كما الربيع ينفخ نسائمه على الارض لتتنفس طيبه واعتداله، وتنثر الأزهار عطرها متباهية بألوانها الخلابة، بعثه الله ربيعاً لقلوبهم، ليتعطروا بسمو كلماته الدافئة البليغة وتتنفس أرواحهم منتعشة من صدقه وأخلاقه وكرمه، وكما تمد الأشجار اغصانها لتولد أوراقا خضرة نضرة وثماراً تُغري الناظرين...
أزهرت أفكارهم بالعلم والخير وحسن المعشر، فشقوا طريقهم في الحياة على تواترات روحية ربانية، وقطفوا ثمار الصلاح والفلاح والجهاد، وانقشع ضباب الكفر والقسوة من عقولهم كما يقشع الربيع ضباب الشتاء الداكن، فبانت الرؤية صافية والأنفاس مطمئنة راضية، وملأت الأذهان بطيب الجنة وحلاوة الميعاد، وايماناً راسخاً بالله، لا تحطمه الملذات ولا تهزه قرع السيوف.
هل تعرفونه من هو؟؟؟
انه روح الربيع، سيد الكونين والثقلين، حبيب الله وخير خلقه، جد الحسن والحسين (سيدا شباب اهل الجنة)، مؤسس الامبراطورية الروحية التي اخرجت أُمته من الظلمات الى النور، بكتاب الله والحكمة والموعظة الحسنة والاحاديث وجميل القصص، لتبقى تتناقلها الاجيال كالشموع تُضيء حياة المسلمين وتحيدهم عن الخطأ وتوجههم إلى الصواب، صبيح الوجه رشيق القد، كما وصفه الاعرابي والذي كان له مع الرسول (ص) قصة وموقف فبشره الرسول بالجنة.
حين يذكر ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في الطواف، إذ سمع اعرابياً، يقول: يا كريم.
فقال النبي خلفه: يا كريم.
فمضى الاعرابي الى جهة الميزاب وقال: يا كريم.
فقال النبي خلفه: يا كريم.
فالتفت الاعرابي إلى النبي وقال: يا صبيح الوجه، يا رشيق القد، أتهزأ بي لكوني اعرابياً؟
والله لولا صباحة وجهك ورشاقة قدك لشكوتك إلى حبيبي (محمد صلى الله عليه وآله وسلم)..
فتبسم النبي وقال: أما تعرف نبيك يا أخا العرب؟
قال الاعرابي: لا.
قال النبي: فما ايمانك به؟
قال: آمنت بنبوته ولم أره وصدّقت برسالته ولم ألقه.
قال النبي: يا إعرابي، اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الآخرة.
فأقبل الاعرابي يقبل يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقال النبي: يا أخا العرب، لا تفعل بي كما تفعل الاعاجم بملوكها، فإن الله سبحانه وتعالى بعثني لا متكبراً ولا متجبراً، بل بعثني بالحق بشيراً ونذيراً.
فهبط جبريل على النبي وقال له: يا محمد: إن الله يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام ويقول لك: قل للاعرابي، لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا، فغداً نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقطمير.
فقال الاعرابي: أو يحاسبني ربي يا رسول الله؟
قال : نعم يحاسبك إن شاء.
فقال الاعرابي: وعزته وجلاله، إن حاسبني لأحاسبنه.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخا العرب؟
قال الاعرابي: إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته، وإن حاسبني على معصيتي حاسبته على عفوه، وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه.
فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى إبتلت لحيته، فهبط جبريل على النبي، وقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد قلل من بكائك فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم وقل لأخيك الاعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه فإنه رفيقك في الجنة.
اللهم احشرنا مع محمد وآل محمد (ص) واجعل ربيع قلوبنا وأُنسنا في الدنيا كتاب الله والكلمة الطيبة والعمل الصالح إنك سميع مجيب.
اضافةتعليق
التعليقات