يزداد حدوث هذا الشكل مـن قصـور الدرقية الأولي مع التقدم بالعمر، وهذا المرض كمـا هـو الحـال فـي داء غريفز والتهاب الدرقية لهاشيموتو اضطراب مناعي ذاتي خاص بعضو معين، يوجـد فـي هـذا الاضطراب ارتشاح لمفاوي مخرب للدرقية يؤدي في النهاية إلى التليف والضمور، وهناك أيضاً دليل على وجود أضداد مستقبلة TSH والتي تحصر تأثيرات TSH داخلي المنشأ، يوجد عند بعض المرضي قصة داء غريفز معالج بالأدوية المضادة للدرق قبل 10-12 سنة، وفي حالات نادرة جداً يتطور داء غريفز عند المرضى المصابين بهذا الشكل مـن قصـور الدرقية وكما هو الحال مع أي من اضطرابات الدرقية المتواسطة مناعياً فإن المرضى معرضون لخطر تطور حالات مناعية ذاتية أخرى مثل النمط الأول من الداء السكري وفقر الدم الوبيل وداء أديسون، ومن غير النادر حدوث المرض المناعي الذاتي عند أقارب الدرجة الأولى والثانية.
الاستقصاءات:
ينخفض مستوى T4 ويرتفع TSH، وقد يكشف وجـود أضداد ضـد البيروكسيداز الدرقية، لا ضـرورة إلـى استقصاءات أخرى عند المرضى العرضيين، إذا اقترحت المظاهر السريرية سببا عابرا لقصور الدرقية (مثل المرض غير الدرقي أو ألم العنق الذي يقترح التهاب الدرقية تحت الحاد أو الحمل الحديث) فإن تكرار القياسات بعد عدة أسابيع قد يكون ضروريا قبل المباشرة بالمعالجة طويلة الأمد بالتيروكسين.
التدبير:
يجب معالجة قصور الدرقية بالتيروكسين ومن المتعارف عليه البدء البطيء بالمعالجة، حيث يجب أن تعطى جرعة 50 مكروغرام يوميا لمدة 3 أسابيع ومن ثم تزاد إلى 100 مكروغرام يوميا لمدة 3 أسابيع أخرى ثم تزاد أخيرا إلى 150 مكروغرام باليوم، يجب أن يؤخذ التيروكسين دوما بجرعة وحيدة يوميا حيث أن نصف عمره الحيوي في البلازما حوالي 7 أيام.
يشعر المرضى بالتحسـن خـلال 2-3 أسابيع ويحدث التراجع في الوزن والانتفاخ أمام الظنبوب بسرعة لكن تحتاج عودة الجلد والشعر إلى نوعيتهما الطبيعية وزوال أي انصبابات إلى 3-6 شهور.
مراقبة المعالجة:
إن الجرعة الصحيحة من التيروكسين عند معظم المرضى هي تلك التي تبقي مستوى TSH المصلي على الحـد الأدنى من المجال المرجعي في الوقت الذي يكون فيه T4 سوياً أو حتى مرتفعاً بشكل خفيف. عند بعض المرضى لا يتم الشعور بالتحسن إلا بتناول 25-30 مكروغرام إضافية من التيروكسين وهذا ما يؤدي إلى تركيز TSH مصلي مثبط، وهذا الأمر مقبول فقط إذا كان مستوى T4 المصلي سوياً بشكل لا لبس فيه.
يفشل المرضى غالباً بتناول الأدوية لفترة طويلة بالجرعة المحددة، والتيروكسين ليس استثناء لهذه القاعدة، ولهذا السبب من المهم قياس الوظيفة الدرقية كل 1-2 سنة حالما تستقر جرعة التيروكسين والتأكيد في كل زيارة على ضرورة تناول الدواء بانتظام وقد يلجأ بعض المرضى غير المطاوعين بشكل جيد إلى تناول التيروكسين بدقة أو حتى بشكل زائد قبل عدة أيام من موعد زيارة الطبيب وهذا يؤدي إلى ما يبدو أنه اجتماع شاذ بين ارتفاع T4 وارتفاع TSH في المصل.
قد يظهر لبعض الوقت أحياناً عند المرضى الذين يتناولون نفس الجرعة من التيروكسين دلائل كيميائية حيوية على المعالجة الزائدة أو الناقصة.
مشاكل خاصة في قصور الدرقية
داء القلب الإقفاري:
يشتكي حوالي 5% من المرضى المصابين بقصور الدرقية منذ فترة طويلة من خناق الصدر عند المراجعة الأولى أو يتطور لديهم أثناء المعالجة بالتيروكسين، ورغم أن الخناق قد يبقى ثابت الشدة أو يختفي بشكل تناقضي عنـد عودة معدل الاستقلاب للحالة السوية فإن تفاقم إقفار العضلة القلبية والاحتشاء والموت المفاجئ كل ذلك مـن الاختلاطات المعروفة جيداً رغم استخدام جرعات منخفضـة مـن التيروكسين تصل إلى 25 مكروغرام يومياً.
إن حوالي 40% من المرضى المصابين بالخناق لا يستطيعون تحمل معالجة الإعاضة الكاملة رغم استخدام محصـرات بيتا والموسعات الوعائية ورغم استمرار وجود معارضة للتداخل جراحياً على المرضى المصابين بقصـور الدرقية غير المعالج أو المعالج جزئياً فإن جراحة الشريان الإكليلـي ورأب الوعاء بالبالون يمكـن إجراؤها بأمان عند هؤلاء المرضى وفي حال نجاحها فإنها تسمح بإعطاء جرعة الإعاضة الكاملة من التيروكسين عند الغالبية.
قصور الدرقية في الحمل
كان يعتقد حتى وقت قريب بعدم الحاجة لتغيير جرعة التيروكسين أثناء الحمل، لكـن وجـد اعتماداً علـى قياسات TSH المصلي أن معظم النساء الحوامل المصابات بقصور الدرقية الأولي يحتجن لزيادة جرعة التيروكسين بمقدار 50 مكروغرام يومياً، وأحد تفسيرات هذه الظاهرة هو الزيادة المعروفة جيداً في التركيز المصلي للغلوبولين الرابط للتيروكسين أثناء الحمل مما يؤدي لنقص تركيز الهرمون الدرقـي الحـر وهذا لا يمكن تعويضه بواسطة الإفراز الدرقي. يجب قياس TSH و T4 الحـر فـي المـصـل فـي كـل أثلوث من الحمل وتعديل جرعة التيروكسين للمحافظة على TSH سوياً.
فرط الدرقية في الطفولة
إن داء غريفز هو السبب الوحيد تقريبا للتسمم الدرقي في الطفولة ويظهر عادة في العقد الثاني من العمر قد تتم مراجعة الطبيب بسبب اضطرابات السلوك أو تدهور الأداء المدرسي أو قفزة النمو الباكر يجب أن تتم المعالجة بالكاربيمازول حتى يصبح المريض بحدود عمر 18 سنة وذلك في محاولة لضمان المراحل الهامـة مـن التطور الفيزيائي والتعليمي عند الطفل.
الرجفان الأذيني: إن فرط الدرقية سبب هام للرجفان الأذيني وبشكل وصفي فإن سرعة البطين تتأثر قليلا بالديجوكسين لكنها تستجيب لإضافة محصر بيتا، يوجد خلل النظم عند حوالي 10٪ من كل مرضى التسمم الدرقي لكن يزداد الحدوث مع التقدم بالعمر بحيث يصاب نصف الذكور تقريبا فوق عمر 60 عاما، لقد تم الإدراك بشكل متزايد أن فرط الدرقية تحت السريري قد يكون عامل خطورة للرجفان الأذيني، يمكن لتقويم نظم القلب أن يؤسس نظما جيبيا ثابتا عند حوالي 50% من المرضى لكن يجب عدم التفكير في ذلك حتى تكون تراكيز هرمون الدرقية و TSH قد عادت إلى السواء إن المعالجة المانعة للتخثر بالوارفرين ضرورية إلا إذا وجد مضاد استطباب حيث يستخدم الأسبرين في هذه الحالة.
اضافةتعليق
التعليقات