ها قد بدأ الوقت يهرب منا، يستعجل الرحيل، قد ركب لحظاته النورانية ليلحق بماتبقى منه، فعلينا أن نركب خطواته ولحظاته الحقيقية، بالتوجه نحو رب السماء، لتعلو أصواتنا بترديد: العفو.. العفو.. العفو.
فسهم الوقت يتجه نحونا، وبدأ يمضي ويمضي ويسرق منا جمال لياليه، حينما كنا نتلوا دعواته بالغوث.. الغوث.. الغوث..
تمضي معه أوقاتنا برفع أيدينا المذنبة المقصرة التائهة والضائعة من دونه ونرتجي منه مغفرة لذنوبنا العظيمة فنقول: غفرانك ياالهي.. غفرانك ياربي.. دلني لطريقك، اهدني لصراطك المسقيم يارب العالمين.
مابقي من الوقت سوى أيام معدودة، وبدأ يعد الوقت الثواني ليرحل حامل معه كل عمل كان لنا في الخير أو الشر، تتسابق اللحظات، ونحن عطشى نريد أـن نسقى من ماء رحمتك ونتنسم من رحيق عطرك الذي بات على تلك السجادة التي قبلت وعفرت جبيني ساجدا لطلب الثواني منك واستجدي رحمة ومغفرة ليوم آتي إليك فيه.
فما بقي إلا القليل من ساعاته وهو يقترب على الانتهاء، ونحن فيه بقلة عملنا لم نقرأ سوى بضع كلمات من كتابه الكريم التي ربما يقبلها منا لأننا كنا نقرأها بعجلة من أمرنا، لم نعِ ماقرأنا من حروف قرآنية.
حينما تبدأ بالبسملة تهفو روحك للذة النور والتقرب للمعبود، ستكون وسيلتك لتقف على باب رحمته راجياً طلب العفو والغفران، لذا علينا أن نتمهل بحروفه، لنقف عند كل حكاية من حكايا القرآن، لنستلهم العبر والموعظة.
لذا علينا ادراك ماتبقى من رمضان لنعيش هذه اللحظات بقربه ولتعلو منزلتنا لديه فهو كأنه يقول لنا:
كن صديقي وتكلم لي عن مافي داخلك. كن صديقي لتجدني في عسرك ويسرك. كن صديقي لأكون معك أينما تكون وفي كل مكان تكن فيه. كن صديقي فأنا دائماً أريد لك الخير والسعادة في حياتك وعندما تكون بقربي ستنال ذلك.
فأنا عنوان العفو والمغفرة والرحمة الواسعة، فهذا هو شهر الخير والرحمة بدأ يعد ثواني رحيله ليمضي عنا ويعود في سنة أخرى ربما نكون فيها أو لا نكون.
فلنرسم محطة قطارنا قبل ذهابه ولنعد لهذه الرحلة قبل فوات الأوان فالامام يقول:- (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك).
فلا نجعله يعبر من أمامنا إلا بذنب مغفور ورضا من رب العالمين، فهذه فرصتنا الثمينة في هذه الأجواء النورانية التي وضعها الباري وقود لمحطتنا في الحياة، لنتعلم منها كيف ندنوا لقربه ونكون أصدقائه فلا نجعل الفرص ترحل عنا(فالفرصة سريعة الفوت بطيئة العود).
وفي النهاية أقول؛ اجعل قلبك بيتاً لربك، قرّبه منك، اجعله صديقك ورفيقك وطبيبك وكل شيء بحياتك.
فلنجعل شهر رمضان رحمة إلهية لايمكن وصفها، فها هو ذا بدأ يرحل عنا، فلنزيد من وقودنا في هذه المحطة بقول وترديد كلمات: بالعجل.. العجل.. العجل يامولانا ياصاحب الزمان، ليكن هذا ذكرنا صباحاً ومساءً وفي كل ثانية من أنفاسنا نرددها، لنجعل أرواحنا معلقة بروحه مزدهرة بدعواتنا مستجاب لها راضياً عنا.
اضافةتعليق
التعليقات