عامل نشيط يعمل لساعات طويلة، لايرتدي الهندام الجيد، فكل ما يرتديه هو بدلة ذات لون غامق، يحمل على كتفه الاكياس ويدفع بقدميه عربة قد تثقل ظهره فيصبح مقوسا، موظفا نعم لكنه يختلف عن باقي الموظفين لا يجلس خلف طاولة وعلى يمينه ويساره اوراق واقلام تحت التبريد صيفا والتدفئة شتاءا، ولكنه يعمل اضعاف منهم وهو صامت، تؤلمه نظرة المجمتع والمصطلحات التي يطلقها عليه فمرة ينادي (الزبال.. الكناس.. البلدية) وغيرها من الكلمات التي تجرح قلبه.
ولو انصفنا هذا الرجل قليلا لعرفنا اننا نحن اهل هذه النفايات وهو النظيف فلولا دوره لامتلأ المجتمع من القمامة وانتشرت الامراض والروائح الكريهة، فلم نعرف قيمة هذا الرجل النظيف بعد ولم نعطه حقه كباقي الدول ففي الدول المتقدمة يعيش عامل النظافة بكل تقدير واحترام ويعامل معاملة حسنة وعلى سبيل المثال "ألمانيا يعيش عامل النظافة كصاحب أكثر الوظائف احترامًا وتقديرًا فى العاصمة برلين بعد الطبيب، ويتقاضى عامل القمامة راتب شهري، ويجرم القانون الألماني إهانة عمال النظافة ومن يرتكب هذا الجرم يعاقب ويقضى مدة محكوميته فى جمع القمامة لعدم تكرار الأمر.
في عالم اليابان البلد المتقدم فكريا وثقافيا تصنف اليابان "عامل النظافة" على أنه شخص يشغل أهم وظيفة بالدولة، وتحرص على توفير حياة كريمة له، علاوة على منحه راتبا يتراوح ما بين 75 ألف دولار و100 ألف دولار سنويا، بالإضافة لتجهيز منازل عمال النظافة بالكامل وتوفير كل الأجهزة الكهربائية والترفيهية.
وجعلت له تماثيل لعمال النظافة فى أحد الميادين الشهيرة، لتسليط الضوء على الدور المهم الذي يقوم به عمال النظافة واعترافا منها بأهميتهم فى الدولة"، واطلقت عليه اسم "مهندس بيئة"، ودول أخرى تمنع الوافدين من العمل بالمهنة التي تعتبرها أمنا قوميا.
وبقي الرجل النظيف يعاني من نظرة المجتمع لعمله في بعض الدول العربية وعدم تقبل الناس لعمله وفي الوقت نفسه لا يستغنى عن خدماته، ولا يعطي اهمية ويهمش دوره في المجتمع من الاجور فنرى أن اجور عامل النظافة قليلة جدا ولم يتم تثبيته كموظف دائم بل هناك عمال مازلوا على عقد يومي براتب لا يتجاوز المئة الف وخمسون دينارا شهريا، ومن دون ضمانات اجتماعية رغم المخاطر التي قد يتعرض لها في عمل النفايات لما يرمى فيها من الادوات الجارحة، كالزجاج وغيره، وفي حالة اصابته يتم ايقافه عن العمل من دون دفع التعويضات او تحمل مسؤولية علاجه في حال اصابته اثناء العمل لذا بقيت نظرة الناس لهذا المهندس البيئي فقيرة وسلبية نوعا ما.
ومن الضرورة تعديل وجهة نظر المجتمع لهذه المهنة وأفرادها والعمل على دعمهم معنويا وماديا لتوفير بيئة نظيفة تليق بمكانة المدينة وقدسيتها، والتأكيد على دور منظمات المجتمع المدني في توعية المجتمع من خلال حملات اعلانية تعرف الناس بقيمة هذا العامل النظيف وقيمة عمله، واهمية نظافة البيئة فليس هو وحده من يتحمل مسوؤلية التنظيف بل هو واجب على كل فرد كما قال رسول الله (ص) في حديثه: (النظافة من الايمان)، فعمل التنظيف من الاعمال الايمانية التي حث عليها لأن عامل التنظيف يقوم بإماطة الأذى عن الطريق فينال استحقاقه من الاجر في الدنيا والآخرة، دفع مستحقاته وتثبيتهم في العمل لصالح المدينة اولا، تعويضهم في حال الضرر ومحاسبة من يسيء لهم ولو بغرامة مادية او ان يمارس عمله حتى يكون القانون عادل بين ابناء الشعب ولا يتعالى الفرد على الاخر، جعل لهم يوم خاص تكريما لهم فقد طالبت منظمات المجتمع المدني بجعل 30 أبريل عيدا لعمال النظافة فيقام في هذا اليوم بتكريم العمال وعوائلهم ماديا ومعنويا ومنحهم باقات ورد، ومعالجة المصابين منهم وتزويج العازبين وكل هذه تأتي كجزاء على احسانهم وعملهم لصالح بيئة نظيفة فنقول شكرا ايها الرجل النظيف.
اضافةتعليق
التعليقات