في دروب الشوق تتفانى الانفس وتصبح نفس واحدة تمد أكفّ الراحة وتفترش الرموش وتصبُّ الدموع لسقاية محبي المحبوب، وتتفايض المشاعر لتحتضن تعب الزائر بأيدي منهكة، تجسد أوج تعابير الإخلاص والتعاون وتمثل أسمى معاني البذل والعطاء، كرمهم أخجل الكرم فلا يكون اسم لحاتم في قبالهم، من جوعهم يشبعون الزائر ومن عطشهم يسقونه.
نساء تركن بيوتهن لما يزيد عن عشرة أيام ليسكن في حسينيات أو خيم ومعهن الأطفال، نزحوا عن الراحة وأختاروا التعب وهم فرحون بما رزقهم الله من خدمة للحسين (عليه السلام).
تقول بتول حسين من موكب غريب طوس محافظة الناصرية: نأتي من 8 صفر الى يوم الاربعين، نقضي هذه الايام ونحن نجهز شتى صنوف الراحة للزائر من تنظيف وتجهيز الفراش والملائم وحتى تحضير الطعام، ننتظر هذه الأيام لحظة بلحظة ونودعها بالدموع ولطريق العودة غربة ودمعة حارقة نتمنى أن لا تنتهي هذه الأيام.
اما الحاجة أم ناصر في عقدها الخامس تقول: في المنزل لا استطيع حتى أن أرفع غطائي أما هنا فالحمد لله أقوم بشتى الأعمال ببركة الحسين ولا أشعر بالتعب.
أما الاخت نور حسين فكانت لها كلمة معبرة: الترحيب بالزائر بالكلمة الطيبة والخلق الحسن هو المنهج الذي تعلمناه من ثورة الحسين عليه السلام والسيدة زينب التي أثبتت لنا الاحترام بالمحافظة على العفة والحجاب وبكلمة الحق امام السلطان الظالم، ومثلت لنا أروع صور القيادة للمرأة الاسلامية، ومن هذا فحري ببناتنا وشاباتنا ونسائنا الاقتداء بهذه الاسوة المثالية حتى نصحح مسيرنا بمسيرها.
أما ام أمجد من موكب البصرة فتقول: نحن نحضر اغلب المأكولات من بعد العاشر من محرم حيث تجتمع النسوة ويتحضرن للعمل او كل واحدة من دارها تحضر ما عليها وكل ما موجود هو من صنع أيدينا، الدبس بنوعيه الاسود والابيض وصحون (الخوص) والمخللات والالبان والحليب، فضلا عن التمر المحشي بالبسكويت، فضلا عن قيامنا بعمل عدد من المعجنات كالكيك و(المريس) وال(الجرك) وطبعا الخبز الحار، نأتي من البصرة من يوم 11 صفر الى يوم الاربعين، في يوم الاربعين لا نستطيع أن نذهب للزيارة بسبب الازدحام لذلك نجلس في الخيمة ونقرأ الزيارة ثم نقوم لنشد رحيل العودة بالدموع.
الحسين منبع العطاء وخدامه غرفوا من ذلك المنبع ليبذلوا الغالي والنفيس في سبيله.
اضافةتعليق
التعليقات