روي عن رسول الله (ص) أنّه قال: أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تمسك بنا اتخذ الى ربه سبيلا. ولمّا سئل أبا عبد الله (ع) عن هذه الشجرة (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)، فقال: رسول الله أصلها، وأمير المؤمنين فرعها، والأئمة من ذريتهما أغصانها، وعلم الأئمة ثمرتها، وشيعتهم المؤمنون ورقها..
إن أهل البيت (ع) آيات الله في كل شيئ، فهم المثل الأعلى ومصابيح الدجى، وإن تخبّط الانسان في ظلمات الفتن التي هي كقطع الليل المظلم في زمننا هذا فمالهُ إلا أن يتمسّك بغصن من أغصان هذه الشجرة المباركة.
وكل أغصان هذه الشجرة مُنجية وترفع اللائذ بها الى خير الدنيا والاخرة، إلّا أن لكل غصن ولكل إمام ميزة اختصّها الله به، قد تكون لصفة غلبت عليه كالكرم وكظم الغيظ والرضا..... وقد تكون كرامةً من الله له تعويضاً عما قاساه في حياته، فكان كل واحد منهم باباً أراد الله منّا أن نسلكه عندما يقع أحدنا في ظرف عاشه قبلاً أحد الائمة الكرام ونجحوا في ذلك الابتلاء، وعلى سبيل المثال من المستحبات أن نذكر الامام الرضا في الاسفار وهو الامام الذي سافر عن وطنه ودفن في الغربة، وكذلك أن نتوسل بالامام زين العابدين لشفاء كل مريض وهو عليل كربلاء وهكذا مع كل إمام وولي صالح.
ولأنّ الامام محمد الجواد قد استشهد وهو لم يناهز الخامسة والعشرين بعد فقد كان بحق عَلَماً يهتدي به كل من كان في نضارة العمر و ريعان الشباب.
جواد الأئمة.. نبراس الشباب
يقول سقراط: لا شيئ صعب بالنسبة للشباب!. ويقول أرسطو أيضا: يسهل خداع الشباب لأنهم يستعجلون الامل.
وهذه المقولات حقائق علمية وواقعية أكثر مما هي حِكم أتتنا من فلاسفة اليونان، فالشباب ثروة وطاقة ومستقبل كل أمة يتوقف عليهم سلبا أو ايجابا..
ونتيجة ذلك فإننا نلاحظ أنّ كل ثورة علميّة أو اجتماعية أو حتى سياسية قد أشعلها الشباب، وبتعبير أدق كان حطبها الشباب فهم في كثير من المواقع باتوا عود كبريت بيد دول ومؤسسات كبرى استغلّت فورة وحماس واندفاع هذه الفئة العمرية في كل شيئ.
وفي ذات الوقت نرى من جانب آخر أن الكثير من شباب اليوم بلا شوكة وبلا عمل وبلا بصمة،
وباتوا هنا ناراً لكنها تحرق الكبد!!
فتحوّلوا الى قطيع من (البهم) يسهل ركوبه وقيادته الى أي غاية، وهو تعبير قاسي لكنه واقعي كما صوّره أمير المؤمنين: "كالبهيمة المربوطة، همّها علفها..".
وبين الصورتين المتطرفتين يضيع الشباب وتضيع الاجيال من بعدهم، فأولاد اليوم هم آباء الغد وبنات اليوم هنّ أمهات الغد..
تلك أمراض ابتلي بها شباب اليوم وعلاجها لا يخفى على أحد، بالايمان والعمل وبرفع المستوى الفكري والذهني وزيادة الشعور بالمسؤولية وبغربلة تلك الوجبات الثقافية السريعة الاتية من الغرب نستطيع أن ننفض تراب الجهل والكسل عن شبابنا.
ولكن كل ذلك يحتاج الى بوصلة أولاً ومن ثم الى خريطة عمل للعودة الى جادة الصواب، ولأنّ مادتنا هنا الشباب فسوف تكون كلمات "شباب الائمة" إحدى العلاجات لهذه الامراض، فيقول (ع): المؤمن يحتاج الى ثلاثة أمور: توفيق من الله، وواعظ من نفسه، والقبول ممن ينصحه.
كلمات قد يراها البعض بسيطة، لكنها وسيلة لتحقيق كل هدف و دواء ناجع لكل مرض، فيبيّن الامام أن احتياجاتنا تتحقق على ثلاثة محاور وهي: ارادة وتوفيق من الله أولا، فحري بنا قبل كل شيئ أن ندعوا الله ونطلب منه المعونة بإخلاص فالنية اهم شيئ، ويعضد ذلك حديث الامام الجواد (ع): القصد الى الله تعالى بالقلوب أبلغ من اتعاب الجوارح بالأعمال.
ومن ثم يأتي المحور الثاني وهو ذات الانسان ونفسه "فداؤك منك ودواؤك فيك"، وأخيرا الاستعانة بتجارب وخبرات الاخرين وقبول نصائحهم.
وكل ذلك يسهل على الشاب فلا شيئ صعب بالنسبة اليه كما ذكرنا، وقد تركنا الامام الجواد وهو لم يزل غصناً يانعاً على شجرة صلبة امتدت جذورها عميقا الى الارض وكل ذلك يعتبر مقومات قوية لتزهر الاوراق من بعدهم وتكون بنفسجاً فوّاحاً!.
اضافةتعليق
التعليقات