• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

 لـــــعنة السرطان

سجى عبد الأمير الركابي / الثلاثاء 30 كانون الثاني 2024 / منوعات / 1599
شارك الموضوع :

يالعجزنا عندما كنا نحوم حوله لا نملك شيئا من المساعدة سوى الدعاء، فكانت أيدينا ترتفع الى السماء مُثقلة بكل الألم

كنت أشعر بالرهبة الشديدة التي تجتاح خلايا جسدي كإجتياح السرطان خلايا جسد (والدي). عندما يتم ذكره أتخيل كأنه وباء خطير ينتشر فور ذكرهُ، نعم هكذا كان أعتقادي السائد حولهُ، كنا وأن صادف ذكرهُ أستعنا ببعض الكلمات التي تدل عليه تلميحآ لا تصريحآ، فالمتعارف عليه ان لو ذكر شخصا قد أصيب ب (السرطان) يسبقون قولهم بعبارات يذكر فيها اسم( الله) للشعور بالأمان وهذا ما قصدتهُ سابقا بانهُ (لعنة).  وبعدها يكملون حديثهم بذكر جوانب هذا المريض الحسنة وكأنه قد مــات!  وأنه ليس مجرد مريض، وترتفع دعواتهم بكلمات خالية من الإحساس عما هم عليه، بعيدة كل البعد عما يصارعهُ المريض مع هذا المرض اللعين. أصبح المرض جزءاً من العائلة ما دام أنهُ بداخل ذاك الجسد الحنون، أصبح يراقبنا ونحن نتسابق في الدعاء والصلاة وكأنهُ يعلم انهُ لن يذهب الا مصطحبا اياهُ. لاول مرة في حياتي أدرك ان الأمراض لها ذوق رفيع في أختيار الأشخاص من حولنا.  بدأت الايام تزداد بأوجاعها وتعتصر ذلك الجسد الحنون، وكأنها تطالبهُ بثأر؛ كانت جريمتهُ الوحيدة انهُ لا شبيه ولامثيل له ابدآ، واصبح يشاهدنا بانهُ لا جدوى من الدعاء والبكاء والتضرع أبدآ، لأن المرض أخبره بالموعد المقرر الذي سيشدون فيه الرحال الى ذلك الإمكان الذي لا عوده فيه ولا لقاء أبدآ . وبقي أبي ينتظر موعد رحيلهُ بصمت مؤلم وعيون تأبى البكاء أمام من حولهُ،  فالمرض الذي لا علاج لهُ الى الآن صار اقرب لهُ منا، والنجاة منهُ تكاد تكون مستحيلة، والتخلص منه طريق مليء بالألم الشديد. وهذا إن كان هناك شفاء فبذلك يكون معجزة، ولكن العصر الذي يحدث فيه المعجزات قد انقضى، لذالك شفاء السرطان أصبح أمرًا مستحيلاً تقريبًا. هكذا كنت أرى السرطان، كوحش مخيف يسيطر بقوة، كسفينة مثقوبة لا توفر ملاذًا، ولا يوجد طريق للنجاة والخلاص منهُ أبدا. الشخص الذي يمدُنا جميعاً بالقوة الازمة لتجنب السقوط في مُستنقع اليأس، الشخص الذي كانت ابتسامته تهّون وتشفي عللنا وتعب ارواحنا، الشخص الذي كانت ملامحهُ يشع منها الأمان بكل ما تحمل كلمة الأمان من معنى، الشخص الذي كان الأب للجميع والاخ والصديق، الشخص الذي أصيب أربعينهم جميعا بهذا المرض، قد بدأت ملامحهُ تذبل وبدأت نظراته تتعقبنا وبدأ يشعر بأن الحديث مضيعة للوقت ليس إلا، فهو يريد ان يحظى بالوقت الباقي مع  عائلته. يالعجزنا عندما كنا نحوم حوله لا نملك شيئا من المساعدة سوى الدعاء، فكانت أيدينا ترتفع الى السماء مُثقلة بكل الألم والأحتياج والرغبة للإجابة في شفائهُ، لكنها في كل مرة كانت ترد خالية، لحكمة لا نعلمها.  كانت مشاعر الخوف الممزوجة بالقوة تسود تلك الملامح الحنونة، ومن حينها استعدنا لمواجهة أهم الحقائق المؤلمة (الموت)، وبدأ الاستسلام والضعف يهيمن علينا فردا فردا. الى اخر اللحظات كانت عيناهُ تبرق بكل الحنان الذي أعتدنا عليه والقوة التي هي من أهم الدروس التي يجب علينا ان نبقى محتفظين بها والأمل الذي اختار ان يرسلهُ لنا وهو الان شارف على الذهاب. صار صموده مجرد تمثيل أمام صغاره لكي يتعلمو الثبات والقوة، وبذلك يكون الدرس الأخير الذي منحنا أياه بكل ذلك الحب الجميل الذي لم يتأثر بتلك الخلايا اللعينة، أو يجعلها تسيطر عليه، لأنه أختار ان يبقى مخلدا مهما توالت الأزمان والأجيال.  وهكذا فضل أبي الرحيل، لأنه لم يعتاد ان يرى تلك النظرات من الجميع التي فضل الموت عليها، ولأنه لم يمارس المواجهة العنيفة لهؤلاء البشر فاختار الرحيل بكل سلام.  فالسلام الروحي لتلك الروح الأبية والقوية  التي يكفي انها واجهت اهم واخطر مرض وتحملت جرعات الكيمياوي التي تسبب احتراق  جسده، وجفاف فــمه، وألم مستمر في عظامه، وفقدته الرغبة في الأكل، وعدم الشــعور بالطعم بكل ما يتـــناول، تسـبب بأذيته الى الحد الذي جــعل من ملابســــه كجـبل يجــثو على صـدرهُ، ونــار تسري في أوردتــهُ، وإن أقسى ماكان يعانيه من هذا كلـهُ الصمت بعد هذا والعناء بدل الصراخ هكذا هو أبـــي.  الرحمة والخلود له ولكل من عاشوا هذه المعاناة، والشفــاء العاجل لمن هم من يحاولون الصراع معه، والتغلب عليه الآن .
قصة
الأب
المرض
الايمان
الابناء
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    "رقبة التكنولوجيا" المنحنية... آثار الإدمان الرقمي وكيفية الوقاية

    محرّم في زمن التحول

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    آخر القراءات

    واحة في صحراء الحياة

    النشر : السبت 11 حزيران 2016
    اخر قراءة : منذ ثانية

    المبادئ السبعة لإنجاح الزواج

    النشر : الأحد 31 آذار 2024
    اخر قراءة : منذ ثانية

    آية وإضاءة مهدوية: الحزم مع الباطل والثبات على الحق

    النشر : الأربعاء 20 تموز 2022
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    ماذا عليكِ يادنيا لو حشدتِ كل قواك واعطيتِ في كل زمن علياً؟

    النشر : السبت 09 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    الشهادةُ فيك أحلى من الشهدِ.. مسلم بن كثير الاعرج

    النشر : السبت 06 تشرين الاول 2018
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    لا تقتليه.. عالجي نظراته!

    النشر : الثلاثاء 28 آيار 2019
    اخر قراءة : منذ 26 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1181 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 605 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 425 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو": صدفة؟ أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 424 مشاهدات

    حين تباع الأنوثة في سوق الطاقة: عصر النخاسة الرقمي

    • 390 مشاهدات

    ابتسم… أنت تمضي بلا هوية

    • 389 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1524 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1307 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1181 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1170 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1106 مشاهدات

    الإمام محمد الباقر: منارة العلم التي أطفأها الظلم

    • 931 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة
    • منذ 23 ساعة
    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات
    • منذ 23 ساعة
    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب
    • منذ 23 ساعة
    "رقبة التكنولوجيا" المنحنية... آثار الإدمان الرقمي وكيفية الوقاية
    • منذ 23 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة