اعتدت ان اجلس مع نفسي في جلسة خاصة في نهاية اليوم، احادثها بما فعلته أسعد منها ان كان يومي سعيدا وقد اغضب عليها ان فعلت ما لا يرضيني، وعند نهاية الجلسة اعدها بجملة من الوعود، وهي الاخرى تعاهدني بتلك العهود، هذا ما افعله كل يوم، ومع مرور الايام بدأت نفسي تهرب من هذه الجلسة وتغويني بالكسل والهرب من الحديث معها، حتى انها تجاهلت العهود والوعود واخذت تفعل ما يحلو لها، من دون الرجوع لي، وانا ايضا تركت لها المجال وشغلتني الدنيا بما فيها، ولم ادرك ما فعلته نفسي, نظرت لوهلة الى سنواتي التي قضت من دون محاسبتها او لؤمها وكيف اصبحت تدير حياتي بتلك الجرأءة والقوة، فتفعل ما ترغب فيه، تجمع الاموال وتعيش بطول الامل ولا تكتفي بالقليل من المال والعيال، زينت لي مفاتن الدنيا من الذهب والفضة، وقربت لي البعيد وبعدت عني القريب فلم اعد ارى غير تلك الملذات واصبحت احلامي كبيرة فلم يعد الدار والمال القليل يكفيني والعافية تقنعني وانما كانت نفسي تلاعبني على هل من مزيد..
ولحظة توقفت عن جمع رغباتها واستوقفت عندها لمحاسبتها، جَلست بِمفردي عَلى تِلك الطَاولة التي كنا نجلس معا انا ونفسي ومعي ورقة وقلم لا أكتب ميثاقها وعهدي لها فهذه المرة سيكون موثق ولا يمكن لأحد ان يخالف ما كتب، تأخرت كثيرا في حضورها او قد تكون حاضرة وغائبة في نفس الوقت، شَدني غيابها الى امور كانت مخفية عندي، وقد غضبت منها كثيرا، تبا لها لجرأتها على سيدها ومولاها فكيف تعصيني وهي من دون لا شيء.
كاد الوقت ان ينتهي وهي لم تحضر وفي سرها الف السؤال وسؤال ربما قَد تَكون عرفت ذنبها ولم تتمكن من مواجهتي فهي التي دفعتني الى بحر الدنيا وغرائزها فهل تتركني عندها، أنتظرت كثيرا.
وعند الانتهاء سمعت همساتها الخافتة وهي تهمس لي انا هنا، من عِادتي أن آتي الى هُنا في هذا الوقت ولكن انت اليوم اتيت مبكرا حتى تسَتعيدي اعمالك وتحاسبيني!، ابكي بحرقة يا نفسي كفي عن هذا واتركيني اعود الى ربي.. متى عرفت ان لك عودة ايها الجسد النحيف بعدما تركت الصلاة بعدما اكلت المال اكلا، لما تعود بأي وجه وماذا تقول اين كنت هذه المدة..
هل قرأت القرآن.. هل دفعت المستحقات الشرعية... كم ليلة نمت فيها من دون ان تقدم شيء كم جمعة مرت وانت فيها كباقي الايام ماذا عن الغيبة.. وماذا عن حق الناس عندك.. كم جنازة مرت بك وانت لم تتعظ.. هل تجد نفسك بين المستغفرين.. أدرت وَجهي لأراها، لم أجدها شهقت وندبت يا ويلي الان تقولين لي ايتها النفس الامارة بالسوء، وان لم يرحمني ربي سأكون من الخاسرين، تبادر في ذهني وقتها دعاء كميل وماذا قال الامام علي عن هوى النفس وفعلتها، تركت الجلسة والندامة تأكل في قلبي كما تأكل النار الحطب، واسرعت نحو مركب التائبين لعلي اجد بينهم منزلا فقلت في ندبة نفسي: اَللّهُمَّ عَظُمَ بَلائي، وَاَفْرَطَ بي سُوءُ حالي، وَقَصُرَتْ بي اَعْمالي، وَقَعَدَتْ بي اَغْلالي، وَحَبَسَني عَنْ نَفْعي بُعْدُ اَمَلي، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها، وَنَفْسي بِجِنايَتِها، وَمِطالي يا سَيِّدي فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أن لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعائي سُوءُ عَمَلي وَفِعالي، وَلا تَفْضَحْني بِخَفِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرّي، وَلا تُعاجِلْني بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ في خَلَواتي مِنْ سُوءِ فِعْلي وَإساءَتي، وَدَوامِ تَفْريطي وَجَهالَتي، وَكَثْرَةِ شَهَواتي وَغَفْلَتي، وَكُنِ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لي في كُلِّ الأحوالِ رَؤوفاً، وَعَلَي في جَميعِ الاُمُورِ عَطُوفاً.
اضافةتعليق
التعليقات