حين خرجنا إلى هذا العالم، كانت عقولنا فارغة كقرص كمبيوتر صلب لم توضع به معلومة واحدة بعد.. بمضي الأيام.. يخزن هذا القرص الصلب المعلومات من العالم الخارجي.. من الوالدين - المدرسة - المجتمع - وسائل الإعلام، الأصدقاء ومن تجاربنا الشخصية.
هذه المعلومات التي يتم تخزينها (حتى آخر يوم في حياتك) تقوم ببرمجة عقلك كي يرى العالم بطريقة معينة.
ما أريد أن أقوله لك هو:
أنت ترى العالم في ضوء برمجتك السابقة، في ضوء تجاربك الشخصية التي مرت في حياتك.
لماذا لا يفكرون مثلي؟
هل كنت تتمنى أن يكون والديك شريك حياتك زملاءك - أصدقاءك، يفكرون مثلما تفكر؟
هل كنت تتمنى أن يروا ما تراه صوابا ويوافقونك الرأي دوما؟
من المثير أن أقرب الناس إليك لديهم - في الكثير من الأحيان آراء مختلفة عنك.. وهو ما يصيب الارتباك.. لماذا تسير الأمور بهذا الشكل؟ لو كانوا يفكرون مثلنا لكانت الحياة أفضل!
لكن ألا تتفق معي أن هذا طبيعي؟ أعني.. أليس بديهيا، أن يختلف الناس عنك في آرائهم حتى أقرب الناس إليك؟
هل تعرف لماذا؟
فكر في الأمر..
هذا الشخص الآخر، تربى تربية مختلفة، تعلم تعليما مختلفا، صادق أناسا مختلفين عمن عرفتهم، مر بتجارب شخصية صنعت شخصيته ربما تختلف عما مررت أنت به.. شاهد برامج تليفزيون حل الخلاف مختلفة.. تعرض لظروف مختلفة عما تعرضت له.. دعك من أنه من جنس آخر أساسا، لو كنت تتحدث عن شريك حياتك. إذن فمن المنطقي ألا يكون مثلك !
أليس كذلك؟ ليس هذا فقط.. بل خذ عندك هذه المعلومة المثيرة: شاهدت في أحد الأيام حلقة من حلقات البرنامج التلفزيوني الأمريكي الشهير (۲۰-۲۰).. وكان موضوع الحلقة عن التوائم الملتصقة..
لم تكن عن التوائم الملتصقة الذين تم فصلهم في طفولتهم بل التوائم الملتصقة الذين كبروا وبلغوا ونضجوا وهم لا يزالون ملتصقين.. كيف يفكرون؟ كيف يعيشون؟
من المذهل، بعد عشرات اللقاءات مع هؤلاء التوائم حول العالم.. تبين أن لكل شخص منهم شخصية مستقلة عن الآخر.. وبرامج مفضلة ونزهات مفضلة.. تختلف كلياً عن الآخر!
هذا رغم أنهم - حرفيا بكل ما تحمله الكلمة من معان - يعيشون سويا في كل لحظة يأكلون ويشربون معا.. ينامون ويستيقظون معا يدخلون الحمام يستحمون يخرجون للتسوق ويتنزهون.. يقضون كل شيء معا ولم يفترقا طوال حياتيهما...
ورغم كل هذا يختلفون، انظر إلى نفسك.. كيف تفترض بعد أن سمعت هذا ألا يكون شريك حياتك أو سواه مختلفا عنك؟
الناس يختلفون.. لأن الاختلاف جزء من طبيعتنا أساسا الاختلاف خلاف؟، من أهم أسباب المشاكل التي تحدث بيننا.. أننا نفترض أن الآخر يرى العالم كما نراه نحن.. فمن هنا تحدث الخلافات والصدامات والصراعات.. وتتساءل لماذا هم أغبياء إلى هذا النحو؟.
اضافةتعليق
التعليقات