تراكمت عتمات الجهل والظلم في ارجاء ذلك الزمن، توارثت ثلة من الرجال سيادة الامة والسيطرة على زمام المدن وملكوا رقاب الناس، دسو بناتهم تحت التراب اعتقاداً منهم بأنهن عار لا مكان له إلا التراب، ضلوا السبيل حتى كانوا كالأنعام او اضل سبيلا، كل ذلك سببه الجهل بخالق الكون وغاية الخلق.
وسط تلك العتمات انار الله تعالى مشكاته السماوية بنور الهي، اقسم بأنه لن ينطفئ ولو اجتهدت البشرية جمعاء على اطفاءه هو النور الذي انزله الى الارض بهيئة اعظم خلقه واحبهم اليه سيد الانسانية محمد صلى الله عليه وآله.
منذ ان خُلق وكل من يقابله ينحني لخلقه العظيم وهيبته الربانية، حينها بُعث رسولا للدين الذي ارتضاه الله تعالى خاتماً للأديان، فكان أول ما أمر به صلى الله عليه وآله: (قولوا لا اله إلا الله تفلحوا) فالأساس الذي اضاعته البشرية هو معرفة الخالق فجعل الفلاح بنبذ كل ما سواه والإقرار بأنه الرب الذي لا شريك له.
منذ تلك اللحظة واذا بالبشر تعود الى انسانيتها، فكل الخلق عبيد الله لا غير، لا سيادة إلا لله تعالى ومن ارتضى من اولياءه الذين لولاهم لما خلقت الدنيا، كُرمت النساء حق تكريم، وهكذا هو النور ينشر اشعته ليُنير العقول والقلوب التي عانت الظلمة سنوات طويلة، حتى اقترب رحيله ومشيئة الله تأبى ظلمة الكون ثانية فنزل الأمر بتبليغ كمال الدين فقال بأن نفسه وخليفته وحامل نوره (علي) فأمر بإتباعه وما الدين الا إتباعه.
رحل وترك سلسة النور بعده تعاني سوداوية التفكير التي خلفتها الجاهلية في قلوب وعقول ثلة كبيرة ارتدت على اعقابها.
لم يعودوا لصنمية الحجار حينها بل عبدوا صنمية بشرية جديدة تعطيهم السلطة وتحكمهم على الأمة.
سلسلة النور مستمرة تقارع تلك العقول التى لم تعد تعرف الله حق معرفته حتى شع في نفس يوم مولد محمد نور حفيده الصادق الذي جاء بهيئة معجزة علمية اخلاقية في زمن لم يَعرف قدره، وقف التاريخ حائراً في وصفه، خر العلم ساجداً عند نعله عله يقتبس من عبقريته شيئاً، تفاخرت العلوم انها انبثقت من فمه المبارك لتنتشر الى العالم.
حاجج مراراً وتكراراً منكرين وجود الخالق الذين كانوا يسعون الى إعادة الناس الى عتمة الجاهلية، ثم اوضح ماتعنيه معرفة الله ببساطة لكل من يريد ان لا يعود الى زمن الجاهلية المظلم.
وبعد ان فجر للدنيا علوم نهضت بالعقول البشرية الى حيث التطور والاختراعات علم تلميذه العبقري (جابر ابن حيان) صناعة الورق المقاوم للنار ليدون علومه الدينية والدنيوية فتصل الى كل باحث، ومن ما دونه و وصل الينا هو حقيقة معرفة الله ولو ان الناس اتبعوا هذا القول لما حل ما حل من ظلم وظلمات.
روي عن الإمام الصادقِ عليه السلامُ أنه قال: "أيُّها الناس إنَّ الله جَل ذكرهُ مَا خَلَقَ العبادَ إلَّا لِيعرِفوهُ، فإذا عرفوهُ عبدوهُ واستَغنَوا بعِبادتهِ عن عِبادةِ مَن سواهُ".
فقال لهُ رجلٌ: يَا ابنَ رسولِ الله ما مَعرِفةُ الله؟
قال عليه السلام: "معرفةُ أهل كل زمانٍ إمامهمُ الَّذي يجبُ علَيهِم طاعتهُ".
وهنا اوضح مولانا الصادق بأن معرفة الله التي قام عليه دين محمد (صلى الله عليه وآله) هو معرفة اولياء الله الذين ارتضاهم سادة للبشر.
ختاماً ندعو بما روي عنه سلام الله عليه:
(اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني).
اضافةتعليق
التعليقات
لبنان2018-11-25