بينما يفكر كل شخص ناجح فى المستقبل، فإنه يجرد أصوله وموارده المتاحة، لقد قيمت أصولك بالفعل وعرفت أن أعظم أصولك وممتلكاتك قيمة هو عقلك. أنا أعلم أنك الآن تثق في نفسك وفي عقلك وفي الإمكانات التي يمكن لعقلك تقديمها لك.
الآن، دعنا نركز على الموارد وتحديدا أعظم الموارد على الإطلاق. إن هذا هو رصيد بنكي مشترك لدينا جميعا، لكن هذا الحساب ذو صفات خاصة لا يمكنك الاستثمار في هذا الحساب أو الإيداع فيه أو الحصول على بيان به كل ما يمكنك فعله هو السحب منه. وهذا هو الحساب البنكي للوقت. كل يوم، نسحب يوما جديدا من هذا الحساب، ولا يمكننا أن نستبدل هذا المورد العظيم بأي مورد آخر.
ومن المأساوي أن الكثير من الناس يتعاملون مع الوقت على أنه شيء بديهي مسلم به فيقللون من قيمة كل يوم يمر عليهم. إن كل ما يحتاج إليه الأمر هو زيارة إلى دار رعاية وقضاء بعض الوقت مع المرضى الميئوس من حالاتهم لمعرفة قيمة الوقت وأهمية استغلاله بشكل حسن إلى أقصى حد.
إذا كنا محظوظين بالفعل، فإن وقتنا سيكون مقسماً إلى ثلاثة أجزاء: ثلث حياتنا نقضيه في العمل، وثلث في اللعب (الأمسيات وعطلات نهاية الأسبوع والإجازات والتقاعد)، والثلث الأخير في النوم.
عندما يكون الناس سعداء في عملهم، سيكونون أكثر سعادة في وقت اللعب والعكس صحيح. وأنا مؤمن بأن تعاسة الأفراد في حياتهم الشخصية من شأنها أن تؤثر على أدائهم في العمل وبالطبع على نجاحهم.
أعتقد أن السبب الرئيسي وراء الذهاب إلى العمل هو جني المال، لكن لماذا نريد هذا المال؟ لندفع الثمن الذى يحتاج إليه وقت لعبنا. وأنا أتذكر أنني قلت هذا في إحدى الدورات التي أعقدها، وعندها قالت "أنجيلا هيلين" المدير التنفيذي لشركة "تشارلز باركر" للعلاقات العامة: "إنني أخالفك الرأي في هذه النقطة ... أنا أحب عملي" لم أعارضها لكنني تشاركت هذه الفكرة الشيقة مع باقي الحضور، فطرح أحدهم السؤال التالي عليها: أنجيلا، هل ستستمرين في الذهاب إلى العمل إن لم تحصلي على راتبك؟
يمكنك بالطبع أن تتوقع الإجابة. بالطبع نحن نذهب إلى العمل من أجل الكثير من الأسباب، لكن أعظم شيء يمكن أن يحفزنا هو أن نفعل ما نستمتع به. فإذا استطعنا تحقيق الاستمتاع في وقت العمل سيكون الأمر رائعا بالتأكيد.
في السنوات الماضية الأخيرة أصبحت الضغوط مثار اهتمام كبير في ساحة الأعمال، وأصبح هناك المزيد والمزيد من الدورات حول كيفية إدارة الضغوط.
والآلاف من المؤسسات أصبحت تعين مستشارا لمواجهة الضغوط، ومبالغ ضخمة من المال يتم إنفاقها على تعلم كيفية التواؤم مع الضغوط واستشارات الضغوط والتعامل مع نتائج الضغوط لكن يبدو أن التفكير والجهد الموجهين لمسببات هذه الضغوط أو للوقاية منها ضئيلان للغاية.
ومن وجهة نظري الشخصية، أرى أن الضغوط شيء جيد، طالما كانت هناك قدرة على إدارتها والتعامل معها؛ فالضغوط في بعض الأحيان ينتج عنها أداء أحسن فيمكن للأدرينالين أن يرفع مستويات الإنجاز، لكن مع ذلك يجب التحكم في الضغوط بحيث لا تسبب أية مشاكل صحية قد تصبح خطيرة فيما بعد. إن غرف جراحة الأطباء مليئة بالأشخاص الذين يعانون من الضغوط والتعاسة والإجهاد ومشاكل العلاقات.
والضغوط ليست موجودة بشكل حصري فى عالم الأعمال، وإنما هي موجودة بين كل الناس وعلى جميع المستويات. منذ سنوات مضت، عندما كانت العائلات أكثر ترابطا ويعيش أفرادها جميعا على مقربة من أحدهم الآخر، كان من الممكن التحكم فى هذه الضغوط وحل أية مشاكل في إطار أسري، لكن للأسف مع حركة السكان وتفكك العائلات، هناك الكثير من الأشخاص الوحيدين والذين لا يجدون الأمان النابع من الترابط الأسري الذي يساعد في أوقات التعاسة والشقاء وعندما لا نتمكن من رؤية أي سبيل أمامنا، تصبح أجسادنا هشة ومعرضة للأمراض.
أكبر سبب للضغط في العمل هو سوء إدارة الوقت فالناس يعودون إلى منازلهم بشنط مكدسة بالأوراق، لكن مع ذلك لا يفتحونها، ثم يأخذون نفس الحقيبة مرة أخرى إلى العمل وهم يشعرون بالذنب. بعد ذلك تجد أكواما من الأعمال المكتبية المتراكمة فوق بعضها البعض بدون التعامل معها أو اتخاذ أي قرار بصددها.
وثاني أكبر سبب للضغط بسيط جدا: قلة التدريب أو سيناريو "الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب"؛ فوضع الموظفين في مناصب وأماكن لم يتدربوا عليها أو غير مؤهلين للعمل فيها يجعلهم غير قادرين على التأقلم والتعامل مع وظائفهم، وبعد هذا يمر هؤلاء الأشخاص بحالة رهيبة من فقدان الثقة بالنفس ويشعرون بالضغوط تتزايد عليهم بسبب توقعات الآخرين بما قد ينجزونه، مع عدم قدرتهم على فعل أي شيء لتحقيق هذه التوقعات وبالإضافة إلى كل هذا يظلون بدون التدريب المناسب الذي يحتاجون إليه.
إن العديد من الأشخاص يحصلون على الترقية بسبب استغلالهم لمهاراتهم بالشكل الصحيح، أو بسبب تفوق أدائهم في تخصص ما، فيصبح من المتوقع أن يتمكنوا من الإدارة والقيادة والتحفيز بدون أن يحصلوا على التدريب الذي يعلمهم كيف يقومون بهذه الأشياء.
والسبب الثالث للضغوط هو أقل شيوعا في مجال الأعمال التجارية، لكنه شائع للغاية في القطاع العام وجود كم كبير من العمل المطلوب إنجازه، مع وجود تقييم واحد فقط للأداء على مدار العام.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، هناك مصدر ضخم للضغوط، وأصبح شائعا بين الجميع بشكل متزايد ألا وهو تهديد الفصل من العمل.
في الأغلبية العظمى من الحالات يمكن تجنب ومنع الضغوط بسهولة عن طريق التمرن، وعن طريق تطوير الأفراد لأنفسهم بشكل ذاتي، لكننا مازلنا نعيش في حقبة ينفق فيها أغلبية الناس القليل جدا من أموالهم ووقتهم في تنمية وتطوير أنفسهم، وإذا لم توفر شركاتهم الإمكانات المطلوبة لهذه الدورات أو لم تكن متاحة أمامهم مباشرة، لن تتسنى لهم أبدا فرصة تطوير أنفسهم.
ويمكن للضغوط أن تكون عاملاً قوياً للتحفيز، إلا أنها مع ذلك تتطلب قدرة على التحكم فيها بالاستغلال الحكيم للوقت وتعلم كيفية تطوير وتنمية الذات وكيفية ترتيب الأولويات.
هناك فرق كبير بين الإنجاز من جانب، والنشاط والحركة من جانب آخر فكر في أحد هذه الأوقات عندما تكون مشغولا طوال اليوم وتشعر بأنك لم تتوقف لحظة لالتقاط أنفاسك، لكنك مع ذلك تشعر بعدم إنجازك لأي شيء وفي اعتقادي أنك عندما تعود إلى المنزل في هذا اليوم فلن تشعر بأنك على مايرام ولن تشعر بإيجابية، ولن حتى تشعر بأية قدرة على الاسترخاء.
الآن، فكر في يوم آخر لا تكون فيه مشغولاً للغاية لكنه يوم مليء بالإنجازات بالفعل: لقد أتممت تلك المهمة البغيضة التي ظللت تؤجلها لفترة طويلة، وانتهيت من ذاك التقرير، وحصلت على أعمال جديدة. إن هذا اليوم حافل بالتقدم والإنجازات. كيف تشعر مع حلول أمسية هذا اليوم؟ بالطبع ستكون أمسية ممتعة وسيكون وقت فراغك مثمرا وممتعاً بدوره.
إذن، كيف يمكنك أن تحول كل يوم إلى يوم مليء بالإنجازات، علاوة على كونه يوم نشاط واستمتاع؟ ضع في اعتبارك أن المبدأ الأساسي والبسيط لفكرة إدارة الوقت لم يتم حقاً تحسينه وتطويره، لكن مع ذلك هناك صناعة بأكملها نشأت بناء على هذه الفكرة: مفكرات "فيلوفاكس"، ومفكرات التنظيم الشخصية، والأجهزة الإلكترونية الصغيرة التى في حجم الكف، والعديد من أنظمة إدارة الوقت والمخططين لنفس الغرض. والعديد من هذه الأشياء عقد الفكرة الأساسية البسيطة، لذا لن تكون هذه الأفكار فعالة بالشكل المطلوب بالنسبة لك.
اضافةتعليق
التعليقات