المقالة الفائزة بالمرتبة الثانية في مسابقة بشرى حياة للمقال
لكل واحد منا أشياء تعلق في الذاكرة ويكون من الصعب عليه أن ينساها ومن بين هذه الأشياء التي أبتسم حين أتذكرها هي السخط والغَضب في عيون مصطفى عِندما طلبت منه المعلمة في الصف الثالث الأبتدائي أن يجلس بقربي.. مُعلناً العصيان بقولهِ "لايمكنني الجلوس"، فعندما سُئل عن السبب، رد واثقاً "لا يجوز شرعاً"..
طِفل لا يتجاوز عمره العاشرة مُتشبع بأفكار معينة كيف له بعد 20 عاماً أن لا يكون وفياً لمبدئه؟
كبرتُ ومررت بموقف من نوع آخر عندما قرأت مقتبس "المرأة لا تصلح الا للإنجاب" إرتسمت صورة غامضة في ذهني، إحمرّ وجهي وقلتُ محتجة...
_ هذا ليس صحيحاً..
تلقيت رداً سريعاً، نعم ليس صحيحاً فهي أيضاً ماهرة في طبخ عشاء شهي يليق بنا، وعظيمة في إيجاد المقاس المُناسب لِخياطة ردائنا، وكريمة عندما تهبنا إبتسامة تحُيي الأحلام في مُخيلتنا وهَائلة عندما تحترق لتُضيء الدروب لنا..
كلام جميل من رجل يُبحر في العالم الأزرق، أما في الواقع لا أسف لِلهجة ساخرة، ولا رُشد يُشعرها بالإرتياح ولا رتق للجروح، ولا ذراع تحتضن.
كم من القصص شهدتها بأم عيني عن فتاة أجبرت لترك دراستها، وكم من فتاة تزوجت كرهاً وهي قاصر، وكم من فتاة قُتلت ظلماً بحجة الشرف، وكم وكم..
هُناك تَساؤل مَصحوب بتأوه نابع من الأعماق.. مالذي يَخسره الرجال لو تعَلموا ثقافة قبول الطرف الآخر وإن المرأة إنسان له أحلامهُ وطموحه.. وأن يحترموا الحدود بين حياتها الاجتماعية والمهنية، كم من الأحلام وُئدَت، وكم من الأرواح دُفنت بسبب الفكر الساذج الذي يكيل العثرات والهفوات!.
لم تُخلق عبثاً ولا نصف ليقال انها "ناقصة"! هي رحمة لكل من قدم للحياة بصرخة، هي صورة نقية ببرواز مُكلل بالياسمين في كل لحظة، هي فرشاة حب تُعيد ترتيب الملامح بعد كل صفعة.
ماذا لو لم تكن هي على قارعة الحياة.. لاهترأت الروح وحدة، ولأنتشر العفن مُلتهم الفرح، ولتسللت أوراق الخريف الى أغصان الخضر، لسرقكم الزمن خطوات تائهة الى المجهول، لأعتادت الحروف الصمت، لأصبحت الجوارح عاجزة عن الشعور..
لم تطلب الإنصاف ولا تحتاج الى تعويذة، أو عصا سحرية لتصبح عظيمة، هي جنة إحساس بجمالها وحنانها وقوة احتوائها لاطفالها وأسرتها..
تذكر..
لو لم تكن إمرأة في حياتك لن يكن هُناك سبباً لإبقائك على قيد الحياة.. هي جزيرة حب بمعناها الكامل. هي معجزة لا تتكرر في نص الحياة.
إفتحي الباب لعصافير حلمكِ المحبوس، وانتشلي نفسكِ بنفسكِ فإن لم تكوني كذلك، هنيئاً لكِ العيش مخفية منفية في قطعة أرض لا يعلمها سوى الله.
طوبى لكل حواء تسمو بفطرتها، وباقة حب لِمَن وضعت الجنة تحت أقدامها، ولمن حملت روحاً بين أحشائها..
فلا دور لها سِوى إنجاب الحب، الفرح، الأمل والحياة.. هل من مزيد..
اضافةتعليق
التعليقات