التسويق ذلك المفهوم الذي يضم بين جنبيه مجموعة من الطرق بقصد تحقيق ما يريده المسوق، وهناك من يسوّق منتجاته وآخر أفكاره وهذا أخطر أنواع التسويق والذي يحتاج إلى دراسات وتخطيط منتظم وفهم حاجة المقابل الذي تريد أن تسوّق له وتجعله يشتري أفكارك ويؤمن بها بل يتبناها وقد يكون مسوّق آخر تستفاد منه.
الآن في زمن العولمة سوق الأفكار جدا رائج والتقبل متوفر وبسهولة لكن ما يحتاجه أي فرد هو أن يدرس ويخطط طريقة إيصال الأفكار للمقابل ويجعله يؤمن بها دون الحاجة لأي تعب.
المسوّق الأول لما يريد هو الله عز وجل وطريقة تسويقه ناجحة، بالرغم من كونه القادر على كل شي لكنه لم يستخدم تلك القدرة للإجبار على ما يريد فحتى أنبيائه وآياته لم يجبروا أحد بل كانت لهم طرق اقناعهم، فلو كل شخص أذنب أو أخطأ وجّه الله له ضربة قاضية لما بقى أحد على هذه الأرض، بل اتبع نظام القوانين والعقاب والثواب، والتشويق، والعطايا والمنن وغيرها.
معتمدا في ذلك على ظروف وحاجة الأنسان حتى في اختيار معجزاته وأنبيائه وطريقة إيصال الفكرة، فلو نتأمل حاجة قوم موسى عليه وعلى نبينا السلام كانت السحر والغيبيات، والعرب كانت لغتهم التي يعتزون بها، اختصارا لذلك الله خاطب كل قوم على قدر عقولهم ورغباتهم وهذا ما يحتاجه المسوّق للأفكار.
في عصرنا اليوم نقدم الدين بالطبق الذي كنا نقدمه قبل مئة سنة أو أكثر ونريد جيل التكنولوجيا والتطور والحريات المغلوطة أن يُسلم عقله الثعلبي بيد الدين تسليم ذاك الذي يقبع في عشرينيات القرن الماضي فما النتيجة، نفور منه وسخط عليه بسبب المتصدين لتسويق الدين وطرقهم التقليدية، فكانت الفرصة سانحة لغيرنا لنفث أفكارهم كونهم يحلوون ويدرسون طرق التعامل مع مجتمعنا وطريقة الولوج إليهم، فمن عدم التمسك بمفاهيم الدين وإلى العلمانية والشيوعية ثم الإلحاد والتجاهر به.
الأساليب التدريجية والتشويق والمغريات التي قدموها فاقت طرق الدين، فالنصر كان حليفهم في السيطرة على أفكار وعقول الجيل الحالي، فيعملون على الفرد من صغره من أفلام الكارتون إلى الأفلام والمسلسلات ثم الكتب فما نرى إلا والفرد منساقا لأفكارهم مسلما لهم كونهم يجيبون عن جميع أسئلته بصورة مباشرة.
بذلك يخرجون من دوامة الحيرة والشك الذي يحيطهم اليوم ليريحوا عقولا سيطرت عليها اطباق المغريات المدروسة من خلال أسئلتهم القاصدة للتشكيك في الدين.
لنضرب مثلا لو سأل طفلٌ ما عن وجود الله وعدم رؤيته ماذا يكون رد العائلة؟ التوبيخ أو التأجيل وقد تكون أجوبة تعقيدية لا يستطيع الطفل استيعابها، غير ذلك لو سأل الطفل عن طريقة قدومه للحياة سيوبخ لأن ذلك عيبا فيسأل أصدقائه ويسأل الانترنيت وتكون العواقب وخيمة.
هذا الجيل السؤول والمفكر يفرض علينا تغيير طريقة طرح الدين وأعطائه له بشكل عملي أكثر مما هو مجرد كلام تقديمه له بتقنية حديثة بوسائل أكثر سهولة بما موجود حوله في العالم، من داخل تجاربه وطريقة تفكيره، مسؤولية تسويق الدين هو مسؤولية عامة على عاتق كل فرد كونه يمثل عائلة ومسؤولية أهل الدين خاصة كونهم يحتاجون أولا لنمذجة أنفسهم ثم التفكير بطرق حديثة تلائم حاجة الفرد التكنولوجي قبل ألا نسيطر على زمام الأمور ويذهب المجتمع إلى الهاوية.
اضافةتعليق
التعليقات