هل انجذبتَ لأحدهم يوماً ما؟
هل رأيتَ نفسك تأنَسُ بذكره؟ أو تُطرَب إن مدحه الناسُ أمامَك؟
هل تشعر بأنك لا تملِكُ حبسَ دموعِك إن سمعتَ مآسيَه؟
أراني كذلك.. بل أراني أشتاق إليه، أشتاقُ وِصاله، وأحياناً أجوع! أجوع شغفاً لمعرفة كل ما يخصه أو يتعلق به .
شخّص حالتي ..
هل أنا أُحِب؟!
قيل أنّ الحب هو ميلُ القلب إلى شخص ما وانجذابه إليه. تجد في نفسك الرغبة بالاقتراب من المحبوب أكثر، قد يدفعك هذا الحب إلى فعل أمور كثيرة لم تألفها، أمور جديدة، قد تكون طائشة، وربما خاطئة! فقد تبحث عن مواهبك، قد تطور نفسك، وقد تسيء لأحدهم لترضي محبوبك، وقد تؤذي أحدهم لتكون أنت الأقرب من محبوبك، فاحذر أن تركبَ عشواءَ الحب!.
الحب كالعسل أمرٌ جميل وسامي شرطَ أن لا يختلط به السم.
كيف يضمن المحب بقاء حبه نقياً صافياً؟
يقول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): "إلهي أنت كما أحب فاجعلني كما تحب" (١).
أنت كما أحب
فالخطوة الأولى أن تختار محبوباً لائقاً بحبك، يرضيه كل حسَن، ويسخطه كل قبيح. وقد قيل أن كلمة الحب حرفان: الحاء مخرجه من الجوف والباء مخرجه الشفتان، فكأن الحُبَّ إذا دخل القلبَ لا ينبغي أن يخرج منه .
فاحرص على حسن اختيار المحبوب، وأسمى محبوبٍ بعد الله تعالى هم النبيُّ وآلُه (صلى الله عليه وآله).
"فاجعلني كما تحب" هي الخطوة الثانية، تُحب حبيبك كما يحب هو لا كما تحب أنت، تفعل ما يرضيه هو لا ما يرضيك أنت - هذا بعد مراعاة الخطوة الأولى - ولا يخفى أن هذه الخطوة تقتضي التضحية؛ لذلك كانت التضحيةُ ميزانَ الحُب، فإن كان محبوبك هو المعصوم (صلوات الله عليه) فأرقى درجات حبه أن تفعل ما يرضيه وتترك ما يسخطه حتى وإن خالف هواك واستحساناتك، وأما إن كان من سائر الناس فأرقى درجات حبه أن تفعل ما فيه مصلحته وتترك ما فيه ضرره حتى وإن كره هو ذلك.
عندما تراعي أن تحب أنت ومحبوبك كل حسن وتسخطا كل قبيح، حينها لن تسيء التعبير عن حبك له، لن تؤذي محبوبك ولن تؤذي سواه؛ لأنك ستستجدي رضاه ورضاه لن يكون متعارضاً مع رضا الله.
الآن وبعد تنفيذ الخطوتين أنت واقعٌ في الحب، لكي تيقن أن حبك سليمٌ غير سقيم.. بنّاءٌ غير هدّام، أعطانا أمير المؤمنين (عليه السلام) علامةً ذهبية نستدل بها، يقول عليه السلام: "ما رأيتُ شيئاً إلا ورأيتُ اللهَ قبلَه وبعدَه ومعه وفيه" (٢).
في ساحة الحب لا مكان للـ (أنا) فإن تخلّيت عن حبك لذاتك اطمئَّن إلى خلو حبك من العلل. بل تنصهر كل الذوات ولا يبقى سوى المحبوب، شغلُك الشاغل هو محبوبك، وقد أحسن الشاعر حيث يقول مخاطباً أميرَ المؤمنين (صلوات الله عليه):
أينما يمّمتُ عينَ العقلِ والقلبِ أراكْ
لا أرى إلّاكَ شيئاً هل برا الباري سواك؟! (٣)
في الختام.. المحبوب الوحيد الذي تُرسخ حبَّه في قلبِك هم محمد وآل محمد فإن ما يرضيهم يرضي الله حتماً وكذلك سخطهم، أما مَن عداهم فلابد أن يبقى ميزانك يقظاً بحيث لو استحسن محبوبك القبيح واستقبح الحسن لابد وقتَها أن تتخلى عن هذا الحب، ولن يكون الأمر سهلاً!.
لذلك أوصانا أمير المؤمنين (عليه السلام): "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بَغيضَك يوماً ما، وأبغض بَغيضَك هوناً ما عسى أن يكون حبيبَك يوماً ما". (٤)
ملأ الله قلوبَنا حبّاً لمحمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) وأعاننا على تسخير طاقاتنا لخدمتهم .
اضافةتعليق
التعليقات