تعتبر تكنولوجيا الملاحة الفضائية أو ما يُعرف بـ GPS (نظام تحديد المواقع العالمي) جزءًا حيويًا من حياة البشرية الحديثة، حيث يعتمد الكثيرون على الأقمار الصناعية للملاحة في عديد من النشاطات اليومية. ومع ذلك، تظل هذه التقنية عرضة للاختراق أو التعطيل والانتحال من قِبل الأطراف المعادية أو المتنافسة، مما يثير مخاوف بشأن ما يعرف بـ "حروب الـ GPS".
في سياق التوترات الدولية والنزاعات، يمكن أن تستخدم الدول الأقمار الصناعية الملاحية كأداة استراتيجية للتأثير والضغط على الخصم. تُعد حروب الـ GPS من بين السيناريوهات الأكثر خطورة، حيث يُمكن للتعطيل المتعمد لهذه الأنظمة أن يؤدي إلى تعطيل جزئي أو كامل لأوجه حياة المجتمعات.
يعتمد الكثيرون على GPS في حياتهم اليومية، سواء في الملاحة بالسيارة أو التنقل بالطائرات أو استخدام التطبيقات المعتمدة على الموقع في الهواتف الذكية. في حالة تعطيل أو تشويش هذه التقنية، يمكن أن يتأثر الأفراد بشكل كبير في قدرتهم على الوصول إلى المواقع المحددة بدقة، مما يؤثر على نمط حياتهم ويزيد من حدة الاضطراب.
إلى جانب التأثير الشخصي، يمكن أن تكون حروب الـ GPS ذات تأثير اقتصادي كبير. يتوقف عديد من القطاعات الحيوية على GPS لأغراض مثل الملاحة البحرية والجوية، والتوزيع والشحن، والبنية التحتية والأمن السيبراني. ومن ثم فإن تعطيل هذه الخدمات قد يؤدي إلى توقف العمليات ويتسبب في خسائر مالية هائلة، مما يجعل تصاعد حروب الـ GPS مصدر قلق اقتصادي وأمني.
وفي هذا السياق، تناول تحقيق نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، تداعيات الطفرة في التلاعب بإشارات الملاحة، أو ما وصفه التحقيق بـ "حرب نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الحديثة" التي أحدثت دمارًا في الهواتف الذكية والطائرات والسفن المدنية في ثلاث قارات.
كان ما يسمى بالتشويش والانتحال عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) حكرًا على الجيوش إلى حد كبير على مدى العقدين الماضيين، حيث تم استخدامه للدفاع عن المواقع الحساسة ضد هجمات الطائرات بدون طيار أو الصواريخ أو إخفاء أنشطتها الخاصة.
لكن التدخل المنهجي من قِبَل القوات المسلحة ــ وخاصة في أعقاب (الحرب في أوكرانيا) والهجوم الإسرائيلي ضد حماس في غزة ــ كان سبباً في خلق مشاكل واسعة النطاق للسكان المدنيين أيضاً، حيث أصبحت آثار الإشارات التالفة واسعة النطاق.
عاش ما يقرب من 40 مليون شخص في مناطق بها إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) غير الموثوقة لمدة نصف الأشهر الستة الماضية على الأقل، وفقًا لتحليل صحيفة فايننشال تايمز للبيانات الصادرة عن خدمة التتبع Flightradar24
يشمل ذلك العاصمة التركية أنقرة، حيث تتمركز قواتها المسلحة، وامتدادات من ساحل البحر الأسود، وشبه جزيرة سيناء المصرية، والعديد من أكبر المدن العراقية، وحدود ميانمار التي مزقتها الحرب.
كما أثر التدخل القوي - الذي تسبب في حدوث مشكلات لمدة ربع تلك المدة على الأقل - على المناطق التي يبلغ عدد سكانها مجتمعة 110 ملايين نسمة، بما في ذلك المدن التي بها منشآت عسكرية مثل سان بطرسبرج في روسيا، ولاهور في باكستان، وبيروت في لبنان. حسب سكاي نيوز








اضافةتعليق
التعليقات