لأن هذا الدين قام بسيف علي صلوات الله عليه وإستقام بدماء السبط الشهيد، ولأنه قد إرتوى من غدير خُم حتى أكتمل ليرضاه الجليل ديناً فيُتم النعمة، أقامت جمعية المودة والإزدهار النسوية المُلتقى الثاني لخطيبات المنبر الحُسيني تحت شعار( الغدير اكمال الدين وعاشوراء استمراره) وذلك في يوم الجمعة المصادف ١٤ ذو الحجة 16/ 9 /2016 في حُسينية العترة الطاهرة بحضور جمع من خطيبات المنبر الحسيني والمبلغات والملايات.
حيثُ كان الهدف من إقامة هذا المُلتقى الثاني هو تقارب ونضوج الافكار بالشكل الافضل لتحقيق الغاية منه وإيضاً بيان أهمية ومظلومية يوم الغدير الأغر رغم انه (عيد الله الاكبر).
فقد جاء في مقطع من خطبة الرسول الاعظم (ص) في هذا اليوم: (فليُبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد الى يوم القيامة..) هذة المقطوعة تضعنا أمام مسؤولية جداً عظيمة لأحياء واقعة الغدير واحياء القيم التي جاءت بها هذه الواقعة ومن ضمن هذه القيم هي: التبليغ حيثُ ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلَّغ وادى رسالته ولو أنه حاشا لله تخّلف عن الابلاغ لما رُضيَّ الاسلام له ديناً ولا بلغّ رسالته.
ولتسليط الضوء اكثر على أهمية إحياء هذه الواقعة كان للأستاذة الفاضلة (أُم مصطفى الشيرازي) حديثاً غديرياً ممتزج بعبق عاشوراء بهذا الصدد حيثُ أفتتحت كلامها بقوله تعالى: (ياأيها الرسول بلَّغ ما أُنزل اليك من ربك فأن لم تفعل فما بلغت رسالته..)، وأيضاً في حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال مخاطباً سيد الوصين: ياعلي لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من الدنيا وما فيها.
حيث أضافت: العالم تحكمه قوتان الاولى: قوة السلاح المُتمثلة غالباً بالحكام وسياساتها الظالمة، بالقوة يحكم الشعوب فيسيطر عليها بالسلاح.
ثانيا: قوة البيان المُتمثلة بالخطباء الكرام، فهم أهلُ البيان حيثُ يُسيرون الناس الى حيث يريدون ويشاؤون..
فهنا نتسائل ماهو الفرق بين القوتين؟
الاولى: تحكم الابدان والاجسام بالحديد والسلاح والنار.
الثانية: تحكم القلوب والنفوس والارواح وتُغير الكثير من المُعادلات..
من هنا نعرف دور الخطيب والمُتكلم في نشر الثقافات وتثبيتها فتارة ينشرُ هذه الثقافات وتارة أُخرى يُغيرها، وإذا ما نظرنا الى الأنبياء سنجدُ ان الخطابة والتبليغ والإبلاغ مهام الانبياء وعليه فأن الخطباء يُمثلون دور الأنبياء لأن الناس ينظرون الى الخطيب كما ينظرون الى الانبياء.
ولكي ينجزُ هذا الدور بأعلى مراتبه يجب عليه ان يقرأُ سيرة الانبياء، كيف دخلوا وكيف بلغوا؟ وغيروا الناس ليدخلوا في الدين افواجاً، بل كيف ملكوا قلوب الناس؟
فبعض الأنبياء صرفوا جُل أعمارهم في التبليغ ليلاً ونهاراً، كل وقته صرفه في دعوة الناس كما في قضية النبي نوح عليه السلام (إني دعوتُ قومي ليلاً ونهاراً..).
وأيضاً بقية الانبياء فالنبي موسى (عليه السلام) عانى ما عان من المشاكل والمتاعب في سبيل التبليغ وحث الناس ليس بيوم ولا يومين ولا حتى شهرين وأنما ثلاثُ سنوات يقفُ عند باب الطاغية فرعون لكي يدعو ويبلغ ..
حتى نصلُ الى خاتم الأنبياء ودوره في هذة الوظيفة العظيمة حيثُ أنه أدى كل التبليغ في يوم الغدير (حيثُ إكمال الدين واتمام النعمة، ورضا الرب) في هذه الخطبة، فماذا فعل؟ خطَب هذة الخطبة التي تجلى فيها التبليغ العظيم من إكمال الدين واتمام النعمة.
الامام الشيرازي (قدس) كان يقول: نحنُ العلماء ونحنُ الخطباء كلما قلنا للناس أخذوا منا وفعلوا) لماذا؟ لأن الناس يتوجهون الينا.
بعد هذه الكلمة العظيمة الانسان يجب ان يُقدر قدره، ماذا يفعل؟ وكيف يتكلم والأهم كيف يُؤثر على النفوس ويُغير؟ كيف بامكانه بكلمة واحدة ان يُغيّر العالم؟
وهنُا تساؤلت الشيرازي: كيف أكون خطيبة ناجحة؟ وماهي مقومات الخطيب الناجح؟ نجيب على ذلك بنقاط باختصار:
1- الإنجاز: يعني الدخول في هذا المشروع.
2- التحدي: الان نحنُ في عصر التحديات، الأديان والفرق الأُخرى يعملون ليلاً ونهاراً فهل وصلنا لمرتبة التحدي؟ اذا ما اردنا الوصول يجب علينا ان نعمل ليلاً ونهار.
3- التفوق: وهذا يعني ان لا نصل إليهم بل ان نتفوقُ عليهم، وذلك لايكون الا عبر: الاخلاص في العمل، والتطبيق العملي، والرجوع الى القرآن وكلام أهل البيت (عليهم السلام).
4- من مقومات الخطيب الناجح هو إحداث الفارق: بمعنى أن تفكروا بطريقة إبداعية وخارج الصندوق بمعنى ان لا تكونوا نُسخ مكررة.
ثم تساؤلت الشيرازي: لماذا نعيش في ضنك الحياة؟ لماذا نحنُ في ضنك سياسي واقتصادي واجتماعي؟ بالوقت الذي نمتلك فيه ثروة عظيمة جدا؟
لأننا مثلنا مثل الذي يمتلك ثروة طائلة من الأموال يحتفظُ بها في خزائن ويعيشُ فقيراً متسولاً، لأننا لم نعمل بما يُريده القرآن وأهل البيت (عليهم السلام) لأننا ما بلغنا، لأننا نمرُ من ديننا مرور الكرام دون العمل بآياته وأحكامه.
وهنا أشارت الشيرازي: أهمية احياء الآيات الحيوية من القرآن الكريم كآية الاخوة (إنما المؤمنون اخوة)، وآية العدل والإحسان (ان الله يأمر بالعدل والاحسان) وغيرها من الآيات التي اذا ما عملنا بها فأنها ستُغير حالنا الى الأفضل، وكذلك الكنوز التي نمتلكها من نهج البلاغة والصحيفة السجادية وتفسير القرآن ودورها في حل المشاكل التي بدأت تتفاقم وتدخلُ كل بيت شيعي موالي.
ثم تطرقت في حديثها: الى أهمية التعبئة العلمية والمطالعة في كل المجالات العقدية والأخلاقية والاجتماعية وغيرها من مجالات الحياة.
ثم أشارت: الى أهمية خلق التوازن بين:
١- العلم والعمل: فالعلم يهدفُ بالعمل لكي لا يرحل ويذهبُ هباء.
٢- الخطابة والأخلاق: فمن الضروري للخطيب أن يتحلى بمحاسن الأخلاق ومكارم الاخلاق مثلاً من الضروري جداً للخطيب أن يتحلى بالتواضع.
٣- العلم الحديث والعلم القديم: فالمعادلات تغيرت فلا يجب ان نُربي شبابنا بنفس الاسلوب بل يجب ان نُغيَّر وذلك بالمزج بين العلوم الحديثة والقديمة لكي نكسب الشباب.
ثم كانت الانتقالة في الحديث حول مناسبتين عظيمتين: عيد الغدير الأغر وواقعة عاشوراء.
فالغدير وعاشوراء ضلعان لثقافة واحدة، أحدهما البداية والعبور، والثاني الوصول الى الهدف فكأنما المسير هكذا بين الغدير وعاشوراء فصاحب الغدير هو الاب (صلوات الله عليه) وصاحب الطف هو الأبن (صلوات الله عليه) وهناك تواصل بين الأب والابن. ومسؤوليتنا نحن ازاء هاتين المناسبتين هي إيصال صوت الغدير وعاشوراء الى العالم حيثُ راية امير المؤمنين (عليه السلام) وراية سيد الشهداء (عليه السلام) ترتفع في كل إنحاء العالم. فنحن نستطيع ذلك لأننا أصحاب الأفكار، وأصحاب القيم.
لماذا يتغير العالم بميلاد المسيح وذكرى ميلاد الرسول (صلى الله عليه وآله) تمر مرور الكرام باحتفالات متواضعة بسيطة؟
كيف استطاعوا هم الذين لا يملكون شيء ان يبلغوا بهذه الطريقة الكبيرة وأصحاب الكنوز لا يستطيعون؟
عيد الغدير الأعظم هل نرى له ظاهراً في مجتمعنا كما يفعل المسيحيون ؟
فالعيد ثقافة كما الحُزن ثقافة، أين مجالس احياء عيد الغدير؟
في روايات ثلاث إصطلاحات ليوم الغدير: عيد الله الاكبر، عيد الله الافضل، عيد الله الاعظم. هل عظمنا؟ وهل كبرنا؟ وهل فضلنا هذا العيد؟
اقل ما يمكن فعله هو تخصيص عشرة ايام من شهر ذو الحجة بأسم الغدير، واحياء قيم الغدير على طول السنة ودائماً، أصل الغدير في هذه الخطبة، قيم الغدير ومبادئها من الولاية والتبري واكمال الدين واتمام النعمة، فلابد ان نُغيّر ثقافات الناس، نُبلغ ونُعلم الناس المسؤولية إتجاه هذا العيد العظيم، يجب إحياء هذا اليوم ظاهراً وجوهراً وتعليمهم كيفية إحياء هذا اليوم فلو علم الناس حقيقة يوم الغدير وما جاء في هذه الخطبة لتمسك بها الناس جميعاً..
وهكذا الامر مع ثقافة عاشوراء، من الآن يجب تهيأت أنفسنا وبرامجنا حول كيفية نشر ثقافة سيد الشهداء وعاشوراء الى العالم أجمع لان ثقافته ليست بالبسيطة فكيف نُبلغها..
فاقترحت الشيرازي عنوانا لهذه السنة: كونوا مع سيد الشهداء (عليه السلام)، وكيف نكون مع سيد الشهداء؟ من الناحية العقدية والأخلاقية، فسيد الشهداء في يوم تاسوعاء مع شدته كان يقضي حوائج الأعداء ليس أصحابه فقط.
كيف نستفاد من ثقافة عاشوراء وننشرها؟ وكيف نستفاد من ثقافة الغدير وننشرها؟ هذا الهدف الذي يجب ان يُوضع أمام كل خطيبة وتسعى جاهدة لتحقيقه..
واخيرا تُرك المجال امام الاخوات الخطيبات لمناقشة أهم التساؤلات والافكار بهذا المجال..
كنا وقد استطلعنا آراء الحاضرات حول المُلتقى الثاني وكانت إجابات البعض منهنُ كالآتي:
١- رائع بمعنى الكلمة ونتمنى من الله التوفيق للعلوية الفاضلة ام مصطفى شيرازي وأستفدنا من هذا الملتقى للرقي في خدمة الحُسين ابا عبدالله (عليه السلام) ونشر رسالة الاسلام. وقد ساعدني هذا الملتقى الى كل ما يرتقي بالمنبر الحسيني وتطوير القابليات وكل مايخدم المجتمع والاسلام.
٢- إن هذا الملتقى يُنمي ويُطور الخطيبات بصورة صحيحة من خلال ما طرحته الاستاذة جزاها الله خيرا، وقد ساعدني الى المدى الذي يهدف الى النهوض بالمجتمع في الدنيا والآخرة.
٣- جيد جداً وموفقين دائماً في إقامة هكذا برامج فالهدف هو التثقيف ويجب ان نشجع على استمرار إقامة هكذا برامج توعوية ونرجو من العلي القدير ان يخرج المجتمع من الظلمات الى النور وبذلك نصل الى مجتمع نسوي مثقف واعي قريب من الله عزوجل واهل البيت (عليهم السلام).
٤- ملتقى هادف وجميل يهدف الى توعية الخطيبات المنبر الحُسيني وينشر الوعي الثقافي والاجتماعي بين صفوف المجتمع من خلال الارشاد وانه ملتقى يهدف الى العمل الصحيح والعقيدة الصحيحة واعطاء المنبر الحسيني حقه الصحيح من خلال المحاضرات التي تهدف الى عدم الجهل وتوجيه الناس بالشكل الذي يرضي الله عزوجل. ويجب الاستمرار بهذة الملتقيات حتى نتطور نحو الاحسن والاجمل.
٥- كان الملتقى جداً راقي ومفيد وساعد في توسيع ثقافاتنا لا سيما حضور المربية الفاضلة ام مصطفى شيرازي دام ظله، ونود الاستمرار بهذه الملتقيات من اجل تطوير المجالس بشكل كبير لأنها تعرف القضية الحُسينية بشكل اوسع مما يدركه البعض وبالتالي سننقل التعريف الى المجتمع وحينها يبدأ التطور في المجالس.
6-جزاكم الله خير الجزاء ملتقى جميل وطرح ممتاز وتنظيم ملحوظ اتمنى لكم التوفيق الدائم، فقد استفدتُ منه الى درجة ارواء الضمآن بالماء الزلال فنحن والمجتمع والمؤسسة الدينية بصورة عامة نتعطش لتنظيم الكوادر وتثقيف المبلغين وتنشئة هذه الملتقيات بشكل مستمر سنوياً وشهرياً ان شاء الله يمدكم المولى بالتوفيق والتسديد.
جدير بالذكر ان جمعية المودة والازدهار النسوية تهدف الى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحديات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها واعداد العلاقات التربوية الواعية التي تُعنى بشوؤن الاسرة وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واع وتسعى الجمعية لتحقيق اهدافها عبر اقامة المؤتمرات والندوات والدورات واصدار الكراسات واعداد البحوث والدراسات المختصة بقضايا المرأة والطفل.
اضافةتعليق
التعليقات