تعجبني المكابرة رغم أنها موجعة، تعجبني تلك التي عانت وتناست ودفنت كل ماضيها وأحزانها وابتسمت، تعجبني تلك العنيدة التي أتقنت إخفاء أوجاعها وضحكت لتفرح الآخرين، وبدت قوية لا تنكسر رغم وجود بركان بداخلها.
تعجبني تلك العاشقة الثائرة، الأنيقة في ذاتها التي تسرق من الحياة فرحتها رغم أن الدمع يكسوها، فتتراقص على أنغام الأمل لتثبت لكل من يعرفها أنها أنثى راشدة لا تستسلم ولا يكسرها الخريف فدائماً ما تعود لتزهر من جديد، أثبتت بأن شيخوخة القلب خرافة لا تعرفها أنثى تمرّدت على نفسها.
كلماتٌ لطالما ردّدتُها، آمنتُ بها، والآن حان قطافها.. عزمتُ على خوض المعركة.
وقفتُ على شرفتي، استندتُ إلى الحائط قليلاً، ثمّ أخذتُ نفساً عميقاً، وقلتُ في نفسي:
"الحياة رحلةٌ وليست سباقاً، كشعرةٍ رفيعةٍ عليّ أن أعبرها، ووقوفي على أدقّ التفاصيل سيعرقل عليّ الوصول بسلام". قلتُ لنفسي: "أنت ِبتغاضيكِ ونسيان ما يحدث، وتفادي المواقف، تنقذين نفسك من منزلقاتها".
استدرتُ قليلاً، جلستُ على أرجوحتي، ردّدتُ في نفسي قوله تعالى: "قل لن يصيبنا إلّا ما كتب الله لنا"، أعمارنا قد حُدّدت، وأرزاقنا قد حُسمت، فلنمضِ بالرحلة، ونستخلص منها أن السعادة في الرضا عن أقدارنا، والتعايش معها شاكرين راضين.
سطّرتُ بقطرات دمي صفحات من الألم الأبكم كي لا يطّلع أحد على خفاياي بكل ثقة وتوكّل على الله وتسليماً لأمره لقد عزمتُ على المسير .
موجعةٌ مواجهة الواقع إلا أنها أحياناً تجعلكِ شامخةً كالنخلة كلّما تصدّت للرياح العاتية أصبحت أكثر صلابة وجلداً، وكلّما تعرّضَت لسطوة الشمس أصبحَت أكثر نضجاً وعطاءً ..
النضج يا أحبتي ليس أن تقسو قلوبكن، ويجفّ العطاء فيها، إنما النضج أن تتعلّمن من التجارب فتحببن أنفسكنّ أكثر، ولتكنّ أكثر حرصاً عليها، ولتقطفن ثمار جهودكنّ التي ندرت وقلّ مثيلها، وأن تتعلّمن أن تعطين أكثر من ذي قبل، وحبّذا لمن يستحق العطاء... وليس الكل يستحقّ.
اضافةتعليق
التعليقات