خلف كواليس المشاعر تختبئ معاني عميقة، فهناك حقيقة أخرى وراء كلمة (كنت أمزح) وغيرة مخيفة وراء كلمة (لا يهم) وألم كبير حينما نقول (لا مشكلة في ذلك) والكثير من الحاجة وراء كلمة (لا شكراً) وتداهمنا قلة الحيلة خلف كلمة (لا تقلق أنا بخير) ويأنّ القلب وجعاً حينما يعترينا (الصمت)..
لربما تستهوينا فكرة الكلمات المبطنة، فنستخدمها كوسيلة للهروب من النظرات التي تطاردنا من الأقرباء أو الأصدقاء، وهم يتقصون ما خلف ابتسامتنا الباهتة.
أهو الفضول، أم هناك غاية أخرى!
هؤلاء لم يبحثوا في أغوار نفوسنا ليطفئوا ثورة حزننا أو غضبنا، أو حتى مشاركتنا فرحة عابرة!
لربما تلك هي بغيتهم، أن لا يلتمسوا بصيص فرح يسكن في عمق الذاكرة، يجعلنا نبتسم خلسة، فجل همهم هو رؤية الانكسار الناجع من رحم وجع القلب، الذي غلفه الكبرياء، لنصمد بوجوه من يرمقونا بنظرات نصر تنطق بالشماتة!.
كيف لنا أن نوصل لهؤلاء رسالة سلام إلى أنفسهم قبل الاخرين؟!
كيف لنا أن نزرع بذرة الحب داخلهم، لتولد روح جديدة تخلو من شواغب أفكارهم السمجة؟!
تساؤلات، لطالما حث الباحثون الخطى لإيجاد ما يصقل تلك النفوس، إلا انهم عجزوا، فخاطبهم الله برسالته السماوية بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ). هم وحدهم من يغيروا ما بأنفسهم، ينفضوا غبار الخلق السيء بعد أن أخذتهم الدنيا بغرورها فغرقوا في طوفان الطغيان، هم من يسارعوا في انتشال أشلاء روحهم ليولد بداخلهم انسان آخر برسالة أخرى، تحمل بين طياتها كل أنواع التسامح والمحبة والمساعدة.
فبدل السؤال والتقصي عن أحوال قريب أو صديق ليكون حديثه المتداول بين المعارف كاللبانة يلوك بها في فاهه، يقف بجنب أخيه المسلم، يمد يد العون له، يساعده ويقضي حاجته، فقضاء حوائج الناس من أروع العبادات التعاملية، وهي لا تقتصر فقط على الحوائج المادية بل تتعدى إلى ما هو أهم من ذلك من نفع حسي أو معنوي، بكلمة طيبة، أو رأيٌ يستنار به، أو شفاعة حسنة، أو سعادة تدخلها على قلبه، فـ (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس).
اضافةتعليق
التعليقات