بعينين مغمضتين يسير في الطرق العامة، يتبع أضواءً مجهولة، يتخبط بالجدران، يتألم... ينزف.. ثم يعود الى نفس الطريق، يتلمس الهواء... يمد يده اليه... يعانق الفراغ، يقطع عناقه صوت السيارة القادم بإتجاهه ترميه على الارض... ويستمر بخطاه .
نتبع بعض الاضواء الوقتية ثم ماتلبث لتخفت ثم نسير بنفس العمى لنتبع ضوءا آخر، تأخذنا تلك الفكرة، ويأسرنا ذلك الشخص حتى نكون رهن حركاته فنقلده بلا تفكير .
ترى هل فكرنا للحظة ان نفتح أعيننا، ونقف قليلا لنرى أي الطرق سالمة وأيها معفرة، ونرى تلك الاضواء عن كثب لنرى أيها نور حقيقي وأيها مزيف، هل وقفنا عند ذلك التصرف هل قارناه مع ذاتنا، اخلاقنا، ديننا، مبادئنا، لنضع صورة بجنب اخرى ونلاحظ الفرق.
ان نسير سير المغشي عليهم وننقاد لكل مايحدث حولنا هو فقدان لذواتنا، وضياع لافكارنا، لكل منا مواهب وافكار ورغبات وتصرفات خاصة به ثم تتوسع لتشمل مجتمعا، فنقطة الانطلاق منبثقة من كل فرد منا فلننطلق.
افتح عينك انت وليفتح آخر عينه ثم يفتح الجميع اعينهم فمجتمعك الذي تنعته بالنامي انت منه ونظرتك المُحَقّرة لبيئتك انت ضمنها والنظرة السلبية التي توجهها لمجتمعك كونه متخلف انت تعيشها، اذا ابدأ من نفسك ولا تتبع اي ضوء من الخارج، ف(إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فاصنع ضوئك ليعلو شعاعه ثم تتبعك الاضواء لنخلق مجتمعا نيرا من أضوائنا لا من شعاع الاخر الضئيل، فلماذا نجلس وننتظر عطفهم علينا في الفكر و(الموديل) والتصاميم والازياء ووو..
ستقول (هذا كلام غير منطقي او شبه مستحيل ان تغيرت انا كيف سيتغير المجتمع).
لنأخذ مثالا بسيطا على تطور امة كاملة ووصلت اليوم الى القمة عندما تركت البكاء على الماضي ونهضت من جديد، اليابان بعد قنبلتي هيروشيما وناتازاكي، اصبحت اليابان جرداء تخلو من ابسط الاشياء تركوا ندب الحظ وترفعوا على ان يأتي احد ويعيد لهم بلادهم، ولم ينتظروا احد ليخبرهم بنقطة البداية، بل فكروا وعملوا وثابروا وكان لنساءهم دور مثلما رجالهم لهم دور واعادوا بناء ارضهم لبنة لبنة .
اذا هي نقطة بداية هذه النقطة ضعها انت، لتكن فكرة جديدة: (لاتقل حكومتنا لاتساعد)، هل ساندت الحكومة (اديسون) في محاولاته التسعمائة والتسعة والتسعين تجربة لاختراع الضوء ام كانت محاولاته تخصة لوحده وعندما كان يلام لم يزده ذلك الا اصرارا وعزيمة.
الابداع واختراع الشيء الجديد ليس مستحيلا عليك والعقلية العراقية عرفت منذ الازل بفكرها وعلمها واختراعها لاشياء استفاد منها الغرب اكثر منا، لماذا، لانهم اخذوا تلك النقطة وانطلقوا نحو التقدم، اذاً لماذا لاتأخذ انت نقاطا وتطورها او تصوغ انت فكرة جديدة وتنطلق بها، لابأس ان نفشل مرة اثنان لكن ان نبقى ملازمين الفشل هو الفشل بعينه.
وان قلت: (الامثلة التي طُرِحَت لاشخاص غربيين نشأتهم تختلف عنا) لنعود الى اسلافنا لدينا مثالا بسيطا الا وهو الخليل الفراهيدي كيف استطاع ان ينظم علم العروض الذي لازال محط نقاش وعلما صعبا هل كان يدعمه احد بل العكس كان مُحَارَبا، كان يدلي رأسه في البئر واستطاع ان ينظم هذا العلم، فضلا عن ذلك عندما رسم الامام علي عليه السلام نقطة البداية في علم النحو وقال له: انحو هذا النحو، وتبعه بعد ذلك سيبويه وغيرهم من علمائنا.
لماذا هذا الخمول الذي يسيطر على عقولنا حتى طُفِئَتْ اضواء لبابنا واصبحنا نتبع اضواء لاتمد لنا بصلة، أجفانك الجميلة لاتدعها مغمضة افتحها لنرى جمال عينيك وليسطع منها نورٌ ذاتي ليملئ رحب الافكار حتى لاتنتحر باتباعها ضوء خافت.
اضافةتعليق
التعليقات