أصبح العاملون في الحقل الطبي أكثر دراية باحتمالية وجود تاريخ للعنف أثناء الطفولة بأنواعه الثلاث في المرضى الذين يطلبون العلاج النفسي.
وترى كارمان وزملاؤها 1984 ، أن العنف له تأثير مهلك على الوظائف النفسية وأن إنكاره أو كتمانه داخل العائلة يجعل الطفل غير قادر على التعامل مع الضغوط الشديدة خاصة مع الكبار.
كما أن العنف الجنسي المتكرر أو الذي يتم بواسطة الآباء يصاحبه تأثيرات نفسية ثانوية شديدة واصطحاب العنف البدني للعنف الجنسي يجعل التأثيرات المباشرة واللاحقة أشد.
ركزت الدراسات المهتمة بالعنف ضد الأطفال وإهمالهم على تحديد وتوثيق المتلازمات والآثار قصيرة المدى أو المباشرة ووجدوا أن بعضها يتعلق بحدوث آثار نفسية وبعضها يتعلق بالتوافق الدراسي والاضطرابات المعرفية وأخرى تتعلق بالاضطرابات السلوكية.
كيف يظهر الطفل الذي تعرض للعنف:
هناك العديد من المظاهر البدنية والسلوكية والانفعالية تظهر على الطفل المتعرض للعنف، وتختلف هذه المظاهر حسب نوع العنف وشدته وعمر الطفل.
أولاً: العلامات البدنية التي تظهر على الطفل:
1- كدمات في أماكن متفرقة وآثار لجروح ملتئمة.
2- جروح وكدمات بالوجه والعينين.
3- علامات تأخذ أشكالاً منتظمة وهي تعكس الأشياء التي ضرب بها الطفل أو قيد بها مثل أسلاك الكهرباء، السوط الجلدي، الأحبال أو الحلية المعدنية للحزام الذي ضرب به الطفل أو آثار لأسنان بشرية، أو علامات قبض وضغط شديدة على الذراعين أو الكفين.
4- آثار حروق من السيجارة أو الملعقة أو غيرها على القدم أو راحة اليد والظهر أو الردفين.
5- جروح بالرأس.
ثانيا: العلامات الانفعالية والسلوكية:
1- العدوانية والغضب، الانسحاب أو العزلة.
2- الخوف من الذهاب إلى المنزل، الخوف عندما يبكي طفل آخر أو عند فحصه طبياً.
3- تأرجح المزاج بين القلق، الاكتئاب، الخوف، الغضب.
4- الكوابيس المتكررة واضطرابات النوم، نوبات من الدوار عند الاستيقاظ.
5- الشكاوي النفس جسدية المتكررة مثل الصداع، والصداع النصفي، آلام المعدة، الآلام عموماً، صعوبة التنفس.
6- السلبية والعناد، والشعور بالذنب.
7- العزلة الاجتماعية والشعور بالخزي، صعوبة فهم وحل المشكلات الاجتماعية.
8- المخاوف المرضية الحادة خاصة الخوف من الظلام.
ثالثاً: علامات تشير إلى إهمال الطفل:
1- مولود حديث مصاب بتسمم غذائي أو دوائي.
2- اضطرابات الكلام.
3- ارتداء ملابس غير مناسبة بصفة عامة وللمدرسة بصفة خاصة.
4- وقوع حوادث للطفل داخل وخارج المنزل.
يرى شيلمر 2004 أن إساءة معاملة الأطفال غالباً ما ترتبط بإصابة الطفل باضطرابات نفسية منها ما يتم تفعيلة خارجياً مثل العدوان، واضطراب السلوك، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، ومنها ما يتم استدماجه داخلياً مثل الاكتئاب والقلق.
اضطرابات السلوك:
تشير الدراسات إلى وجود علاقة بين تعرض الأطفال للعنف الأسري وبين حدوث اضطرابات السلوك لديهم خاصة السلوك العدواني، فالتربية القاسية التي تقهر الطفل وتعاقبه بدنيا وتؤلمه نفسياً تنمي العدوان لديه وتجعله يفشل في تنمية التحكم في الغضب والعدوان.
ووجد نيوبيرجر 1977 أن الطفل المتعرض للعنف لديه عدوان في خياله بدرجة كبيرة ومميزة، كما أن لديه سلوك عدواني شديد خارج وداخل الفصل مقارنة بالعينة الضابط.
وأكد ميلونيسكي وهانسن 1993 على وجود ارتباط ذو دلالة إحصائية بين تعرض الأطفال للعنف البدني وسلوكيات إيذاء الذات والانتحار.
والتعامل بقسوة مع الأطفال يؤدي إلى أن يتعاملوا مع آبائهم بنفس القسوة والعدوان وهو ما يؤكده كيتز 1994 في دراسته على 122 طفل في سن ما قبل المراهقة.
وفي دراستهما على 52 طفل في الفئة العمرية من سبعة إلى خمسة عشر عاماً وجدت أنجيلا وديفيد 1995 أن 43 منهم لديهم معدل عالي من العدوان والعناد.
كما أن لديهم خوف مفرط من الغرباء ويعانون من الخجل الشديد.
نقص الانتباه وفرط الحركة:
يعتبر نقص الانتباه وفرط الحركة من التداعيات المشهورة للعنف الأسري سواء كان الاضطراب منفرداً أو مصاحباً لاضطرابات السلوك..
في دراسة على 350 طفل ومراهق وجد أن 38% تعرضوا للعنف البدني منهم 18% لديهم مواصفات اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.
الاضطرابات المعرفية واضطرابات النمو:
يظهر الأطفال المتعرضين للعنف اضطراباً معرفياً مرتبط بتأخر في النمو وعيوب في اللغة والكلام، وعادة ما يصعب عليهم أن يعبروا عن مشاعرهم فنجد تأخراً في اللغة خاصة فيما يتعلق بطرق التعبير اللفظي إذ أن اللغة لا تستخدم كوسيلة للتعبير عن الأفكار والمقاصد والمشاعر فقط بل كوسيلة لتحاشي العقاب ومن ناحية أخرى فإن البيئة التي يحدث فيها العنف دلالة كبيرة خاصة وإن الأفراد المسئولون عن الطفل لا يقضون وقتاً طويلاً في الحديث معه ومن ثم لا يجد الطفل من يساعده على تطور مهارات اللغة لديه وتبعاً لذلك يتأثر الذكاء اللفظي وتنخفض درجات الطفل في مقاييس الوظائف العقلية العامة، وحينما يصل الطفل إلى سن الكمون يفشل في إظهار تطور نمو الأنا وفي تطوير ميكانزمات الكمون التي تمكن الأطفال العاديين من مقاومة القلق سواء كان من مصادرة الداخلية أو الخارجية.
في متابعة موريس وآخرون 1970 لعدد 21 طفل تعرضوا للعنف الأسري أو للإهمال فوجد أن 6 منهم فقط أقرب إلى الذكاء والانفعال الطبيعي، والباقي يعانون من القصور العقلي، 6 أطفال يعانون من الاضطرابات الانفعالية.
وسجل أوليفر 1988 أن معدل حدوث الإعاقة العقلية في الأطفال المتعرضين للعنف الأسري ترتفع 14 ضعفاً عن الأطفال الذين لم يتعرضوا لذلك، وهؤلاء الأطفال كان معروف عنهم مسبقاً أنهم يتمتعون بذكاء طبيعي.
اضافةتعليق
التعليقات