الايمان بالله تعالى يُبنىٰ على اسس وقيم معينة لا يكون الايمان تاماً إلا بوجودها ومنها التوكل المطلق على الله تعالى في كل الأمور وحين يصل المؤمن الى درجات التوكل السامية يكون قد اصبح مسلماً لله ونبيه واهل بيته متيقناً بأن تدبير أمر العباد في الحياة والممات بيدهم فهم قطب الرحى وأعلى العلى وسادات الدنيا والآخرة.
فعن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله انه قال: "اذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي ابن ابي طالب عليه السلام وذلك قوله تعالى
"وقفوهم انهم مسؤولون".
وإن اردنا ان نتعمق بمعنى التوكل بإمكاننا ان شرحه بأنه اعتماد الانسان على الله في جميع الأمور وتفويضها إليه والإعراض عمن سواه من الخلق لحاجاته، "ومن يتوكل على الله فهو حسبه".
وينبعث التوكل من قوة الايمان وشدة القلب واليقين بتدبير الله تعالى وعدم التأثر بالمخاوف والتأثيرات الدنيوية فهو باعث لعزة النفس ويعتبر من سمات المؤمنين وصفاتهم الاساسية مغنيهم عن استعطاف المخلوقين، وليس معنى التوكل ان يغفل المؤمن عن الاسباب والوسائل التي تحقق المنافع والامن والخير وتدفع المضار والأزمات انما هو ان يثق بالله عز و جل ويركن اليه دون غيره ايماناً منه بأنه هو مسبب الخير مصرف امور العباد وهو من يقول كن فيكون مع علمه بأنه عرضة لمصائب مفاجئة ومشاكل مضنية ونوائب مهددة للحياة وكاسرة للقلوب، "قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
والتوكل غالبا ما يكون على درجات متفاوتة اعلاها توكل الانبياء والاوصياء والاولياء الصالحين كما فعل امير المؤمنين عليه السلام حين مبيته في فراش النبي صلى الله عليه وآله غير مبالٍ بمصيره، ثم بعدها يأتي عامة الناس واختلاف توكلهم بين قوته او عدمه كلُّ حسب عمق ايمانه ورقي نفسه وجلادتها.
نتيجة وصول المؤمن الى اسمى مراتب التوكل على الله هي ان يصل الى الرضا بقضاء الله وقدره دون اعتراض وتلك منزلة رفيعة لا ينالها الا المؤمنون الحق، ومن أجمل ما قيل في التوكل ما نسب لأمير المؤمين عليه السلام..
"رضيت بما قسم الله لي وفوضت امري الى خالقي
كما أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي".
اضافةتعليق
التعليقات