من الامور الهامة التي لها أثر بالغ في استقامة وانتعاش الحياة من الجانب الاقتصادي وارتقائها في مستوى المعيشة هو الاعتدال في الانفاق والتقدير في المعيشة، وكلما كان هناك تقدير جيد في معيشة الفرد واقامة توازن مدروس بين مدخوله ومصروفه والاعتدال في بذله وانفاقه فيغدو سعيدا هانئا آمنا.
أولى الجانب الاسلامي اهتماما كبيرا في اقتصاد الفرد وتثقيفه من ناحية الانفاق والتقدير في المعيشة وقد ألزمت الحكومة الاسلامية بمراعاة الفرد من جانب الضرائب والرسوم المالية، وعلى الحكومة الاسلامية توفير ميزانية عامة توضع للشعب لمعالجة خط الفقر.
ومما لاشك فيه ان علم الاقتصاد والمعاش يرتبط ارتباطا وثيقا بعلاقة الانسان مع من حولة فعندما تتضايق امور معيشته قد يخرج من دائرة الحمد على السراء والضراء فيتذمر ويجحد بنعمة الله عليه وقد تكون من سوء تدبيره واسرافه، كما نهى عنه القران الكريم والمشرع الاسلامي وان السرف والتفريط بالأموال والثروات والطاقات له أبلغ الاثر في عدم تحقيق النجاح والمعيشة في كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
هكذا يتبين أهمية الاعتدال في البذل والانفاق بمستوى الاعتدال، وتظافرت الآيات الشريفة والروايات حول اهمية الانفاق وتجنب الاسراف فما على البشر الا التوجه والعمل بمقتضى مبادئه الاقتصادية والاخلاقية لينجو من دوامة الفقر والقرض.
وكما نشاهد اليوم ازمة الاقتصاد العالمية الحادة وانهيار الاسواق العالمية وسقوط النظام مما جعل الفوائد ترتفع وازياد المبالغ الربوية على المقترضين، ومن ابرز هذه الاسواق، حيث ذكر المؤشر العالمي أكثر 10 مدن عرضة للخطر في العام الحالي، مع تحديد حجم الخسائر التي سيشهدها الناتج المحلي الإجمالي لنفس الدولة.
وجاءت طوكيو في المرتبة الأولى بلا منافس مع احتمالية أن يسجل اقتصادها خسائر 24.31 مليار دولار، تليها نيويورك 14.83 مليار دولار، ثم مانيلا (عاصمةالفلبين) 13.27 مليار دولار، ثم تايبيه (عاصمة تايوان) 12.88 مليار دولار.
فيما جاءت إسطنبول (عاصمة تركيا) في المركز الخامس مع تحمل اقتصادها خسائر 12.74 مليار دولار، أعقبها أوساكا (مدينة في اليابان) مع خسائر محتملة 12.42 مليار دولار، تليها لوس أنجلوس 11.56 مليار دولار.
وفي المرتبة الثامنة حلت شنغهاي (أكبر مدن الصين من حيث تعداد السكان) 8.48 مليار دولار، تليها لندن 8.43 مليار دولار، بينما جاءت بغداد العراقية في المرتبة العاشرة لتتذيل قائمة أكبر 10 مدن معرضة للمخاطر مع خسائر محتملة في إجمالي ناتجها المحلي قدرها 7.91 مليار دولار.
المخاطر حسب التوزيع الجغرافي
أما على صعيد التوزيع الجغرافي، فإن مدن آسيا هي المناطق الأكثر تعرضاً للمخاطر بنسبة 44%، يليها الشرق الأوسط وأفريقيا بـ18%.
فيما تشغل أمريكا الشمالية وأوروبا 17% و13% على الترتيب، بينما كانت امريكا اللاتينية هي الأقل مواجهة للمخاطر بـ8%.
وهذا ما حذر منه المشرع الاسلامي بكل انظمته وقوانينه واحكامه وافكاره وخطا الاسلام خطوات سريعة لمعالجة هذه الانهيارات ووضع قوانين في كل مجال من مجالات حياة الانسان منها الضوابط والقواعد الكلية التي تحمل في طياتها روح الشريعة الاسلامية وجوهرها الذي يتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية ومنع الضرر والاسراف في الانفاق والتنظيم في الصرف ويقصد ان يعتمد المرء التخطيط الواضح لميزانية والمصروف بما يتناسب إنفاقه، ومراقبة الأمورالمستهلكَة الغير ضرورية والتي ينفق عليها المبالغ المالية.
وهذا الأمر يحتاج إلى ثقافة وتعليم لأنّ اليوم تجتاح الأسواق آلاف السلع الغير صالحة والغير مفيدة، الاعتدال في المعيشة كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا)، والجدير بالذكر قد وردت كلمة الإنفاق في القرآن الكريم (73) مرة، واحتل موضوع الإنفاق مكانه مرموقة في القران الكريم واهل البيت عليهم السلام وان هناك درجات للأنفاق من منظور الامام الحسين عليه السلام حيث قال في إنفاقالمال: «مالُكَ إنْ يكن لكَ كنتَ له مُنفِقاً، فلا تُبقِه بعدك فَيَكُن ذخيرةً لِغَيرِكَ وتكونأنتَ المُطالَب به المأخوذ بحسابه، وَاعَلم أنّك لا تبقى له، ولا يبقى عليكَ فَكُلْه قبلَ أنيَأكُلَك»،
ويذكر ان تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية: "﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْيَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده، فقال: هذاالإقتار الذي ذكره الله عزّ وجلّ في كتابه، ثمّ قبض قبضة أخرى فأرخى كفّه كلّها، ثمّ قال: هذا الإسراف، ثمّ أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال: هذا القوام".
عن الحسين، قال: سمعت رجلاً يقول لأبي عبد الله عليه السلام: "بلغني أنّالاقتصاد والتدبير في المعيشة نصف الكسب. فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا، بل هو الكسب كلّه، ومن الدين التدبير في المعيشة".
اضافةتعليق
التعليقات