هل فكرتم يوماً بفتح عيون قلوبكم؟ فتنظروا في عيون ذلك اليتيم، تلك العيون التي تحمل صفاء السماء، ولمعان نور شمسها، تلك التي تنطق بما حملت من سلامة فطرتها، ونقاوة جبلتها الأولى قائلة بصمت:
لا تنظر إلي وكأنني إليكَ مفتقر ومحتاج؟ بل لي عندكَ حق، وأنتَ الذي لي محتاج، فما تعطيني إياه هو لكَ خير زاد يوم تُرد للميعاد.
لي عندك حق الانسانية التي تجمعنا، نعم يا من تنظر إليَّ أخاطبك: أنا يتيم! قد فقدت أبي، أبي تلك النعمة الكبيرة، ومن منكم لم يفقد نعمة من نعم هذه الحياة؟! أولسنا في دار الدنيا التي لا نعم تامة فيها، وهي دار فناء لا بقاء.
بلى! اليُتم حالة إنسانية قد يتعرض لها أي فرد منا، هي سُنة جارية من الحي الباقي، فمن منا لا يتوقع أن يموت في أي لحظة! أو أن يكون فاقداً أو مفقود؛ يكفي أن سيد الانسانية وخاتم الرسل كان يتيماً. فلما تشعرني بأنني أقل منك؟ فتنبه أنا مثلك أنسان.
لي عليكَ حق الانفاق
ألم تقرأ كتاب ربك الذي تدعي به الإيمان عندما قال لك: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (النساء:١٠)، فإن لي في مالي الذي عندك إستحقاق، فلما تُسرع بإيقاد نار عذابك بعصيان الله تعالى، بأكل حقي؟!
لي عليكَ حق الرعاية والاهتمام
لا أعتقد إنكَ أباً صالحاً فعلاً، وأنك أنشأت أبناء صُلحاء! بل لعل أبناءك مثلي أيتام، فاليُتم ليس بِفقد أبدان الآباء، بل بفُقدان روح الأبوة، عندما لا يبقى هناك وجود للمشاعر والوجدان.
فالأب الحقيقي هو الذي لا يكتفي برعاية أبنائه، بل يحمل نفس الشعور تجاه كل الأطفال، كما يخاف على أبنائه ويُحب أن يراهم أنقياء، أقوياء، ناجحين في كل ميادين الحياة، يحب ذلك لكل طفل يراه، ويسعى أن يكون أباً لكل من فقد رعاية أباه.
لي عندك حق الكفالة ولكن كفالة بلا تكلف!. أولست تؤمن برب لطيف رؤوف، يدبر شؤون خلقه، ويتكفلهم ويرعاهم، فهل ترى أن عدل الله تعالى يُمكن أن لا يشملني، وأنا الأنسان أكرم خلقه؟ أولم يقول في حق نبيه اليتيم: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}، حيث كفله بسيدٍ هاشمي همام، فتجلت كفالة ربك عبر خير خلقه، أفلا ترضى بهذا المقام، فتكن كفالة الله تعالى لعباده بكَ متحققة. أنظر إلى أي مقام سأنقلك، ألم أقل لكَ بأنكَ من في الحقيقة لي محتاج؟.
اضافةتعليق
التعليقات