شهدنا مؤخرا أحداث سريعة وغريبة ومؤثرة، انتفاضات، ثورات اعتصامات، وأقل مايعبر عنها (ابتلاءات) على حد تعبيري وإن صح التعبير .
هب جميع أبناء شعبنا بكل طوائفه وكل طبقاته وفئاته العمرية لاسترداد الوطن ونفض غبار الظلم والعبودية عن وطن قضى نحبه لتوالي أنظمة وحكومات جائرة كان لها دور فاعل في طمس معالم هويته وتهميش أبناء شعبه الذي أنهكه الفقر والتعب والظلم وضياع أبسط حقوقه في عيش حر وكريم وفجأة أيقدت هذه الأحداث بداخلنا جذوة أمل، أمل بالتغيير، أمل بالانتقام ممن سلبه حقه في كل شيء. لكن على ماذا أمسينا وأصبحنا؟
على ما اعتدنا عليه من موت، اعتقالات، فوضى، فتن، تدخلات خارجية، والملفت للنظر هو انحراف بعضها عن المسار وهنا جاء دور المغرضين والمحرضين وللأسف نجحوا في اعادة الأمور إلى مادون الصفر ، انشقاقات وتكتلات في صفوف الشعب الذي سعى لأجل الوحدة وانتشر اللاوعي وثقافة الجاهلية التي لا تزال مكبوتة في أذهان البعض.
وحالما أتت الفرصة لإظهارها فلم يتوانى الكثير في اشاعتها وخاصة مع توفر أسرع الوسائل وأسهلها في النشر من فضائيات وشبكات تواصل اجتماعي التي تنقل كل صائبة وخائبة وأتاحت الفرصة لكل من هب ودب ليلقي بضلاله وليس ظلاله علينا، فأصبح التطاول والتهجم وخاصة على أشخاص تفردوا بصفات كرمهم الله بها من تقوى وزهد وإيثار ، فلم يعد يميزوا بين الحق والباطل رغم أن سهام العدو أينما توجه هي التي تدلك أين يكون الحق وأهله فالذي يفسر الأمور على هواه مستندا على خبر عاجل على فضائية أو على منشور في صفحة على الفيس بوك فهم ممن عُبر عنهم في الآية الكريمة (ومن كان في هذه أعمى فهو في الاخرة فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلا) (الاسراء/72).
فمهما كان الشخص صالحا يحكم عليه الناس وفقا لمزاجاتهم، فالحقيقة هي الحقيقة ولو كان الجميع ضد واحد. والحدث الأسوء الذي شهدناه هو التطاولات والإساءات إلى المراجع فالذي يلقي بتهمه عليكم هل هو فعلا قلبه على الوطن وأصبحت مشكلته مع المرجعية؟
أم الظروف والأحداث الأخيرة أعطتهم الفرصة للتجرأ على مرجعية تمثل النيابة في عصر الغيبة وإن كان البعض عاجزون عن كنه معرفته فلماذا التسطح بالآراء والانتقادات الغير مدعومة بأدلة؟ أم جعلوا من المرجعية شمّاعة لكل حدث وموقف. أعاننا الله على فتن آخر الزمان، فالقضية باعتقادي ليست قضية استرداد وطن بل أكبر وأدهى فالاستهداف واضح اخماد صوت الحق أينما وجد وفي أي بلد كان ليسود الباطل ويغلب، وكانهم نسوا أن الله حق وقد أكد عليه في قوله (لانصرنّك ولو بعد حين )(النمل /62).
فالاسلام لا تحدّه حدود ولا يختص ببلد دون غيره ولا تميزه جنسيات فالشخص (الصح) والموقف الحق نراه فيمن اختارهم الله وميزهم بتقواهم، فالموقف لا يحتمل مماراة الاحمق ومضيعة الوقت لمن نصبّوا لأنفسهم كيان ليتعدوا على تُقاة خلق الله وزهاده الذين تركوا الدنيا لأمثالهم لأن البقاء لا يليق بهم، فرفعهم الله في الدنيا قبل الاخرة لأن عليين اُعدت لأجلهم والدنيا التي اُشتقت من الدنو أمهلها الله لهم ليذوقوا وبال أمرهم.
اضافةتعليق
التعليقات