علاقة المرأة بالسياسة علاقة معقّدة ومبهمة، ففي الوقت الذي يُنظر فيه إلى أغلب النساء على أنهن غير مكترثاتٍ بالسياسة، توجد نساء في الميدان السياسي ممن يحدثن تغيراتٍ هائلة على المستوى المحلي والعالمي هذه العلاقة التي تحتوي على النقيضين، تبقى محط أسئلةٍ كثيرة ومحور دراساتٍ أكثر فالعديدون يرون أن أغلبية النساء لا يكترثن بالسياسة أبداً، وأن الأقلية منهن تنقسم إلى قسمين، قسم يهتم بالسياسة وجميع جوانبها ولكنه لا يهتم بالعمل في الميدان السياسي وقسمٌ آخر من النساء اللواتي يهتممن بالسياسة ويطمحن للوصول بعيداً في مسيرتهن المهنية السياسية.
وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي تثبت أن الرجال يهتمون بالسياسة أكثر من النساء، إلّا أن الدراسات لم تتفق بعد على الأسباب التي دفعت السيدات إلى عدم الاكتراث بالسياسة ومخرجاتها وفي الوقت الذي يرى فيه، أن الأسلوب الذكوري الذي يتم به طرح الأخبار هو المتهم الأول، يرى آخرون أن سبب عدم اهتمام النساء بالسياسة يعود إلى عدم تعريض الفتيات في المنزل أو في الجامعة إلى النقاشات السياسية.
أمّا فيما يتعلق بقدرة المرأة على الدخول في الحياة السياسية، ففي دراسة أجرتها الجامعة الأمريكية في واشنطن، أظهرت النتائج أن نسبة الرجال المهتمين بالسياسة والذين يفكرون بالعمل في الميدان السياسي، أعلى من نسبة النساء اللواتي يهتممن بالسياسة ويفكرنّ في اتخاذ الحياة السياسية مهنةً لهنّ وبحسب دراسةٍ أُخرى أجراها مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة، أظهرت النتائج أن النساء يشكلنّ قيادات سياسية أفضل من تلك التي يشكلها الرجال؛ فبحسب هذه الدراسة تفوقت النساء على الرجال بثمانية من أصل عشرة في الصفات التي تجعل من المرء قياديّاً سياسيّاً ناجحاً.
ولكن وعلى الرغم من هذه النتائج، إلّا أن أغلب المواطنين في الولايات المتحدة الأمريكية يفضلون التصويت لرجل على التصويت لامرأة لتولي منصبٍ سياسي وإن قمنا بالنظر إلى نتائج هاتين الدراستين فإننا سنرى حتماً أسباب التطور البطيء الحاصل على مستوى مشاركة المرأة في الحياة السياسة فبحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن نسبة النساء البرلمانيات في العالم وصلت 11.3% عام 1995 لترتفع إلى 22% في عام 2015 أي أن عدد النساء المشاركات في البرلمان حول العالم ارتفع بنسبة 10.7% فقط خلال عشرين عاماً.
ولكن وعلى الرغم من كل هذا، إلّا أن السيدات اللواتي حصلن على مقاليد الحكم في بلادهن سواءً باستلام منصب الرئاسة أو منصب رئاسة الوزراء، أثبتن للعالم أجمع أن المرأة قادرة على توليّ الحكم وإحداث تغيراتٍ إيجابية كبيرة على مستوى حكوماتهن وعلى مستوى العالم فمن كليوبترا إلى مارغريت ثاتشر إلى بينازير بوتو وأنجيلا ميركل، نرى أن كل النساء اللواتي حصلن على مناصب عليا وحساسة في دولهن كن على قدر المسؤولية واستطعن التحكم بأمور دولهن بشكلٍ ممتاز.
النساء في برلمانات العالم
ذكر تقرير للاتحاد البرلماني الدولي نشر ان عدد النساء في البرلمانات في مختلف دول العالم منخفض على نحو مزعج مع تقدم المتوسط العالمي نصف درجة مئوية فقط في عام 2011 الى 19.5 في المئة، وقال تقرير الاتحاد وعنوانه نساء في البرلمان 2011 انه في الانتخابات البرلمانية في 69 مجلسا تشريعيا في 59 دولة في عام 2011 نالت النساء 21.8 في المئة من المقاعد في هذه المجالس التشريعية وهي نسبة مماثلة للأعوام السابقة، وقال الاتحاد وهيئة نساء الامم المتحدة وهي هيئة معنية بشؤون المساواة بين الجنسين في بيان هناك حاجة الى ارادة سياسية قوية وتبني معايير محددة للخروج من الطريق المسدود المتعلق بالمشاركة السياسية للنساء.
وأضاف التحديات التي تواجهها المرشحات تتضمن نقص التمويل لتنظيم الحملات الانتخابية والتوقعات الكبيرة من الناخبين والطبيعة التنافسية للأحزاب السياسية، ووجد التقرير ان 20 دولة فقط من ضمن 188 دولة تمتلك برلمانات تسيطر النساء فيها على نسبة ثلث المقاعد على الاقل، وتصدرت رواندا واندورا طليعة الدول من حيث مشاركة النساء في البرلمان حيث كانتا الدولتان الوحيدتان اللتان تجاوزت فيهما مشاركة النساء في البرلمان نسبة 50 في المئة، وفي ذيل القائمة جاءت سبع دول بدون تمثيل للمرأة في برلماناتها وهي بيليز وميكرونيسيا و ناورو وبالاو وقطر والسعودية وجزر سولومون، وعلى الرغم مما وصفه التقرير بوعد احتجاجات الربيع العربي التي اطاحت برؤساء تونس ومصر وليبيا من رأس السلطة مازالت المنطقة العربية هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لا توجد فيها برلمانات نسبة مشاركة النساء فيها 30 في المئة
أهمية مشاركة المرأة بالسياسة
زيادة تمثيل المرأة في الحكومة يُمكن المرأة ويمنحها سلطات أكبر زيادة تمثيل المرأة في الحكومة أمر ضروري لتحقيق المساواة بين الجنسين مفهوم تمكين المرأة مُتجذر في نهج القدرات الإنسانية، بحيث يتم تمكين الأفراد من اختيار الأعمال التي يعتبرها ذات قيمة تعتبر المرأة هي الراعية الأولى والأساسية للأطفال، وغالبا ما يكون لها دور فعال وأكثر بروزا من الرجال في مجال الدفاع عن الأطفال، مما أكسبها حصة مضاعفة وفوائد من حيث تمثيل المرأة.
والنائبات الإناث لا يقمن فقط بتعزيز حقوق المرأة، ولكن يقمن أيضا بتعزيز حقوق الأطفال في الهيئات التشريعية الوطنية، هناك اتجاه ملحوظ للمرأة في الدفع قدما للتشريعات التي تصب في مصلحة للأسرة وهذا الاتجاه لوحظ في كل من فرنسا والسويد وهولندا وبجنوب أفريقيا ورواندا ومصر وعلاوة على ذلك، فإن عددا من الدراسات التي أجريت في كل الدول الصناعية والمتقدمة أشارت إلى أن النساء في الحكومات المحلية تميل للمضي قدما في دفع القضايا الاجتماعية. وفي الهند، على سبيل المثال، أصبح تمثيل المرأة أكبر من ذي قبل، مع توزيع أكثر عدالة لموارد المجتمع، مع مراعاة الفوارق بين الجنسين في البرامج المتعلقة بالصحة والتغذية والتعليم في عام 1954، قامت الأمم المتحدة بجعل اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة حيز التنفيذ، وذلك لترسيخ وتكريس حقوق المرأة في التصويت، وتقلد المناصب، والحصول على الخدمات العامة على النحو المنصوص عليه للمواطنين الذكور ضمن القوانين الوطنية وعلى قدم المساواة.
الحواجز الاجتماعية والثقافية
على عكس نظرائهم الذكور، فأن النساء المرشحات يتعرضن للعديد من الحواجز التي قد تؤثر على رغبتهم في الترشح للمناصب المنتخبة وهذه الحواجز التي تعوق تمثيل المرآة، تشمل تنميط المرأة جنسيا، والتنشئة السياسية، وغياب التحضير للنشاط السياسي، وتحقيق التوازن بين العمل والأسرة.
1-قوالب الجنس النمطية
يفترض أن القوالب الفكرية الجامدة للجنس، بأن الصفات الذكورية والأنثوية تتشابك مع القيادة، ونظرا للطبيعة العدوانية والتنافسية الموجودة في السياسة والاعتقاد بأن المشاركة في مقار الانتخابات تتطلب الصفات الذكورية وبالتالي، فإن التحيز الموجه ضد المرأة ينبع من التصور الغير صحيح بأن الأنوثة تنتج بطبيعتها قيادة ضعيفة تنميط الجنس هو أبعد ما يكون عن السرد التاريخي.
2-التنشئة الاجتماعية السياسية
مفهوم التنشئة السياسية يرتكز على مفهوم أنه خلال مرحلة الطفولة، يتم اجتماعيا إدخال النساء إلى معايير وقواعد السياسة وبعبارة أخرى، يبدأ التنميط الجنسي في سن مبكرة ومن ثما فأنه يؤثر على التنشئة السياسية للطفل عموما، فأن الفتيات يميلان لرؤية أن السياسة هو مجال للذكور التنشئة الاجتماعية والمتمثلة في الأسرة والمدرسة، والتعليم العالي، ووسائل الإعلام، والدين لها دور في تحديد العوامل التي تلعب دورا محوريا في تعزيز إما الرغبة في دخول السياسة، أو ثنيها عن القيام بذلك.
3-غياب التحضير للنشاط السياسي
والذي يبني على مفهوم التنشئة السياسية من خلال تحديد الدرجة التي تصبح المرأة قادرة اجتماعيا لممارسة المهن التي قد تكون متوافقة مع السياسة الرسمية وعادة ما تكون المهن في مجال القانون، والأعمال التجارية، والتعليم، والوظائف الحكومية، هي المهن المشتركة للنساء اللاتي قررن في وقت لاحق الدخول المناصب العامة يشعر عامة الناس بأن النساء لا يستطعن فعل بعض الأشياء في وقت واحد، مثل أن تكون أم وصاحبة منصب متنفذ ذو تأثير وسلطة عالية في نفس الوقت.
4-تحقيق التوازن بين العمل والأسرة
الموازنة بين العمل والحياة هو دائما أكثر صعوبة بالنسبة للنساء، حيث يتوقع المجتمع عموما، بأن المرأة تكون بمثابة مقدمي الرعاية الأولية للأطفال، والعناية بأمور المنزل وبسبب مطالب التوازن بين العمل والحياة، فمن المفترض أن النساء سوف يخترن تأخير تطلعاتهم السياسية حتى يصبح أطفالهم أكبر سنا.
وقد أظهرت الأبحاث أن السياسيات الجديدات في كندا والولايات المتحدة هن أكبر سنا من نظرائهن من الرجال وعلى العكس من ذلك، يمكن للمرأة أن تختار إنجاب أطفال من أجل الحصول على منصب سياسي، الحواجز المؤسسية قد تشكل أيضا عائقا لتحقيق التوازن بين الحياة السياسية والعائلية فعلى سبيل المثال، فأن أعضاء البرلمان في كندا، لا يساهمون في التأمين على العمل وبالتالي، فلا يحق لهم التمتع بمزايا الأبوة.
تشكّل النساء نسبة 50% من مجمل عدد السكان في العالم، ولكن المرأة لا تزال تحظى بنسبة تمثيل دنيا كناخبة، أو قائدة سياسية، أو مسؤولة منتخبة لا يمكن أن تصل الديمقراطية إلى كافة مواطنيها في حال بقي نصف السكان ممثلين تمثيلاً أدنى في الحياة السياسية.
اضافةتعليق
التعليقات