب، ليكون خلاف ما يراد منه.
أمتنا تحتاج إلى فكرة نهضوية جدية في نقاط توعوية مترابطة حتى تنتج لنا حالة شعورية صارمة بأن نكون منتجي أفكار، ذهن المرء عبارة عن إجابات والوقوع ذاته أن نقع في فخ الأسئلة ونسوق شباكها الفكرية إلى التعقيد المكتسب دون أن تسلك طرق فائقة خلاقة في سير فطري، الخضوع هو اللاوعي والتخلي عن مصدر إدراكي لا يمكن إستنكاره.
يتوجب للإنسان أن يكون لديه خريطته الإدراكية والأفكار هي هويته ومصدر تماسكه، التفكر هو حرية الوصول بين ما نعلمه وما نجهله وبين ما نعرفه ونعتقد أننا نعرفه، بين المجهول والغائب، بين الإيضاح والغموض وبين ما هو مبهم لدينا.
الحياة عبارة عن تطبيقات عملية تتبلور فيما نؤثر به ويتأثر بنا فهي عبارة عن صفات فعلية وليست رموز عادية رمزية خيالية، لا تعبر عمّا نتبناه فينا، يقال كل إمرئ ومدى عقله، بمعنى أن أفكار الناس وعقولهم لا تتشابه، كلٌ وطريقته الفكرية وهذا يجعله إما غني بما يملك أو أفقر مما يحصل، كل فكرة حيث مأواها فما إن طال عليها الزمن أو تبدلت تضمحل وتنهي شباكها التي وقعت بها، كل إنسان له فكرته ولا أحد يتطاول على ما تفكر لأن هذا موضوع عقلي لا يقرأه أحد ما لم تنطق به.
فالأفكار كالعناكب أحياناً تبني شباكها ولا تقع بها، ثم إن الانسان الذي يطمح لشيء ولاينال ما يستحقه يجلس في نطاق عتبات الفشل مع حسرات لاتجدي بشيء في بلد لايمنح فيه شيء إلا بشق الأنفس أو بواسطة تعزز أمنياته ووسائله وتعيد عقرب الوقت والزمن كما تريد، وأي هدف سيكرس على نأي الممارسة الوتيرية تئن من نهيب تفانيها في أسمى ما تتمناه والأهداف المتردية في سعي تحقيقها تندرج في وصف المأزق الذي قد تحقق، البشر يندرجون على ما يستحقونه في وصف الحياة التي تقيم بيننا كيفما شاءت تلك التي لاتمنح أفرادها إلا الصراع من أجلها.
السؤال الذي يرادف أذهاننا ما الجهد المبذول لهذا التحقق، ما ثمنه وكيف تناور الحياة عقولنا وتتلاعب بنوايا الوصول ليصل المرء إلى أعمق ما يراه، وما القاطع أن نصل، وتتعدد الأجوبة في خضم ما نقاتل من أجله، وما الذي يرضي أمنياتنا بما ليس فينا إلا ما نسعى له، وأكثر ما يثير الانتباه أنه الذين يضحون من أجل ما يريدون ينجحون في تخطي عقباتهم وعوائق الانجاز وألف حاجز، وقد قطعت الحياة وعدا بوضعه وهُزم اليأس فيها لتكون اشارة تضمينية واسعة في مفاوضاتها وحروبها على أصعدتها أجمع والتخطي لصداها المريب وعقد التفاني لأحلام قد نالت وقتاً للوصول إلى برها الآمن.
المساعي مرهونة بنواياها كما نحن نشاء دون أن يتكدس التوقيت فينا، التحدي واجب لأنفسنا أولا وكيف نقتنص الفرص المحكومة بالأقدار، وإن طاقة الشغف لن تنتهي لأي بشر لطالما أنه يريد أن يصل ويكون.
اضافةتعليق
التعليقات