ما بين حشود الزائرين هناك خطوات رسمت بمسيرها عشقاً أبياً لأبي الأحرار فالأقدام تنطق قبل الفم أحياناً, وها هنا ثلةٌ من كبار وصغار وشيوخ ونساء فقدوا نطقهم وسمعهم إلا حبهم للحسين بقي يعلو ليصل عنان السماء، إنهم موكب الصُم الموحد احتضنتهم راية الحسين (عليه السلام) من أجل تقديم أفضل الخدمات للزائرين، التقتهم (بشرى حياة) لتشاركهم أجر هذه الخدمة في موكبهم..
طف كربلاء
لقد جمع طف كربلاء الكثير من الدول ولاسيما مدن العراق إذ توحدوا جميعا تحت راية الحسين (عليه السلام) كما ساهمت العتبة الحسينية المقدسة بهذا الجانب في مشاركة مميزة تحت اشرافها خلال انشاءها موكب موحد جمع فئة الصم من كل مدن العراق.
موكب الصم ينادي يا حسين لأبي الفضل اتينا زاحفين
ونواسي اليوم زينب بلسان الوجد ننحب
فأسمعي سيدتي هذا الانين واعذرينا إن هتفنا صامتين
هكذا كان شعارهم يتوسط موكبهم الذي يسير بين الحرمين الشريفين للمشاركة في مواكب العزاء, حدثنا (أحمد كريم) أحد المرتجلين بمحاذاة الموكب قائلا: في عاشوراء تضرب الصدور وتُقرع الطبول وتنشر الرايات بألوان العزاء ودم الشهادة ايذاناً للحزن وتتعالى أصوات المعزين "لبيك يا حسين" تلبيةً لنداء ألا من ناصرنا ينصرنا, لكل موكب لمسة حسينية من حيث ما يقدمه لينالوا القائمين عليه شرف الالتحاق بركب الحسين(عليه السلام) ومن بين تلك المواكب تميز هذا الموكب برسالة عشق ترجم شعاره بلغة الاشارة, وأنا أسير بالقرب منه والمشاركة معهم انتابني شعور أن خلف صمتهم قلوب تتلظى عشقا بالحسين (عليه السلام) فهنيئا لهم هذه الخدمة.
ثم انتقلنا للقاء القائمين على الموكب فأومأ لنا أحد منتسبي المركز ورئيس جمعية (فيض الحنان للصم في كربلاء) صالح مهدي حسين بإشارات أوضحها لنا المترجم الذي رافقنا الجولة: إن بوابة سفينة النجاة مفتوحة هذه الأيام ونحن اجتمعنا تحت كنفها يربطنا هدف واحد وهو احياء نهضة الحسين (عليه السلام).
وأضاف: إن مهام الموكب تنقسم على الجميع حسب رغبتهم إذ نسعى بالدعم اللوجستي وجمع كل المشاركين من فئة الصم للمساهمة في هذه الخدمة المباركة.
فيما شاركنا الحديث فلاح صلال خلف من منتسبي المركز أيضا ورئيس جمعية
(اور للصم في ذي قار) تعرفنا على اسمه من خلال المترجم استهل حديثه قائلا: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) ما نقوم به هو من أسمى وأجل شعائر الله لأن الامام الحسين (عليه السلام) سر من أسرار الوجود, وليومنا هذا لم نعرفه ونكتشفه الكل متأثر في قضيته من كل فئات الأعمار رجال ونساء والذي ينتقد هذه الشعائر مسكين ومستكين.
وعن عمله في الموكب أوضح لنا بالإشارة: بأنه يساهم في كل الأعمال كما يشاركه في ذلك المتطوعين حبا لخدمة الزائرين.
ومن جانب آخر بينّ لنا المترجم حديث قصي محمد ساهي رئيس جمعية بغداد للصم: إن ما نوضحه بهذه الشعائر هو بالوصف القصصي والعملي الذي يكون أكثر تأثيراً وأكثر ايقاعاً في النفوس, وعلى سبيل المثال نلاحظ أن نبي الله ابراهيم عندما حطم الأصنام وأبقى على واحد منها سأله قومه من فعل هذا بآلهتنا؟ أجابهم اسألوا كبيرهم إذ أراد بذلك بالدليل العملي أن يبين خطأهم وبيان العقيدة الصحيحة لهم, فقضية الامام الحسين (عليه السلام) تتطلب الجانب القصصي والجانب العملي ولهذا سعى أسلافنا إلى ترسيخ واقعة الطف في ذاكرة التاريخ من خلال المواكب الخدمية والعزائية وغيرها من الطقوس.
وأعرب عن سعادته بتأسيس هذا الموكب الذي يعده خيمة حسينية جمعت كل فئات الصم ليتوحدوا بهتاف من القلب: لبيك يا حسين.
إدارة المركز
وكان لـ (بشرى حياة) هذه الوقفة مع مدير مركز الامام الحسين التخصصي للصم خبير ومدرب لغة الاشارة باسم العطواني ليحدثنا عن فكرة انشاء الموكب وبداية تأسيسه استهل حديثة قائلاً: بادرت العتبة الحسينية المقدسة بخطوة مشرفة لمشاركة هذه الفئة في قضية عاشوراء وذلك لتعزيز ذاتهم وعدم الشعور بتهميشهم من قبل المجتمع.
إذ بدأت المساهمة بتأسيس موكب الصم والبكم عام ( 2015) من خلال تقديمنا لمقترح إلى إدارة المركز بإقامة مجالس عزاء في وفيات وولادات المعصومين (عليهم السلام) الهدف منها هو تثقيف الأصم بحياة أهل البيت وقد بارك المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة هذه الخطوة وذلك من أجل ترسيخ مفاهيم القضية الحسينية الخالدة فأصبح الموكب تحت إشراف مركز الإمام الحسين (عليه السلام) التخصصي للصُم وهو الكفيل له, كما يشارك من خلاله كل الصم في محافظات العراق.
وعن الخدمات التي يتولاها الموكب قال العطواني: يتم تقديم الخدمات أسوةً بباقي المواكب الحسينية, ويتم التعامل مع الزائرين بلغة الإشارة فضلاً عن وجود مترجمي لغة إشارة ضمن خدمة الموكب.
ويُشارك في الموكب أعداد كبيرة من الصُم من كافة المحافظات العراقية بدون استثناء ويتم أيضاً تنظيم موكب عزاء زنجيل موحد لهم.
ويرافقهم ثلة من مترجمي لغة الإشارة وكوادر مركز الإمام الحسين (عليه السلام) التخصصي للصُم.
ولا تقتصر المشاركة بالخدمة وإنما تُقام مجموعة من مجالس العزاء داخل المركز وفي مواكب الصُم القادمين من المحافظات, حيث نذهب إلى مواقع المواكب وبصحبتنا خطيب من قسم الشؤون الدينية لإلقاء المحاضرات عن واقعة عاشوراء وتعليمهم بعض الأمور الفقهية من الأمور الابتلائية مثل (المطهرات, المنجسات, أصول الدين,....... ).
مشاركات مميزة
كما كانت هناك مشاركات مميزة للعطواني بجهود محفوفة بالولاء في هذه المراسيم وهي القاء المحاضرات وقصائد الرثاء وغيرها بلغة الاشارة لجميع الحاضرين.
كما تولت العتبة الحسينية المقدسة كافة التكاليف المالية التي يقدمها الموكب من خدمات للزائرين وخصوصاً في الزيارة الأربعينية.
وهكذا نرى الجميع ارتشف حُب الحسين فإن حبه لعاشقيه فراتُ.
اضافةتعليق
التعليقات