من أصعب اللحظات تلك اللحظات التي يقف الانسان أمام هواه و ما يقوله المعصوم ففي هذه اللحظات قد يسقط كثير من الناس و لا نعرف أي شخص قد يكون ممن سلم و استسلم حقا فقد نرى في صفحات التاريخ هناك من سقط عند هذا الامتحان و خسر خسرانا مبينا و وقف اَمام اِمام زمانه. فمن أشد المواقف ألما عندما عزم مولانا الامام الحسن المجتبى سيد شباب اهل الجنة الصلح مع معاوية : روي أنه لما صار معاوية نحو العراق وتحرك الحسن عليه السلام عليه السلام واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه، صار عليه السلام حتى نزل ساباط، وبات هناك، فلما أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه، ويستبرئ أحوالهم في طاعته، ليميز أولياءه من أعدائه، ويكون على بصيرة من لقاء معاوية، فأمر أن ينادى في الناس بالصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصعد المنبر فخطبهم، فقال: الحمد لله كلما حمده حامد، واشهد ان لا اله الا الله كلما شهد له شاهد، واشهد ان محمدا عبده ورسوله، ارسله بالحق وائتمنه على الوحي. اما بعد، فو الله اني لأرجوا ان أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه، وانا انصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على امر مسلم ضغينة، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، وان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، واني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري ولا تردوا على رأيي، غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا. قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا : ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظن انه يريد ان يصالح معاوية ويسلم الامر إليه، فقالوا: كفر والله الرجل وشدوا على فسطاطه، فانتهبو، حتى اخذوا مصلاه من تحته -. الامام الذي كان يوقره النبي صلى الله عليه وآله و يبين عظمته و علو شأنه وقال في حقه الحسن والحسين سيداشباب اهل الجنة وقال الحسن والحسن امامان قامااو قعدا ولكن كيف كان تعامل الأمة معهم؟ من سمعوا تعظيم النبي صلى الله عليه وآله والتجليل مرارا في حقهما؟! فقد حافظ كريم أهل البيت عليه السلام على بيضة الاسلام و أنقذهم من الذل و الغدرفقد شاهد ضعف الجماعة و عدم قدرتهم على النصرة و تزلزلهم فرأى بأن الصلح مع معاوية انقاذ لأرواح أصحابه الخلص هذه اللحظات التي هي تبين مدى تسليم المرء لامام زمانه لذلك نقرأ في دعاء زمن الغيبة (اللّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلى دِينِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ وَلَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ وَعافِنِي مِمّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ وَثَبِّتْنِي عَلى طاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ ) فالثبات أمر لا يمكن تحصيله بسهولة هناك من سقط رغم عظمته و عبادته فالشيطان من أعظم النماذج عبدالله عبادة مثالية ولكن قال الله جل جلاله و أمره بالاطاعة فعصى و قال لأغوينهم أجمعين و اتبع هواه و وقف أمام ارادة الله كما ورد عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام قال: أمر الله إبليس بالسجود لآدم فقال: يا رب وعزتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها، قال الله جل جلاله: إني أحب أن أطاع من حيث أريد لذلك علينا أن ندقق على هذه النقطة الأساسية و هي التسليم المطلق فقد نظن بأننا في أعلى مراحل العبودية ولكن من حيث يريد أنفسنا و ليس الله سبحانه وتعالى !.
اضافةتعليق
التعليقات