جلس لؤي على الأريكة بعدما لازمه دوار شديد كاد أن يفقده وعيه لكن أستاذه المراقب ناوله رشفة من الماء ليستعيد وعيه إلا انه أبى أن يرتشفها وبعد برهة من الوقت جفف العرق المتفصد في جبته بكم قميصه وغسل وجهه بقطرات من الماء البارد ثم عاد إلى قاعة الامتحان لإنهاء امتحانه.
مشهد يتكرر كل عام تزامنا مع شهر رمضان وهو موعد الامتحانات للمراحل المنتهية, اذ تبدأ اغلب العوائل للتأهب لإحياء فروض الشهر الفضيل الذي يستقبله العالم الإسلامي بحفاوة لما يبثه في النفس من طمأنينة والتقرب الى الباري عز وجل.. لكن هناك ما يزعزع سكينة هذا الشهر الكريم وهو وقت الامتحانات مع حلوله والتي أصبحت مشكلة يعانون منها اغلب الطلبة وهم يخوضون تحدي كبير بين امتحان الصبر وامتحان الدراسة..
(بشرى حياة) سلطت الضوء على هذا الموضوع وتجولت بين مجموعة من الطلبة لتستمع إلى أرائهم..
مطالبات بتغيير الموعد
يكمل لؤي حديثه: "لم استطع مواصلة صيامي في الأيام المتبقية لي في الامتحانات، اضطررت إلى الإفطار بها وإتمامها في أيام أخرى".
وأضاف: "اشعر بالأسى لهذا الأمر, إلا إن مقدرتي ضعيفة على مقاومة الصيام والدراسة معا".
ختم حديثه متمنيا: "أتمنى أن يصدر وزير التعليم قرار بتغيير موعد الامتحانات الى ما بعد شهر رمضان او قبله".
إن تزامن الامتحانات مع شهر رمضان يجعلني عصبي جدا, استهل الطالب ماهر كريم كلامه بهذه الجملة متابعا: "إني افقد تركيزي وتختلط عليّ الأمور حيث افقد القدرة على التوازن بين الامتحان والصيام, مناشدا الجهات المسؤولية للالتفات إلى هذا الموضوع, والمطالبة بتغيير موعد الامتحانات إلى ما بعد الشهر الفضيل".
بينما قال مسلم زهير طالب إعدادية: "انه يشعر بالضجر حيال هذا الموضوع فلا يمكنه تأجيل الصيام فهو واجب الهي ينتظره بحفاوة ليقيم طقوسه على أكمل وجه, كما إن الواجب الشرعي يحتم عليه الصيام, لكن الدراسة وحرارة الجو مع الإرهاق يجعله يتخلى عن الواجبات المحببة لديه من تلاوة القرآن وغيرها".
مضيفا بأنه: "لا يستطيع الإنصاف بين دراسته وواجبات الصيام الأخرى, وبأنه لا يستطع متابعة دروسه في المساء بعد الإفطار فيكون مجهدا ويحتاج إلى النوم الكافي وفوق هذا فإن ليل الصيف قصير, وهذا ما يزيد الطين بله".
فيما قالت هاجر حسين طالبة جامعية 20 سنة: "هذه السنة الثالثة توالياً تصادف امتحاناتي في رمضان, السنة الأولى عندما كنت في السادس الإعدادي, وفي المرحلة الأولى من الجامعة بعض المواد وليس جميعها والان أيضا".
وأضافت قائلة: "قد استرعى انتباهي بوست نشره احد المغتربين على مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن تأجيل الامتحانات في احد الدول الأجنبية احتراماً لشهر رمضان ومراعاة لبعض الطلاب حتى لا يتم الضغط عليهم, بينا نحن تمر السنين تلو الأخرى دون تغيير موعد امتحاناتنا".
وتابعت بقولها: "رغم هذا نحن صامدون ونعتبر من المجاهدين لطلب العلم لن نفرط لا بصيامنا ولا دراستنا وسيكون الحل بأذن الله مستقبلاً".
ومن جهة أخرى قالت ميسم صالح طالبة جامعية 22سنة: "هذه السنة الأولى التي سيتصادف فيها رمضان مع امتحاناتي النهائية، بالرغم من إنها كانت تنتهي في السنوات السابقة قبل رمضان بيوم أو أول يوم من رمضان إلا انه أفضل من أن نمتحن في وسطه".
مشيرة بقولها: "وبغض النظر عن الصيام أو الحر والعطش والجوع، أنا لا يهمني أي منها, فأنا سأصوم مهما كان الامتحان ولن أضيع يوما بأذن الله من الصيام".
وتابعت: "لكني حزينة لأني سأنشغل بالدراسة عوضا عن العبادة، وجميعنا نعلم أن شهر رمضان هو شهر العبادات والطاعات والراحة النفسية التي تتغلغل إلى الروح في هذا الشهر الفضيل التي نشعر بها طوال الشهر في قراءة القرآن وإقامة الليل وغيرها".
ختمت حديثها: "نسأل الله ان يتقبل منا بالرغم من تقصيرنا وان يوفقنا ويرحمنا أجمعين فنحن بناة المستقبل ومصلحيه ان شاء الله".
ومن جانبها أضافت سارة احمد/ طالبة: "تقريباً هذه السنة الثالثة على التوالي يكون موعد الامتحانات فيها في الشهر الفضيل، بغض النظر عن كل المصاعب التي نواجهها لكن للحق فالوقت لا يسمح بتأجيل الامتحانات والسنوات القادمة ربما سيصادف الدوام في الشهر وذلك للفارق بين الأشهر الهجرية والميلادية".
مضيفة: "إنها اعتادت على الأمر, رغم التعب الذي يعتريها خلال التركيز في القراءة".
انعكاس سلبي
فيما قال الأستاذ الجامعي احمد الشريفي: "إن تزامن وقت الصيام مع فترة الامتحانات ينعكس سلباً على مستوى الطالب الدراسي، لأن الإنسان الصائم لا يستطيع التركيز في الدراسة، وبهذه الحالة سيتراجع مستوى الطالب الدراسي في الامتحانات، وسينخفض معدله، كما إن هنالك بعض الطلاب بنيتهم الجسدية لا تسمح لهم بالصيام والدراسة في آن واحد".
مضيفا: "إن حلول شهر رمضان المبارك واشتداد الحر وتزايد ساعات انقطاع التيار الكهربائي يوجد صعوبة لدى الطلبة في الجمع بين صيام الشهر الفضيل والاستعداد للامتحانات بالشكل المطلوب, وهذه واحدة من آلاف المشاكل العويصة التي تظهر عند المجتمعات الإسلامية, التي تجمع بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي فتفاوت الشهور هو من يتسبب بهذا الإرباك".
وتابع بقوله: "وبما إن هذه المشكلة يصعب حلها لذا ندعو من المسؤولين في وزارة التربية ووزارة التعليم العالي إلى تقديم أو تأخير موعد الامتحانات من اجل أن لا تتقاطع مع أيام الشهر الفضيل".
رؤية شرعية
ومن الجهة الشرعية شاركنا الشيخ كاظم العابدي قائلا: "إن الصيام ركن من الأركان التي فرضها الله تعالى على كل مسلم ومسلمة، سواء تزامن مع وقت الامتحانات أو لم يتزامن، وأي تقصير يحاسب عليه الإنسان من قبل الباري عز وجل, فهو واجب لا يمكن تركه ولا يجوز الإفطار متعمدا إلا بعذر أو مرض يجعل المرء يكون مضطرا للإفطار, ويتوجب عليه صيامه فيما بعد بأيام أخرى وقد نص القرآن الكريم بذلك".
وأضاف: "وبعد تحديد موعد امتحانات البكالوريا للدراسة الإعدادية بفرعيها العلمي والأدبي، اذ تزامن موعدها في شهر رمضان المبارك مع الأجواء الحارة وعدم توفر التيار الكهربائي مما يؤدي ذلك إلى احتمالية التقصير إما في الصيام أو الامتحان، بل ربما يؤدّي ببعض الطلبة إلى الإفطار المتعمد, وفقا لهذا عمدت المرجعية الرشيدة على التنوية بأن الاستمرار في الدراسة ليس عذراً لترك الصيام، إذا كان يدور أمره بين أن يدرس وبين أن يصوم وكان ترك الدراسة يؤدّي إلى وقوعه في حرج بهذا الجانب, فيجوز له ان ينوي الصيام، فإذا اضطر إلى شرب الماء أو أكل الطعام في أثناء النهار فيشرب ويأكل بمقدار الضرورة لا بحد الارتواء والامتلاء، ثم يجب عليه القضاء لاحقاً".
التربية ونظام الامتحانات
فيما حدثنا مدير تربية مدينة كربلاء المقدسة عباس عودة بهذا الجانب قائلا: "إن نظام الامتحانات نظام قديم وحدد فيه موعدها في الشهر السادس للصفوف المنتهية لمرحلتي الثالث المتوسط والسادس الإعدادي بجميع فروعه إلى الشهر السابع للحاجة إلى استغلال القاعات الامتحانية في الجامعات كونها مهيأة أكثر من المدارس, هذا وقد صادفت امتحانات المتوسطة هذا العام مع شهر رمضان المبارك ووضعنا خطة عمل للتقليل من تأثير ذلك على طلبتنا الأعزاء".
وأضاف عودة: "وقد تم اختيار القاعات الأكثر تهيئة من حيث التبريد والسعة وما شابة لنقلل من تأثير الجو الحار علما ان الجو اقل حرارة من السنوات الفائتة, ولا يمكن تغيير موعد الامتحانات لانها تتعارض مع النظام اولا ومع امتحانات الصفوف غير المنتهية وامتحانات الصفوف الوزاري للمرحلة الابتدائية ثانيا.
وتابع بالقول: "وقد تداولنا هذا الأمر مع الوزارة وطرحت عدة آراء وأفكار ولم نصل إلى غير ذلك, ونحن نعمل الان بكل جد وتواصل وبجهود إدارات مدارسنا على تذليل المعوقات ولنجعل أجواء الامتحانات مناسبة لطلبتنا الأعزاء, كما نتمنى لهم النجاح والموفقية".
اضافةتعليق
التعليقات