"وبالوالدين احسانا".. آية قرآنية مباركة نحفظها ونرددها دائما ونحاول جهدنا أن نعمل بها عسانا أن نكون من المحسنين والبارين لهم، لأن فضلهم وعطاؤهم معين لاينضب منذ نعومة أظافرنا إلى أن نبلغ مرحلة الشيخوخة، وحبهم وحنانهم يحيط بنا من كل حدب وصوب، ولكن السؤال هو: هل أحيانًا يخطأ الآباء أو يقصرون في حق أولادهم؟.
كيف و متى؟
نستطيع أن نجيب أنها تبدأ من مرحلة الطفولة لأن ليس كل الآباء والأبناء على دراية وإلمام بكل الطرق الصحيحة والسليمة للتربية والتنشئة وهذا بالتأكيد ينعكس سلبًا على شخصية الفرد عاجلًا أو آجلًا..
ولكن هل يقدمون على هذا الخطأ والتقصير دون دراية وربما يصل إلى مرحلة الإيذاء في مرحلة مهمة جدًا من حياة أبناءهم وهي مرحلة زواجهم؛ التي يكونون باعتقادي بأمس الحاجة إلى دعمهم وتشجيعهم، ولكن للأسف يحدث العكس تمامًا عند الكثيرين، فبالنسبة للرجل تُشن عليه الحرب من قبل الأُم خاصة بدوافع عديدة قد تكون حب التملك أو الغيرة أو غيرها..
فتحول حياته إلى جحيم ويكون هنا في موقف لا يحسد عليه تحوطه الحيرة بين طاعة والديه وتنفيذ أوامرهم لكي لاتغضب عليه والدته مستغلة بذلك كونها والدة وأن الشرع والدين بصفها، وبين حبه لزوجته..
وبالنسبة للزوجة نفس الشيء يحدث معها من تدخلات الأهل ولاسيما الأُم وإذا لم تصغي وتنفذ ما تقول، بهذا ستكون ابنة عاقّة وغير بارة، وكل هذا يحدث تحت مسميات الوالدين وطاعة الوالدين, وكأنهم يستغلون تلك المنزلة والمكانة التي أعطاها رب العزة وخصهم بها ليفعلوا مايحلوا لهم!.
وفي النهاية يقولون نحن الوالدين وطاعتنا واجبة وأوامرنا مجابة بغض النظر عن أي حسابات أو اعتبارات أخرى لذلك نشهد يوميًا وتطرق على مسامعنا حالات طلاق غير مقنعة وحتى حالات انتحار!.
كلامي هذا ليس نظريًا، بل هو عن تجربة شخصية حدثت معي ومع أناس مقربين جدًا مني. وللأسف الخوض في هكذا معمعة أمر شائك جدًا تشعر وكأنك داخل شرنقة لا تستطيع أن تخرج منها ولا تستطيع البقاء بل وأحيانا لاتستطيع حتى مجرد الحديث معهم؛ لأنك إن جادلتهم أو ناقشتهم فإنك تزيد الطين بلة! لسببين مهمين الأول وهو الأهم أن الدين والشرع يقول لا تجادل والديك وإن كنت على حق.
والثاني لأنهم سوف يعتقدون أنك تفضل شريك أو شريكة حياتك عليهم ويعتبروه نوع من نكران الجميل مع العلم أن حب الوالدين ورعايتهم لأولادهم هي فطرة ولكن للأسف يشعروك دوما بأنك مقصر معهم وإن كنت بلاحول ولا قوة يشعروك بأنك مذنب وأنك عاق وإن جاروا عليك وظلموك!.
فسوألي هو لماذا يبغي بعضنا على الآخر؟!
لماذا الظلم موجود بكل تفاصيل حياتنا من الحاكم والمحكوم إلى أفراد البيت الواحد؟ لماذا نجور على بعضنا إلى أن يحصل مالايحمد عقباه؟ وعندها نندب حظنا ونلوم القدر!.
الله عز وجل يقول (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا). فلا تستهينوا بالتفاصيل الدقيقة وحقائر الذنوب فيقول جل وعلا: (وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم). فلنركز قليلًا بتفاصيل أفعالنا وأقوالنا لعلنا نساهم ولو بجزء بسيط جدًا -بدفع الآلاف من البلاءات وليس الابتلاءات التي تنزل إلينا من حيث لانحتسب- ونركز على زرع المودة والحب والتكاتف، ويعرف كل منا واجباته ومسوؤلياته، ولانتعدى على حقوق وحريات الآخرين وإن كانوا أقرب الناس لنا، لأننا لسنا ملك لأحد كلنا ملك لله فقط.
وفي الختام أعتذر لكل أُم وأب فلا أقصد أبدًا ولا أجرؤ على الانتقاص من قدرهم، فرسالتي لهم فقط أن ينتبهوا قبل فوات الأوان، أطال الله في أعمارهم وبارك لهم فيها، فإن هدفي ومبتغاي من كلماتي التي قد لاتروق للبعض, أن نكف عن ظلم أنفسنا قبل الآخرين وأن لا يخرج أعز وأقرب الناس إلى قلوبنا من هذه الدنيا إلا والله راض عنا وعنهم، لأن عطاؤهم ليس له حد وتضحياتهم تعجز ألسنتنا عن ذكرها، فلا نريد أن تأتي هذه الجزيئات البسيطة وتفسد أجملها..
أتمنى بكلماتي المتواضعة وأناشد بأسلوبي البسيط والمتواضع أن تسلط الأضواء على هذا الموضوع الذي أتعب الكثير من العوائل؛ من قبل خطباء المنابر لعلهم يستطيعون تصحيح معلومة أن طاعة الوالدين في بعض الأمور لاترضي الخلق ولا الخالق!.
اضافةتعليق
التعليقات