منْ عرفني يومين أو من يعرفُني منذ سنتين، من عرفني من حينِ ولادتي أو من عرفني قبل ساعتين، لابدّ له أن سمع مني كلمةَ عادي وهي منفردةٌ بنفسها أو وهي غارقةٌ بين حشود الكلمات.
اعتدت نُطقها حتى تبلورت وضمتْ إليها كلّ صراعاتي، حتى حولت كل ماهو ليسَ بعاديّ إلى عادي. قد تسألُني بلطفٍ بالغٍ منك هل أحمل عنكِ هذا؟ أو هل أتعبكِ ذاك؟
هل تحتاجين شخصًا يحملُ عنك بعضّ الصراعات أو يشارككِ نصف ماتحملين، فتتراكضُ أربعةُ حروفٍ من فمي هاربةً مسموعة بصوتٍ ينافي ماينطق ..عادي.
أكذبُ كلّ مرة لكن ليس باحترافٍ لدرجة أنّ سائلي ستصلُ إلى مسامعهِ جملةُ "نعم أحتاج" وهي خافتة خائفة من أن ألحظَها.
سأشعرُ بثقلٍ أعظمَ من كمّ الصخورِ المتراكمةِ على صدرّي والجبالِ التي تتكدسُ على ظهري إن ساعدني أحدُهم.
سألومُ نفسي وأجلدُها إن اعترفت أنها لم تعدْ تستطيعُ الاستمرار.
سأشعرُ أني خنتُ قوتي وأني أظهرت ضعفًا لطالما دثّرته كطفلٍ صغيرٍ أخافُ أن يلمحهُ أحدٌ أو تلمسهُ نسمةُ ريحْ مع أنها لن تؤذيه.
لأصلَ إلى نهاية يومّي وأنا أجرجِر بالساعاتِ لأحصلُ على دقائقَ يعاتبني بها جسدي وتلومني بها نفسّي على ما أفعله.
هل كانت العادي يومًا حقيقيّة!
ثَقُلت روحي يومًا بعد يومْ، تناسيتُها حتى نسيتُها، لم أستمعْ لها حتى عجزتُ عن فهمها اليوم، لم أعبر عنها يومًا واستمررتُ بكتمها حتى ضاعَ صوتها بين أصواتِ الآخرين.. بين أصواتِ من فضلتُهم.
لم أجرؤ يومًا على مصارحةِ أحدٍ بايلامه لي، حتى باتَ الجميعُ يلومني.
كنتُ ارددُ كلّ مرة لابأس بينما كلُّ البأس سكنَ داخلي .
لم أذكر أنّي بكيتُ يوما دونَ أن اُسكت نفسي بكلمة "عادي، لتكبريها متسوه" حتى نسيتُ كيف البكاء.
كيفَّ أن لا أخفي.
سمحت للعالمِ أجمعهُ بالحديثِ وأسكتّ نفسي.
لا أعترفُ بألمي ولم أعترف يومًا به، لا أسمح لأحدٍ بأن يشعرَ بما أشعر، يُخجلني أن يقولُ أحدهم أنّي مسكينةٌ وكيف احتملت ما احتملت، أتثاقل الاعتراف وأميل للتظاهر، اتسارعُ اسكاتهُ بكلمةِ عادي.
الكاذبة التي لاتميلُ للصدقِ مع نفسها أولًا قبل أي أحدٍ آخر… أنا.
اضافةتعليق
التعليقات