أسير في الطرقات ليلاً بلا قنديل ، أرى النّجم يتصدق عليّ بضوء خافت مثل ضوء السيجارة ، و البوم المشؤوم زاد ليلي تعاسة ، بالرغم من جمال عينيه الساحرتين !.
و اواكب السير ، لمحت عجوزا ينام في الطريق .. السماء تغيثه بالمطر ! و الأرض برطوبتها ! و البرد يدور حول جوارحه المبللة ، سألته : أيّها العجوز ألديك مظلة ! قال : أجرتها مقابل سيجارة أشربها في الصباح .. المستأجر مثلي حظه مثل الطحالب !.
اواصل الخطى و اذا بشباب في المقهى و دخان سجائر الذي يخرج من أفواههم .. يصل إلى العجوز المبلل الذي استأجر مظلته مقابل سيجارة واحدة !! و قد تركوا لذة جمعتهم وتسمّروا امام هواتفهم النقالة الغبية !.
بالقرب منهم مطعم نفاياته يتحسر على شذرات منها العجوز و أمثاله من المشردين في الشوارع!.
رأيت كوخاً فرحت كثيرا و بدأت استذكر الماضي و أنا أقترب منه تطوف في مخيلتي حكايات جدتي .. طرقت باب الكوخ ، و إذا برجل ينادي : من الطارق ؟ اليوم الانترنت متوقف الخلل من وزارة الاتصالات !!.
حتى الكوخ الذي يرمز إلى الإنسان القديم وتراث البشر اضحى مركزا لهذه التكنولوجيا اللعينة !
على بعد فرسخ المنزل الذي اقصده ، جلست في زاوية منحدرة على نهر ، اجمعت الحطب وبدأت بالحجارة أوقد النار عندها تذكرت جدتي و أناملها المشققة كالصحراء المتفطرة و هي تكّسر الحطب و تضعه في النار ، عندما تهفت و تصبح جمرات تضع الشاي و يلتم الأهل و الأصدقاء .. و السمر طويل..
الذكريات لا تعود و لا شاي جدتي ! لكن اللحظات تعود ونستطيع أن نجيء بأجمل منها .. لو:
_ تآلفت القلوب.
_ الهجر الجزئي للهاتف.
_ الزيارة المستمرة للأقارب.
_ الأهتمام بالجيران.
_ الأهتمام بالصلاة في المسجد الخاص بالمنطقة.
و هناك الكثير من الأشياء إن عملناها تعود لنا نكهة الماضي و نعيش الحاضر بأبهى صوره .
اضافةتعليق
التعليقات