مليئة هذه الحياة بالفرص الجميلة، ولكنها تحتاج في المقابل إلى مستثمر واع بمفاهيم هذه الفرص وأثرها في مستقبله مع الأيام، لذا استغلوا هذه الفرص بنجاحاتكم.
كلنا نعرف قيمة الفرصة بعد أن تضيع، ونحاول اقتناصها عندما تصبح بعيدة عن متناول اليد.. ونتمنى عودتها من جديد، لعلنا نعوض عما فاتنا منها، ولكن أصحاب المبادرات هم الذين يوفقون لاقتناصها في الوقت المناسب ولذلك فإنهم وحدهم المنتفعون بها دون غيرهم.
والفرص تأتي متنكرة، وتذهب ساخرة.. وهذا هو السر وراء تضييعها من قبل الكثيرين.
تسمع بعضهم يقول: «كنت أعرف، ولكنني لم أكن واثقا ... » أو يقول:«لم أكن أتوقع أن تفوت مني بهذه السرعة».
وهذا هو الفرق بين من يستغل الفرصة في وقتها المناسب، ومن يركض وراءها بعد أن تطير من يديه.
فصاحب المبادرات يقفز على الفرصة، كما يقفز الطير على الحب..
أما غيره، فينتظرها لكي تأتيه في حضنه، ولا شك أن الفرص عزيزه النفس فهي لا تبالي بمن لا يبالي بها.
وعلى كل حال لا بد قبل كل شيء من معرفة خصائص الفرصة وهي كالتالي:
أولا: الفرص تأتي ضبابية، غير واضحة المعالم.
ثانيا: إنها لا تبطئ فالزمن ليس في مصلحة من يريد اقتناصها، (انتهزوا فرص الخير، فإنها تمر مر السحاب).
ثالثا: إنها تأتي متكافئة، فهي متساوية للجميع، واقتناصها متاح لكل الناس، وكما يقول المثل فإن الفرص تقرع كل الأبواب، ولكنها قد لا تجد أحدا في الداخل.
رابعا: إنها بعد أن تذهب لا تعود الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود.
ولكي تصيد الفرصة قبل أن تضيع فلا بد من الأمور التالية:
أولا: الاستعداد المسبق.
فالفرص كسحابات الصيف غنية بالمطر، جميلة في المنظر، ولكنها سريعة في المسير فمن أراد منها الماء فلا بد أن يبادر قبل أن تأتي السحاب فيهيئ وسيلته، متطلعا نحو الأفق، منتظرًا أخباره فإذا هطل المطر كان له النصيب الأوفر، أما من يبحث عن الوسيلة، بينما السحابات تمر فوق رأسه، متثاقلا في حركته فإنه يضيع على نفسه أمرين: الوقت والمطر. ترى لو أنك كنت صيادا فماذا تفعل؟
ألا تهيئ الوسيلة أولاً ثم تنتظر انت الفريسة؟
أم ترى أنك تنتظر الفريسة ثم تبحث عن الوسيلة لصيدها؟
إن الفرق بين الناجحين في اغتنام الفرص والفاشلين في ذلك ليس في أن الناجحين يجدون فرصاً، والفاشلين لا يجدونها، بل إن الناجحين أسرع من الفاشلين في الاستعداد.
لقد سئل أحد كبار الأثرياء من الذين يعملون في العقارات والعملات: كيف تنجح في السوق وغيرك يفشل فيه؟
فقال: «أنا أدخل في السوق حينما يكون غيري لا يزال مترددا منه حينما يكون قد قرر غيري الدخول، فأحصد أنا النجاح ويحصد هو الفشل....».
وقد تسأل كيف لي أن أستغل الفرصة، إذا لم تكن صورتها واضحة، ولم أكن واثقا من أنها فرصة؟ وأقول لك صحيح أن الفرصة ضبابية وغير واضحة المعالم، إلا أن الظروف المحيطة بها تكفي للكشف عن هويتها.. والمهم أن تفهم تلك الظروف مسبقا، وأن تكون على أهبة الاستعداد لاقتناص الفرص فيها... فإذا كنت ممن يهتم بالمطر مثلا، فإن تاريخ اليوم، وإرهاصات الأجواء، والتنبؤات تجعل احتمال المطر واردا فإذا أنت أعددت عدتك كاملة.. فمع أول بقعة في السحاب من السماء تضع العدة من أجل استغلال المطر في موضع التنفيذ، أما إذا لم تأخذ الإرهاصات والتنبؤات، وسوابق اليوم بعين الاعتبار ولم تستعد فإن الحساب يأتي، ويمطر ويمر، وأنت تبحث عن العدة لاستغلال المطر .. إنك حتمًا لن تخسر بالاستعداد المسبق شيئاً، مع قطع النظر عن النتائج؛ فلربما لن يأتي السحاب، أو لن تمطر السماء فما ضيرك ؟
أما إذا لم تكن مستعدا سلفًا فإن الفرصة سوف تفوتك، وهي إذا فاتت فلن تعود.. اجعل زمان رخائك، عدة لأيام بلائك.
ثانيا: القفز على الفرصة، حينما تأتي من دون تأخير.
إن الفرص لا تبالي بمن لا يبالي بها، وهي لا تتكرر، ولا يمكن الاستنساخ عنها بأي شكل من الأشكال.
وهذا يعني أن عليك أن تتصرف تجاه الفرصة، وكأنها الأخيرة، ولا مجال لتكرارها.. لأن الفرصة عادة هي هكذا فهي لا تعود... ولا شك في أن "إضاعة الفرصة غصة لأن الفائت لا يدرك لحاقه".
فإذا رأيت شبح الفرصة فبادر إليها، ولا تنتظر إلى أن يتحول الشبح إلى كتلة، وإلا أضعتها.. وعندما تضيع فإنها لن ترحم، حتى تعود إلى من تجرع غصة ضياعها..
وفي الحقيقة فإن كل الناجحين في التاريخ كانوا ممن يعرفون متى، وكيف يستغلون الفرصة.
فأخذ زمام المبادرة هي استراتيجية كل الناجحين، وهم لا يمتنعون عن المغامرة لذلك.. ولكن المغامرة إذا نجحت يكون فيها ما يكفيهم... فمن الخطأ أن ينتظم الإنسان عندما تلوح الفرصة في الأفق حتى تفوت، أو يستغلها الآخرون، ثم يحاول أن يتعقب ما فات. فالذي يفوت يؤت، وما يذهب لا يعود، والفرصة التي تطير لا تترك وراءها إلا غير الحسرات.
ويقول آخر ((من الخرق ترك الفرصة عن الإمكان)) ومن أخر الفرصة عن أولها فليكن على ثقة من فوقها لأن من قعد عن الفرصة أعجزه الفوت.
اضافةتعليق
التعليقات