في الأمور العاطفية، يمكن لكونك في الحالة المزاجية المناسبة أن يحدث كل الفارق، إلا أن انتظارك لكي تصبح في الحالة المزاجية المناسبة في العمل، يمكن أن يمثل هدراً للوقت وعذراً ضعيفاً لعدم البدء في المهام المكلف بها.
قبل جيل كامل من الآن، كان نجوم الأفلام "الذين لم يكونوا في الحالة المزاجية المناسبة" يحصلون على مساحة من الوقت للاستعداد إذا ما غادروا موقع التصوير غاضبين.
أما اليوم، فمن النادر أن تسمع بهذه النماذج، فقد أصبحت صناعة السينما شديدة التنافسية وصارت الميزانيات محدودة فيما يتم التخطيط بدقة لمواعيد التصوير مسبقاً، بينما يتوقع المستثمرون عوائد تعوضهم عن المخاطرة بهذه المبالغ المالية الضخمة التي ينفقونها على الإنتاج. ويتوقع من الممثلين اليوم أن يحضروا لأماكن التصوير لتأدية المشاهد المطلوبة منهم في الوقت المحدد. لم يعد هناك مساحة لملكات السينما، فقد صارت فكرة أن يتم انتظارك حتى تصبح في الحالة المزاجية المناسبة جزءاً من الماضي.
وبالنسبة للمهنيين، تمثل حقيقة أن عالم اليوم ينتظر أحداً لكي يصبح "في الحالة المزاجية المناسبة" ترفاً لا يملك الكثيرون أن يوفروه. فبصفة عامة لا يستطيع العاملون في مجال الخدمات أن يحظوا بترف الانتظار حتى يصبحوا في الحالة المزاجية الملائمة للقيام بخدماتهم. لنفترض أنك معالج نفسي، حجز الكثيرون دوراً للكشف عندك. كيف سيكون رد فعلهم إذا قلت لكل منهم: "لا يمكنني أن أفي بموعدنا اليوم؛ لست في الحالة المزاجية الملائمة".
هل تعرف الفارق بين الكاتب المحترف والهاوي؟ الكاتب المحترف يكتب وفق جدول مخطط سواء كان في حالة مزاجية ملائمة أم لا، أما الهاوي فينتظر حتى يصبح في الحالة الملائمة فيكتب القليل من الإبداع الجيد (والقليل من هذا هو ما يستحق القراءة). وفي كل شرائح المجتمع الواسعة، من رؤساء الدول إلى المحاسبين، يستمر المهنيون المحترفون في عملهم منفصلين عن مشاعرهم أو أحاسيسهم.
والآن، لنتكلم عنك. بلا شك أنه يجب عليك أن تعمل وغالباً وفق أطر زمنية محددة بغض النظر عن حالتك المزاجية أثناء اليوم. وعندما يحل الموعد المحدد لإنهاء إحدى المهام في العمل، إذا لم تكن في الحالة المزاجية المناسبة لإنهاء المهمة التي أنت بصددها، فماذا سيكون الحال؟ ألم تُنجز أشياء رائعة طيلة الوقت الذي لم تكن فيه في البداية في الحالة الملائمة؟ بالطبع أنجزت. ولا يختلف الأمر كثيراً عند التعامل مع أية مهمة كنت تؤجلها في العمل.
احشد كل قدراتك اللازمة لكي تبدأ، وعلى الأرجح سوف تؤدي بشكل جيد. وسرعان ما سيصبح كونك في حالة مزاجية من عدمه أمراً غير مؤثر. فعادة ما يكون البدء في العمل أمراً مثيراً للحماس، وبالتالي، سوف تتغير حالتك المزاجية في كل الأحوال وتصبح إيجابية. إذن، لا تجعل قضية "الحالة المزاجية" تظهر إطلاقاً عندما تبدأ في التعامل مع أحد المشاريع. لقد ماتت هذه القضية؛ فقم بدفنها بالشكل اللائق. فلعلها ترقد في سلام.
اضافةتعليق
التعليقات