السؤال الذي يُطرح دائما، لماذا لم يذكر الله سبحانه وتعالى اسماء ائمة المسلمين كالامام علي عليه السلام في القرآن الكريم؟!
وهذا السؤال سواءا أكان استفهاميا ام استنكاريا غير صحيح في جوهره وجذوره ومبناه، لأنه حسب البراهين القاطعة وعلى حسب ما التزمه فطاحل من العلماء تعضدهم ادلة وقرائن كثيرة "نقلية" قرآنية وروائية و"عقلية" برهانية، فإن اسم الامام امير المؤمنين (ع) قد ذكر حسب قراءة مجمع عليها وبنفس حروف اسمه المبارك اي "علي" وليس بالأشارة وبناءً على هذا الجواب العلمي الدقيق فإن السؤال ينبغي ان يتحول الى: أين ذكر اسم الامام علي (ع) في القرآن الكريم؟
بل سيقودنا البحث لأن نسأل كم مرة ذكر اسمه الشريف في القرآن؟
إن اسم الإمام علي (ع) مذكور في بعض ايات القران الكريم حسب مبنى تعدد القراءات، فإن اهل العامة يقولون بالقراءات السبع او العشر كما ان بعض علماء الشيعة يقولون بها ايضا، وكمثال نأخذ الآية الكريمة: "هَذَا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقيم".
هذا هو الموجود في القراءات المعهودة في القرآن الكريم المتداول بيننا الآن ولكن هناك قراءة اخرى مشهورة ايضا ولاتستطيع ان تلزم من ذهب الى تلك القراءة الاخرى بأنه "لم يذكر اسم الامام علي في القرآن".
اما القراءة الثانية لتلك الآية "هذا صراطٌ عليٌ مستقيم".
برفع صراط كخبر ورفع علي كخبر بعد خبر ويسمى في قواعد النحو المدرسي خبرا ثانيا أو باعتباره بدلا وقد اطلق (الصراط) و (المستقيم) على الشخص وهو الامام علي عليه السلام ووصف به من باب المبالغة كما تقول(زيد عدل) بل ان (صراط) و( مستقيم) يقعان صفتين للشخص حقيقة فتدبر!.
وأما تفصيل القراءات فإننا نجد ثمانية من القراء قرأوا برفع (عليُّ) منونا على التوصيف، وجاء في كتاب تفسير البرهان للمحقق البحاثة الكبير السيد هاشم البحراني قدس سره وناقلا له عن مصادر عديدة منها "الكافي الشريف" و"مائة منقبة "و"مختصر بصائر الدرجات" عن ابي عبد الله الصادق ع قال "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم".
وينقل لنا التاريخ ان عمر بن الخطاب اعترض على رسول الله (ص) وقال: "انك لاتزال تقول لعلي بن ابي طالب "عليه السلام" "انت مني بمنزلة هارون من موسى" وقد ذكر الله هارون في القرآن ولم يذكر علياً؟!
فقال النبي (ص): "ياغليظ، يا اعرابي، إنك ماتسمع ما يقول (هذا صراطُ عليٍّ مستقيم)...."(١) (كتاب مائة منقبة من مناقب امير المؤمنين ص١٦١).
فنجد النبي رد وبين كيف ان الله ذكر اسم المولى وبشكل صريح في تلك الآية!
المثال الآخر الاية الكريمة "وَجعلنَا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيّاً".
ان التفسير الذي اصبح مشهورا لهذه الآية هو ان الله يعني ذكرا حسنا عاليا على مرَّ الازمان !
ولكن لماذا اصبح هذا هو التفسير المشهور!؟
لعل المزيج من الظلم والاضطهاد والارهاب الفكري والسياسي والاجتماعي الذي تعرض له اتباع اهل البيت عليهم السلام إضافة الى العداء المستحكم الذي تميز به خط الجاحدين لإمامة امير المؤمنين "عليه السلام" كل ذلك كان هو الباعث ليتحول هذا الرأي الى الرأي المشهور ولو من باب "التقية".
اما الرأي الآخر ان "علياً" اسم علم يراد به الامام علي (ع) وليس صفة، اي ليس صفة للسان الصدق(٢) (تفسير علي بن ابراهيم القمي ج٢ص٥١).
ان مقتضى "الحكمة" هو ارادة الامام علي (ع) من الآية، فأين وجه القبح من ذلك؟ اوليس علي (ع) هو باب علم رسول الله (ص)؟
اوليس علي هو من قال فيه رسول الله (ص) "اقضاكم علي" و"اعلمكم علي"، وقال فيه رسول الله: "انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي"، اوليس علي (ع) الذي وردت فيه الاية القرآنية "وانفسنا وانفسكم".
فهو مفخرة الاسلام الكبرى وفخر البشرية الخالد، اليس بحق "لسان صدق للأنبياء"؟ والانموذج الاسمى للطهر والنقاء، فقد روى الشيخ الصدوق رحمه الله في كتاب "كمال الدين وتمام النعمة" وكما نعرف ان الشيخ الصدوق ولد بدعاء خاص للأمام الحجة (عج) وقال عنه بعض الرجاليين: "لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه وكان حافظاً للاحاديث بصيراً بالرجال".
روى ان الامام الصادق عليه السلام يقول في تفسير الاية "وجعلتا لهم...." يعني به علي بن ابي طالب عليه السلام لأن إبراهيم (ع) كان قد دعا الله عز وجل ان يجعل له لسان صدق في الآخرين.
هذه الامثلة على سبيل الذكر لا الحصر وانها لشواهد على ذكر اسم المولى بشكل صريح وهناك ايات اخرى ايضا ذكرت اسمه صلوات الله عليه.
اما الايات التي نزلت في حقه فحسب استقراء اولي ناقص وجد عدد من كبار العلماء ان هناك ثلاثمائة وثلاث عشر اية قرآنية نزلت في شأن الامام علي وأوّلت به ثم وبتتبع اكثر وجد بعض آخر من كبار العلماء ان هناك اكثر من سبعمائة اية في القران الكريم نزلت في شأنه ولكن التتبع المستفيض يقودنا الى اكثر من ذلك.
وقد سمعنا من اية الله العظمى السيد صادق الشيرازي حفظه الله بأنه بعد ما ألف هذا الكتاب "علي عليه السلام في القرآن" بفترة تتبع بعد ذلك فوجد الآيات التي نزلت في شأن علي عليه السلام او أوِّلت به بصراحة او بالكناية بلغت ألف آية قرآنية كريمة.
وان هذه حقيقة معجزة ان يصل الى ايدينا هذا الكم الهائل من الروايات رغم كل الارهاب والتعتيم الاعلامي الشديد والشديد جداً، ومن الواضح ان هذا الدليل يحتاج الى سنين من الحديث والكلام والعشرات من الكتب والدراسات، اذ ليس الحديث عن آية او آيتين، وانما الحديث عن اكثر من سبعمائة آية بل الحديث حول الف آية من ايآت القرآن بما حولها من ألوف الروايات وانها حجة الله البالغة.. ولكن "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظُلماً وعلواًّ".
اضافةتعليق
التعليقات
2020-06-24