موسم العودة للمدارس بات عبئاً اقتصادياً على العوائل وخصوصاً الآباء فما يسمى بالسبلايزر أو مستلزمات المدرسة تعدت حدود الإمكانيات المادية خاصة للعوائل متوسطة ومنخفضة الدخل، لكن تأثيره الأخطر على الأطفال أنفسهم حيث أول مكان يذهبون إليه بعد البيت وهو المدرسة إذ يقيس الطفل قيمته واحترامه كفرد وفقاً لنوع الحقيبة وماركة الملابس والأحذية وجودة اللانش بوكس وتنوع الأقلام وسعرها، فالكثير من الدول النامية ومنها العراق ومصر ولبنان يُثار فيها جدل متزايد حول المستلزمات التي تطلبها المدارس لتجهيز الطلاب إذ سابقاً كانت المتطلبات دفاتر وأقلام أما الآن تتضمن قائمة طويل تشمل المناديل الرطبة والجافة، مسدس السيلكون، أوراق ملونة، وأشياء أخرى غريبة.
ووفق إحصائية تم اجراءها في مصر وصلت التكلفة إلى 13 ألف جنيه مصري أي ما يقارب 270 دولار في بلد يبلغ متوسط دخل الفرد الشهري يبلغ 147 دولار وهذا يدق ناقوس الخطر، فهو على الصعيد المادي يمثل عبئا اقتصاديا وعلى الصعيد الاجتماعي يتمثل في اقصاء طبقي واضح وصريح بين الأطفال والطلاب فالنزعة الاستهلاكية عند الأطفال ليست مجرد استمتاع في التسوق مثل الكبار بل هي قيمة يتعلمها الطفل منذ نعومة أظافره فيربط سعادته وقيمته الاجتماعية بما يملكه والنتيجة ضغط نفسي وتقدير منخفض للذات.
وتشير بعض الدراسات الحديثة بأن الأطفال الذين يتربون على أن القبول الاجتماعي مرهون بامتلاك الأشياء يكونون أكثر عرضة للنزعة الاستهلاكية طول عمرهم أي الدوامة التي يغرق فيها الجميع والتي ترمي بهم في النهاية للإكتآب والقلق.
أما الأهل الذين لا يستطيعون توفير متطلبات الحياة الجديدة لأطفالهم التي تجعلهم في مستوى زملائهم سيشعرون بالتقصير، ما هو الحل؟ بحسب مراجعة علمية لأكثر من 50 سنة حول سلوك الأطفال والمراهقين كمستهلكين فالحل باعتماد مبدأ (التربية الحازمة الداعمة) عن طريق وضع قواعد وحدود واضحة عبر شرح العواقب ورسم توقعات واقعية، أما التربية المتساهلة وهي توفير كل شيء بلا نقاش أو التربية المتسلطة وهي منع كل شيء بلا نقاش فكلاهما يدفعان الطفل لنفس الدوامة من السلوكيات الاستهلاكية سواء من باب التساهل أو التمرد.
ويجب التأكيد أن الأزمة لن يتم حلها من داخل البيت فقط إنما عبر التعاون مع المدرسة لتقليل الاستهلاك الزائد عن الحاجة والكماليات المبالغ فيها للحد من خطر صناعة جيل كامل يرى نفسه بما يملكه قبل أن يدخل الحياة الحقيقية الواقعية ويعرف مدى صعوبة لقمة الحلال وصناعة الأموال إذ لابد من تحديد ميزانية محددة للأطفال والطلاب وتعريفهم بأن قيمة الانسان تكمن في الجوهر وليس المظهر وهذا لا يعني اهمال المظهر إنما الاهتمام فيه بالمستوى المعقول والمنطقي فعند تعليم الطفل مهارات إدارة المال ستُحل كل هذه المشكلة وبذلك يستطيع تحديد أولوياته في الحياة واهمال الكماليات والتركيز على صناعة عقل استثماري وليس استهلاكي.








مركز الفرات للدراسات الستراتيجية
مركز المستقبل
مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث
مركز ادم
وكالة النبأ
اضافةتعليق
التعليقات