في اول ايام شهر رمضان المبارك.. كنت جالسة اتابع احد البرامج الرمضانية والذي يختص بعرض فيديوهات قصيرة تحمل فكرة ما.. كان الفيديو يتكلم حول عائلة مكونة من ابوين وبنت "ديما" تبلغ من العمر سبع سنوات.. تنعم العائلة بالحب والمودة.. الفرحة ترتسم على شفاه امها كل يوم فهي ترى مدللتها تكبر امامها.. والدها يعمل من اجل توفير مستقبل مِلؤه الراحة والسعادة لإبنته الوحيدة ..
في احد الايام تلعب ديما في الحديقة فوقعت ارضاً.. جُرحت قدمها، بدأت تبكي وتنادي والدتها فهي تخاف من منظر الدم.. هرعت والدتها اليها واحتضنتها.. ازالت الدم عن قدمها وضمدتها.. عادت ابتسامة ديما الى وجهها البريء ..
كل العوائل كانت بأمن وسلام!..
حتى سيطر شبح الارهاب على مدينتهم.. اجواء الخوف والهلع عمت شوارع المدينة.. ماتت الازهار في البلدة.. هاجرت الطيور مع بعض العوائل التي هربت بأرواحها من اجل سلامتها.. حلت اصوات المدافع والصواريخ محل زقزقة الطيور .
فتحت ديما عينيها واذا بالدخان يتصاعد من كل مكان.. انتبهت الى نفسها واذا بها بين انقاض منزلها.. كتلة كبيرة من الحجارة على ظهرها لاتستطيع ازاحتها.. قدمها تنزف دما.. تبكي وتصرخ فلا احد يسمعها.. لا تعلم اين والديها.. هل مازالا على قيد الحياة.. تحت الاسمنت.. خوف.. رعب.. بكاء.. دماء.. لفظت اخر انفاسها .
اعتصر القلب ألماً.. اغرورقت العينان حزناً.. اعلم انه مشهد تمثيلي ولكن هناك المئات او الالوف من امثال هذه القصة تحدث يوميا في مناطقنا.. سيطر الحزن عليّ شيئاً ما .
مر الوقت.. زال تأثير المشهد نوعا ما.. عُدت أُمارس يومي كما هو.. بين التحضير للامتحان وتصفح مواقع التواصل ومساعدة والدتي في إعداد الفطور .
حان موعد الافطار.. كالعادة عند الافطار ندعوا الله تعالى بالفرج لإمام زماننا.. هنا انتبهت اننا تأثرنا لرؤية المشهد وتفاعلنا معه ولكن بعد فترة زال التأثير وعدنا نمارس حياتنا كما كانت، ولكن هناك من لا ينسى! هناك من ينزف قلبه دماً لِما يشهده كل يوم وربما كل ساعة من مواقف مماثلة لهذا الموقف المؤلم... انه من لاينسى ذكرنا.. ولا يهمل امرنا.. من بيده رزق الورى.. الذي لولا وجوده لساخت الارض بأهلها.. انه مولانا صاحب الامر.. الذي لانعلم مدى عمق الجراح في قلبه طوال فترة غيابه ..
ونحن ندعي حبه.. وندعوا لفرجه يومياً لكننا نجهل او نتجاهل بأن عصياننا لخالقنا.. انجرافنا وراء اهواءنا.. غفلتنا عنه.. كلها سهام تنبت في فؤاده الطاهر فيزداد ألماً وحسرة.. لسنا اهلاً لنكون بلسماً لجراحه ولكن بإمكاننا ان نوقف ازدياد جراحات قلبه بإلتزامنا بأوامر خالقنا وحسن خلقنا.. شهر رمضان فرصة لطلب العفو من إمامنا لما سببته اخطاءنا من حزن له ومعاهدته بالتوبة النصوح .
اللهم رب إمامي وربي، وخالق إمامي وخالقي، ورازق إمامي ورازقي، ارضَ عني وارضِ عني إمامي..
اضافةتعليق
التعليقات